ينفرد المتحف المصري عن غيره من متاحف العالم، كونه أول متحف يتم تصميمه منذ البدايه ليؤدي وظيفة المتحف، على عكس ما كان شائعًا في أوروبا من تحويل القصور وبيوت الأمراء والنبلاء إلى متاحف، لذلك نعرض قصة إنشاء المتحف المصري ومؤسسه أوجست مارييت، عالم المصريات الذي كرس حياته باكملها في سبيل الحفاظ على الآثار المصرية.
[[system-code:ad:autoads]]
أوجست مارييت
وُلد "مارييت" لأب يعمل محاميًا في البحرية الفرنسية، ونشأ في مدينة "بولونيا"، وعلى الرغم من موهبته في الرسم إلا أنه كان يود العمل بالتدريس، ولكن بعد نظرة واحدة ألقاها على لوحة مرسومة بالألوان المائية؛ أصبح مولعًا بمصر والقدوم اليها، ومنذ ذلك الوقت بدأ في تعلم مبادئ علم المصريات واللغة الهيروغليفية، ثم تم تعينه في قسم الآثار المصرية في متحف اللوفر، وفي أكتوبر عام 1850 جاء إلى القاهرة على رأس بعثة؛ مهمتها الحصول على عدد من المخطوطات القبطية والسريانية، إلا أنه عندما وصل إلى القاهرة وشاهد أهرامات الجيزة وسقارة، تاقت نفسه إلى زيارتها، ونسي ما جاء من أجله.
إنشاء المتحف المصري
كانت فكرة إنشاء المتحف المصري مجرد حلم في عقل أوجست مارييت، فمع رحيل الحملة الفرنسية عن مصر، سرق بعض المشاركين في الحملة بعض الآثار المصرية ونقلوها إلى فرنسا، ومن بين تلك الآثار أحد التوابيت المكتوب عليها باللغة المصرية القديمة، وعندما شأهده مارييت التابوت، أعجب بالكتابة المصرية القديمة، وقرر الاستعانة بكتابين ل“شامبليون” لكي يفهم هذه اللغة، وأصبح من الزوار الدائمين لمتحف “بولون” الذي يحوي التابوت.
أخد أوجست مارييت يتابع تعلمه؛ إلى أن تمكن من اللغة المصرية القديمة، و بقدومه إلى مصر، التقى “محمد سعيد باشا” والي مصر وقتها، وعرض عليه مساعدته في إنشاء دار للآثار؛ لتنظيم عمليات التنقيب وعرض الآثار المصرية، وبالفعل وافق محمد سعيد باشا على الفكرة، وأصدر مرسوم في يونيو 1858 بتعينه كمأمور لأعمال الآثار وإدارة الحفائر.
بدأ أوجست مارييت في تأسيس متحف بدائي للآثار المصرية، لكي تنقل له الآثار التي تم العثور عليها في أعمال الحفر المتواصلة، وكان عبارة عن مبنى صغير على ضفة النيل الشرقية في بولاق، ذلك المبنى كان مكتبًا للبريد؛ أصبح نواة المتحف المصري فيما بعد.
وبعد وفاة سعيد باشا، تلقي مارييت تأييدًا كبيرًا من الخديوي إسماعيل، فأمره الخديوي بإصلاح مخازن بولاق وتوسيعها، وافتتحها في حفلة رسمية يوم 18 أكتوبر 1863، إلا أنه في عام 1887، زاد فيضان النيل وغمرت المياه مبنى متحف بولاق، وأتلفت الكثير من معروضاته.
لجأ مارييت إلى الخديوي إسماعيل طالبًا العون للحفاظ على ما تبقى من معروضات، وما كان من الخديوي إلا أن أعطاه "عربخانة" أمام مبنى المتحف ليزود بها متحف بولاق، وتم افتتاح المتحف من جديد في عام 1881.
وفاته
بقي أوجسيت مارييت يتعهد متحف الآثار حتى وفاته سنة 1881، وقد نقل المتحف إلى الجيزة سنة 1891، ثم إلى مكانه الحالي بجوار قصر النيل سنة 1902، ودُفن جثمان – بحسب وصيته – مارييت في "ناووس" بمدخل المتحف المصري أمام تمثال الملك خفرع، وصمم تابوته الحجري المهندس المعماري "أمبرواز بودري" وكانوا ينقلون قبره إلى كل مكان جديد يُنقل إليه المتحف.