تواصل الحكومة المصرية تحركاتها من أجل تنفيذ برنامج الطروحات الذي أعلنت عنه في فبراير الماضي، الخاص بتخارج الدولة من عدد الشركات وتركها أمام القطاع الخاص للاستثمار فيها بهدف تحقيق أكبر قدر من السيولة الدولارية قبل نهاية يونيو الجاري.
مصر لن تلجأ لتعويم الجنيه
وتخرج من حين إلى آخر تصريحات كثيرة تتعلق بالوضع الاقتصادي في مصر، وقيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، ولجوء مصر لخفض جديد للجنيه المصري مقابل "الأخضر الأمريكي"؛ من أجل جذب مزيد من رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية لتحقيق السيولة الدولارية المطلوبة.
وناقش رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، مع أعضاء المجلس الاستشاري الاقتصادي، عدداً من المقترحات لدفع وتحفيز مناخ الاستثمار، ما يسهم في تهيئة بيئة العمل لجذب وتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
وعلى عكس التوقعات وما يصرح به من قبل الخبراء والمحللين حول الوضع الاقتصادي في مصر، خرجت علينا مؤسسة "سيتي جروب" الشرق الأوسط، وأكدت في تصريحات إيجابية جديدة لها حول العملة المحلية "الجنيه"، أن مصر لن تلجأ مرة أخرى لتعويم الجنيه أو خفض الجنيه مقابل الدولار.
وحسب تصريحات نقلتها عن وكالة “بلومبرج” الأمريكية، تتوقع أن مصر سوف تقوم بتأجيل قرار التعويم، حتى سبتمبر المقبل.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء في وقت سابق، إن الحكومة تستهدف جمع ملياري دولار من برنامج الطروحات الحكومية قبل نهاية شهر يونيو، وذلك ضمن برنامج الطروحات الحكومية والمتفق عليه مع صندوق النقد الدولي بعد الحصول على تمويل من الصندوق.
وبالفعل بدأت الحكومة المصرية في بيع حصص الشركات، ففي الشهر الماضي، باعت الحكومة حصص في عدد من الشركات، منها حصة في شركة باكين، وحصة في شركة المصرية للاتصالات، كما أعلنت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، طرح 20% من شركة بورسعيد لتداول الحاويات في البورصة.
تأسيس نظرة أكثر إيجابية
وتعهدت مصر بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي في تنفيذ إصلاحات اقتصادية، أهمها اتباع سعر صرف مرن للجنيه مقابل الدولار، وسرعة تخارج الدولة من الأصول المملوكة لها لصالح القطاع الخاص، وتقليص دعم الوقود.
وكانت مؤسسة "سيتي جروب" الأمريكية، توقعت، أن تؤجل مصر تخفيض قيمة العملة المحلية "الجنيه" حتى شهر سبتمبر على الأقل، وذلك اعتمادا على احتمالية تحقيق إيرادات السياحة ومبيعات أصول الدولة، ما يخفف الضغط على الاقتصاد المحلي.
وذكرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية، أن تكثيف الحكومة لجهودها من أجل بيع الشركات التي تسيطر عليها الدولة جزئيا والارتداد المتوقع في صناعة السياحة في مصر إلى مستويات ما قبل التقلبات السياسية، جعل الوضع متغيرا بشأن مستقبل الاقتصاد.
فيما قال لويس كوستا، الرئيس العالمي للائتمان السيادي في السوق الأمريكية في "سيتي جروب" وفق ما نقلته “بلومبرج”: "من خلال تخفيف أزمة العملات الأجنبية في مصر وتخفيفها من إعادة هيكلة الديون، دفعت الجهود سيتي جروب إلى "تأسيس نظرة أكثر إيجابية" لسندات الجنيه المصرية والدولار على المدى القصير".
ورجح الخبير في المؤسسة الأمريكية أن يتم اتخاذ أي قرار بشأن تخفيض قيمة العملة في شهر سبتمبر، وذلك مع المراجعة التي سيقوم بها صندوق النقدي الدولي، أو بعد شهر خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مدينة مراكش المغربية.
وأضاف: "يمكن أن يكون موسم هذا الصيف بمثابة استقرار مهم على المدى القصير حتى نبدأ في الحصول على مراجعات خطيرة مرة أخرى في سبتمبر وأكتوبر".
استقرار على المدى القصير
وتتوقع مؤسسة “سيتي جروب” أن تظل قيمة الجنيه المصري "مستقرة بشكل معقول" في الشهرين المقبلين، وأن تضعف إلى 36 جنيها مقابل الدولار بحلول نهاية ديسمبر و 37 في العام المقبل.
فيما تحتاج مصر إلى فتح المزيد من التمويل من الخارج لمسح تراكم لطلبات العملات الأجنبية من المستوردين والشركات الأخرى.
وقال مسئول كبير في صندوق النقد الدولي هذا الشهر إن الحكومة "جادة" بشأن تطبيق سعر صرف أجنبي مرن، وفقا لـ “بلومبرج”.
وتسعى الحكومة لجذب 2 مليار دولار من تنفيذ برنامج الطروحات قبل نهاية السنة المالية الجارية، أي بحلول نهاية يونيو.
وأكد محمد معيط، وزير المالية، أن الدولة لن تتخلف عن سداد أي التزامات، وسيتم الانتهاء من بيع المزيد من أصول الدولة ضمن برنامج الطروحات الحكومية خلال الأسابيع المقبلة.
وقال إن الحكومة تحاول تحسين مناخ الاستثمار، بما في ذلك من خلال تسهيل إنشاء شركات للأجانب، مع العمل على تعزيز مشاركة القطاع الخاص.
ماذا يعني تعويم الجنيه؟
جدير بالذكر أنه مع كثرة استخدام كلمة "تعويم" خلال السنوات الماضية، أصبحت الكلمة ذات مدلول سيئ لدى رجل الشارع، رغم أن الكثير لا يعرف بالتحديد المقصود بمصطلح تعويم العملة.
ويعرف الاقتصاديون تعويم سعر الصرف أو تعويم العملة بأنه التخلي عن تحديد سعر صرف عملة ما، وتركه يتحرك ويتغير أمام العملات الرئيسية وفقا لنسبة العرض والطلب، ويصير محررا تماما، دون تدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديد سعره.
ونتاج هذا التعويم، ينشأ سعر العملة تلقائيا بناء على آلية العرض والطلب في سوق العملات النقدية، والذي يتم من خلاله تحديد سعر صرف العملة المحلية في مقابل العملات الأجنبية.
وبسبب هذا التعويم يتغير سعر صرف العملة باستمرار وفق تغيرات العرض والطلب على العملات الأجنبية، ما يجعلها تتغير أكثر من مرة على مدار اليوم الواحد، بحيث يؤدي ازدياد الطلب على العملة إلى ارتفاع سعرها والعكس صحيح.
وبذلك فالبنوك المركزية لا تستهدف سعرا معينا لعملاتها المحلية عند اتباعها نهج التعويم المطلق، بل يكون سعر العملة شبيها بسعر الذهب الذي يخضع إلى التغيير اليومي في الأسواق العالمية، حتى أنه قد يتغير من ساعة لأخرى.