تضع الدولة المصرية ملف البترول والغاز على رأس أولوياتها لما يمثله من أهمية كبيرة للاقتصاد المصري، وسعيها المستمر لزيادة احتياطياتها من الغاز، الذي تنامى الطلب عليه مؤخرًا، باعتباره وقودًا انتقاليًا في مرحلة تحول الطاقة، بالإضافة إلى مساعى العديد من الدول الأوروبية لتأمين مصادر بديلة بعيدًا عن الإمدادات الروسية.
اكتشاف حقل غاز طبيعي
أعلنت شركة "فينترسال دِيا" الألمانية عن نجاحها في اكتشاف جديد للغاز الطبيعي ضمن امتياز دسوق في منطقة دلتا النيل البرية، وتركّزت العمليات في البئر الاستشكافية الجديدة (NSG-3) في خزّان أبو ماضي داخل امتياز دسوق بموجب اتفاقية تطوير الحقول في هذه المنطقة.
ويأتي الاكتشاف الجديد بعد اكتشاف الشركة السابق في منطقة التنقيب في شرق دمنهور في يناير من العام الجاري 2023.
ويتم تشغيل مشروع غاز دسوق من قبل شركة «ديسوكو»؛ وهي مشروع مشترك بين فينترسال دِيا والشركة المصرية القابضة للغازات (إيجاس).
وحول هذا الاكتشاف، يقول أولاف ريتز، مدير عام المشروع المشترك «ديسوكو»: "تشكّل الاحتياطات الجديدة المُضافة مثالاً آخر على التعاون المثمر مع شريكتنا إيجاس في مشروعنا المشترك، وسيكون لها مردود إيجابي على استمرارية الإنتاج في دسوق".
وقد تمّ حفر بئرNSG-3 على عمق 3070 مترأ، حيث اعترضت خزاناً ارتفاعه 22 متراً في تكوين أبوماضي.
وبهدف تسريع الإنتاج وزيادة العوائد على الصعيد الاقتصادي، تستخدم فينترسال دِيا البُنى التحتية في دسوق والموجودة بالقرب من البئر الموصولة بشبكة الغاز الطبيعي الوطنية.
وفي هذا السياق، يلمح سامح صبري، مدير عام شركة فينترسال دِيا مصر، إلى أن: "كميّات الغاز الإضافية ستسهم في جهود فينترسال دِيا الرامية إلى ضمان مستقبل طاقة آمن ومُستدام في مصر".
ما أهمية الاكتشاف الجديد؟
وقال المهندس الجيولوجي صلاح حافظ، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول الأسبق، إن خزان أبو ماضي له أهمية كبيرة باعتباره الخزان الرئيسي بالدلتا و الذي يتوافر به كميات كبيرة من الغاز الطبيعي ، وهذا الاكتشاف ( ما تم اكتشافه من قبل فينترسال دِيا) يمثل أهمية كبيرة للغاية.
وأضاف نائب رئيس الهيئة العامة للبترول الأسبق خلال تصريحات لــ"صدى البلد"، أن أهمية هذا الاكتشاف الذي أعلنت عنه فينترسال دِيا الالمانية، يكمن في أنه يضيف الكثير للاحتياطي المصري من الغاز الطبيعي وبالتالي يزيد حجم الانتاج المصري ، مشيراً إلى حاجة أوروبا للطاقة في ظل هذا التوقيت بالتحديد (حيث يعاني العالم من أزمة في الطاقة بسبب الحرب الروسية الاوكرانية ) وبالتالي هذا الاكتشاف يساهم في تحسين الاقتصادات.
من الجدير بالذكر إنه كان قد أكد تقرير لمؤسسة ماعت أنه لا تزال الدولة المصرية تحقق نجاحات كبيرة على جميع الأصعدة، حيث نجحت مصر في تحقيق الكثير من الإنجازات بقطاع البترول والغاز، وذلك في ظل المشروعات الضخمة التي نفذتها الدولة في هذا القطاع، حيث يواصل قطاع البترول نجاحا كبيرا، وتشهد الدولة المصرية طفرة كبرى في قطاع الطاقة والبترول، بعد الاكتشافات البترولية الكبيرة في مختلف المحافظات.
وأوضح التقرير أن الدولة المصرية نصب أعينها خطة طموحة للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز، والمساهمة في تأمين احتياجات الأسواق العالمية، وذلك بعد نجاحها في تحقيق الاكتفاء الذاتي منه، بما تمتلكه من بنية تحتية تتمثل في شبكات ومصانع إسالة وموانئ تؤهلها للقيام بهذا الدور الهام، وتسعى الدولة بكل قوة إلى توفير مصادر الطاقة، والعمل المستمر بتعاون جميع قطاعات الدولة لتحقيق التوازن بين استدامة إمدادات الطاقة.
جدير بالذكر أن اكتشافات الغاز الطبيعي تضمن الثقل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على المستويين المحلي والإقليمي، فضلًا عن دور تلك الاكتشافات في جذب مزيد من الاستثمارات للسوق المصري، إلى جانب الاكتشافات الأخرى في مجال النفط والغاز، بجانب أيضا أن الاكتشافات المتتالية علامة فارقة خاصة على النهج الاستراتيجي المتميز الذي تسعى مصر إليه لجلب المزيد من الاستثمارات المباشرة للسوق المصرية.
اكتشافات الغاز في مصر
يذكر انه كان قد أعلن طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، في فبراير 2023 على هامش مؤتمر إيجبس 2023؛ عن خطة لحفر ما يزيد على 300 بئر استكشافية للنفط والغاز في البلاد.
وأوضح الملا، أن القاهرة بدأت بالفعل التواصل مع الشركاء العالميين، والاتفاق على خطة حتى عام 2025، تشمل أعمال الحفر والتنقيب بهدف دخول تلك الآبار حيز الإنتاج بوتيرة سريعة.
وقال وزير البترول إن قطاع الطاقة بالبلاد عكف على الاستفادة من مقومات القاهرة التنافسية بهدف مواجهة أزمة الطاقة وتطويعها.
وسبق وأعلن وزير البترول والثروة المعدنية، أن مصر اكتشفت كمية غاز غير مسبوقة في وقت قياسي.
وأكد أن "ما تحقق في حقل ظهر من معدلات غير مسبوقة للإنجاز عالميا منذ وضعه على الإنتاج في وقت قياسي بعد اكتشافه ورحلة نجاحه خلال السنوات الأخيرة يشجع على البناء على تلك النجاحات واستثمار كافة الفرص في منطقة امتياز الحقل".
وأوضح أن "اهتمام الوزارة بالعمل على تحقيق أعلى معدلات الأداء في حقل ظٌهر بالبحر المتوسط الذي يشكل أهمية كبيرة لمصر على مستوى إنتاج الغاز الطبيعي ويعد نموذجا يحتذى به في مشروعات الإنتاج".
ويعد حقل ظهر هو أكبر حقل غاز في مصر تم اكتشافه في البحر الأبيض المتوسط من قبل شركة “إيني” الإيطالية عام 2015 في منطقة تسمى شروق، وهي منطقة تبعد نحو 200 كيلومتر شمال بورسعيد.