غريبة هي الحياة، قصص مختلفة تكتظ بها أروقة محاكم الأسرة في كل مكان، وتظل الحكايات المؤلمة داخل جدران القاعات، وصرخات مكتومة تخترق الصدور والحناجر لتخرج تطالب بالخلاص.
منهم لله اللي كانوا السبب
وقفت سارة أمام قاضي الأسرة تلملم ذكرياتها وتستجمع شجاعتها، ونطقت بصوت يحمل آلام عامين: "عايزة أخلع جوزي.. نفسي أخلص بقى.. منهم لله اللي كانوا السبب".
لم تنتظر سارة، ذات الـ31 عاما طويلا وانطلقت تقول: أهلي زي ناس كتير، بمجرد ما وصلت لسن 29، اعتقدوا اني بقيت عانس، رغم عدم تحملهم أي مصاريف لي، فأنا مدرسة معروفة في الحي الذي أسكن فيه، وسُمعتي طيبة والحمد لله، وأحقق دخل جيد جدًا، إلا أن انشغالي الدائم لم يمنحني الفرصة لتحقيق حلم الفتيات في الحب والارتباط.
[[system-code:ad:autoads]]
الزيارة المفاجئة
ذات يوم عدت للمنزل، لأجد رجلا يكبرني بنحو 10 سنوات، يجلس مع والدي في الصالون، وعلمت أنه عريس دله أهل الخير إلى منزلنا لأنه يبحث عن عروس، واستدعاني والدي للجلوس والتعرف عليه.
رغم تعبي من مجهود يوم كامل، ورغم اعتراضي على الطريقة جلست، وشعرت أن والدي ووالدتي قد اتخذا القرار بالموافقة، وأن جلوسي ما هو إلا استكمالا للشكل المخطط له فقط، ووجدته متحدث لبقا، استطاع اقناع أهلي في دقائق معدودة، وطلبت مهلة للتفكير.
الزن على الودان
لم تطل مدة التفكير بسبب "الزن على الودان" الذي اتبعته معي والدتي، ووافقت للخلاص من الممارسات التي اتبعها اهلي معي للموافقة، خاصة أنهم وافقوا بالفعل وأن العريس مستعجل.
تم تحديد موعد الخطبة، وكان شرطي الوحيد عدم ترك عملي، ووافق العريس ولم يعترض، بل شعرت بحماسه، لدرجة انه طلب التعجيل بعقد القران، خاصة أن شقته إيجار جديد، ولا يريد أن يمر الوقت في دفع إيجار بلا زواج، ورغم تحفظي على المبدأ وافقت تحت إلحاح نظرات أهلي.
3 أيام عسل
تم عقد القران والزفاف في فترة شهر، وتركت مهمة تجهيز الشقة لوالدتي وشقيقتي، خاصة أن داخلي هاجس يمنعني من الفرحة، وتم الزفاف.
3 أيام فقط مرت سريعا، تحولت فيها من آنسة إلى مدام سارة، وبعدها فوجئت بالباشمهندس يطالبني بالعودة للعمل، لأنه سبق ووعدني بعدم منعي من العمل، ووافقت على العودة لعملي خاصة اننا كنا على أبواب امتحانات.
بخيل في كل شيء
منذ اليوم الأول لعودتي للعمل، بدأت أكتشف في الزوج الذي جلست معه مرات معدودات، بخلا شديدا في كل شيء، فرغم كوني عروسة جديدة، لم أسمع منه سوى حديث المال والأرقام، وحاولت التأقلم ملتمسة له عذر أنه مهندس وعملي.
ما توقفت عنده كثيرا، أن زوجي لم يكن بخيلا فقط في المال والمشاعر، بل كان بخيلا أيضا في العلاقة الشرعية معي، حيث مر أول شهر زواج لم يمارس معي حقي الشرعي سوى مرتين، وكان يتحجج بالتعب في العمل.
شربت المقلب
تأكدت وقتها اني "شربت مقلب" السعادة وأحلام الفتيات الجميلة، ورغم قسوة الحرمان تحملت وشغلت نفسي بالعمل والتقرب إلى الله، إلى أن حدث الحمل، وأنجبت طفلي الوحيد، ودفعت تكاليف الولادة كاملة، حيث تحجج قبل الولادة بيومين بالسفر في مهمة عمل، وبعد عودتي للمنزل اكتشفت كذبه وأنه كان في المنزل ولم يسافر.
وبرر لي زوجي المحترم غيابه عن الحضور لرؤية ابنه في المستشفى بتعرضه لأزمة مادية، نتيجة دين قديم كان عليه سداده، إلى جانب عدم قدرته على تحمل رؤيتي اتألم.
بالطبع لم أقتنع بمبرراته، لكنني أقنعت نفسي بأنه ربما يتغير بعد أن أصبح أب، وأنه لن يبخل على طفله.
اللبن الصناعي
مرت الأيام، ولم يتغير زوجي، وبالطبع قلت الدروس بسبب انشغالي بالطفل، واكتفيت ببعض الدروس في المنزل لرعاية الطفل، الذي عانى بسبب عدم كفاية اللبن لإرضاعه، وضرورة الاعتماد على اللبن الصناعي.
بدأ زوجي يتذمر نتيجة مطالبته بشراء اللبن للطفل، وابلغني صراحة أنه سيشتري مرة وانا اشتري مرة، ونظرا لبخله الشديد صارت المرة الخاصة بي مرات ومرات، حتى امتنع تماما عن شراء لبن الطفل.
رحيل مفاجئ
انهارت سارة وانهمرت دموعها بحرارة وهي تستكمل، أصيب الطفل بفيروس نادر، وبدأت رحلة اللف على الأطباء، ووجدت نفسي بمفردي، حيث لم يكلف الأب المحترم نفسه بالتواجد مع ابنه أو الوقوف معي في المحنة.
وزاد نحيبها، دخل ابني المستشفى لإجراء جراحة ولم يكلف الأب نفسه بزيارة الطفل سوى مرة واحدة طوال شهر، ولم يسدد جنيهًا واحدًا من أجرة المستشفى وثمن الأدوية، لدرجة انني بعت كل ما أمتلك واستدنت لاستكمال علاج ابني، إلى أن استرد الله أمانته، وفي قمة انهياري قال لي زوجي المحترم مواسيا: "أنتي لسه صغيرة وهانجيب غيره".
لم أستطع التحمل ووجدت نفسي أقذفه بكل ما طالته يدي، حتى أغمي علي، وبمجرد أن تمالكت قواي قررت إقامة دعوى خلع للتخلص من هذا الكائن الأناني البخيل، الذي لا يرى سوى نفسه فقط.