يعتزم البنك المركزي المصري إطلاق مؤشر خاص بـ الجنيه المصري يضم سلة من العملات الدولية والذهب، لتغيير ثقافة ربط الجنيه بـ الدولار، كما يعمل البنك على عقود التحوط للعملة بعد انتهائه من العقود المستقبلية.
إطلاق مؤشر الجنيه
يذكر أن إطلاق مؤشر لقياس أداء العملة، أمر مطبق في العديد من الدول، وهناك عدة مؤشرات رئيسية للعملات مثل مؤشر الدولار الأمريكي، والجنيه الإسترليني، والدولار الكندي، ويتم إنشاء المؤشر ليضم سلة من العملات بوزن نسبي متباين بهدف إيجاد سعر صرف واقعي بدلا من الاعتماد على عملة رئيسية مثل الدولار الأمريكي.
والهدف من إطلاق مؤشر الجنيه هو تغيير الصورة الذهنية للمواطنين، والتي تربط بين سعر صرف الجنيه المصري والدولار ومصر ليست في حاجة لربط سعر الجنيه بالدولار، مثل الدول الخليجية التي تربط سعر عملتها بالدولار الأمريكي لأن اقتصادها قائم على تصدير النفط في الأسواق العالمية مقابل استيراد مجموعة كبيرة من السلع الاستراتيجية والأسلحة والتكنولوجيا الحديثة من الولايات المتحدة الأمريكية.
ويصف الخبراء أن الربط بين الجنيه والدولار بالأمر المغلوط” لأن الولايات المتحدة ليست الشريك التجاري الأساسي لمصر.
وقال الدكتور رائد سلامة، الباحث الاقتصادي، إن إنشاء مثل هذا المؤشر هو إجراء طيب بلا شك ولكنه يبقى فقط مؤشرا قياسيا أي لقياس خريطة حجم المعاملات التجارية مع العالم ما لم يقترن بتغيير في تركيبة تلك الخريطة وحجم العجز او الوفر بالميزان التجاري مع كل مكوناتها المتعددة وأيضا وهو الأهم هو النظر في مركز عملة تسوية تلك المعاملات.
وأوضح سلامة ـ في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن العبرة تكمن في مركز العملة التي نقوم بالسداد بها، موضحا: فمثلا لو قامت الدولة بشراء بضائع من الهند فهي لا تدفع ثمن هذه البضائع بالروبية الهندي ولكن يتم استخدام الدولار كعملة وسيطة لترجمة تلك المعاملات وهو ما يزيد من الطلب المحلي عليه ويرفع من سعره.
تعديل الموازين التجارية
وتابع: صحيح أن الولايات المتحدة الامريكية ليست هي الشريك التجاري الرئيسي لمصر لكن عملتها (الدولار) هي عملة تسوية او سداد المعاملات الدولية بين المجتمعات المختلفة، معقبا: وهذا يأخذنا إلى مسألة بناء احتياطي نقدي متنوع العملات وليس فقط بالدولار على المدى الطويل، فالدولار مازال منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن هو عملة تسوية المعاملات الدولية وسيستمر على هذا النحو لفترة ليست بالقصيرة.
وواصل: ولهذا فربما يكون من الأهمية ان نقوم ببناء احتياطي من العملات الاجنبية المتنوعة على المدى متوسط -طويل الأجل مع الاستمرار في مراكمة الدولار باعتباره أنه مازال هو عملة تسوية المعاملات الدولية من خلال تنمية مواردنا وخفض وارداتنا بها تدريجيا من خلال التصنيع والزراعة محليا لكي نوفر احتياجات الاستهلاك والانتاج.
وأكد أن فك الارتباط بالدولار لن يأتي بين يوم وليلة ولكن الامر يستدعى دراسة سيكون المؤشر المزمع إنشاءه مفيدا جدا فيها من زاوية التعرف على مكونات خريطة الواردات وقياس اوزان الاحتياجات، لكن الامر يستدعى بعد ذلك تطوير رؤية قابلة للعمل بها لتحقيق الاكتفاء الذاتي سواء جزئيا او كليا من بضائع بعينها وهو ما يؤدي تلقائيا الي تغيير مركز الواردات ويخفض من الطلب المحلى على الدولار لتلبية احتياجات الاستيراد.
واستطرد: أخذا بالاعتبار المتغيرات الجيوسياسية دوليا وتأثيراتها على عملية التبادلات التجارية، ففك الارتباط بالدولار يتأثر بالمنافسة بين امريكا والصين وهي منافسة ستستغرق وقتا طويلا وستستنزف اموالا كثيرة من الجانبين، ولعل تطوير منظمة البريكس ومؤسساتها المختلفة بالتعاون مع منظمة دول شنجهاي للتعاون يساعد في مسار تغيير عملة تسوية المعاملات التجارية بقبول تلك التسويات بالعملات المحلية لتلك المجتمعات المختلفة.
واختتم قائلا: وسيكون لتواجد مصر بهذه المؤسسات وهو توجه اعربت الدولة عن تبنيه والمضي فيه فائدة حقيقية هائلة من ناحية تعديل الموازين التجارية وقبول تسوية المعاملات بالجنيه المصري.