قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

لماذا أمر الله النبي بالتسبيح عندما ضاق صدره ؟

×

التسبيح ذكر رسل الله تعالى وأنبيائه، وهو عند الشدائد مفزعهم، فنبي الله موسى عليه السلام، يدعو ربه بأن يجعل معه أخاه هارون وزيرًا؛ ليعينه على التسبيح كثيرًا، وقال الله تعالى: « وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا »، وأثبت الله تعالى لنفسه الأسماء الحسنى والصفات العلى، وقرن ذلك بالتسبيح له، فقال تعالى: « هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ » ، فالتسبيح متضمن لتنزيه الرب، عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله، فالله جل جلاله وتقدست أسماؤه، متصف بالكمال في ذاته وأسمائه وصفاته، متنزه عن العيوب والنقائص، وما لا يليق بجلاله.

أن الله سبحانه سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، يحب أن يسبحه عباده، فالملائكة مع ما وكل إليهم من الأعمال العظيمة الجليلة، مستشهدًا بما قال تعالى : « يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ »، وهم بتسبيحهم لربهم، يشرفون ويفخرون « وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ »، وفي صحيح مسلم: إذا قضى الله أمرا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا »، أي: تنزيها له سبحانه، وتعظيما لأمره، وخضوعا وقبولا وطاعة له جل جلاله.

ونبينا – صلى الله عليه وسلم –، حياته كلها تسبيح، فإذا قرأ القرآن، ومر بآية فيها تنزيه للرحمن سبح، وإذا قام من الليل، أطال التسبيح في ركوعه وسجوده، وإذا ركب دابته قال « سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا »، وإذا نزل واديا سبح، وإذا رأى الأمر الذي يتعجب منه سبح، وإذا أوى إلى فراشه سبح ثلاثا وثلاثين، وحين اشتد أذى المشركين له، فأحاط به الهم، وضاق به الصدر، أمره ربه بكثرة التسبيح له، لينشرح صدره، ويذهب عنه همه وغمه.

و قال تعالى: « وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ » ، فبالتسبيح يطمئن قلبك، وتقر عينك، وينشرح صدرك، ويعطيك ربك من الثواب العاجل والآجل حتى ترضى.

فضل التسبيح

إن العبد الذى يداوم على التسبيح يمنحه الله جبالًا من الحسنات ورفعة فى الدرجات ونعيما فى الجنات ولمَ لا وغِراس الجنة التسبيح فعن أبى هريرة -رضى الله عنه- قال إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مر عليه وهو يغرس غرسًا فقال: "ألا أدلك على غراس خير من هذا؟ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يغرس لك بكل واحدة شجرة من الجنة".

فالتسبيح على يسره وسهولته يعدل أعمالًا عظيمة ربما تشق وتصعب على الكثيرين فلنتأمل هذه البشارة العظيمة من نبينا صلى الله عليه وسلم فعن أبى أمامة الباهلى رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن هاله الليل أن يُكابده، أو بخِل بالمال أن ينفقه، أو جبن عن العدو أن يُقاتِلَه، فليُكثر من (سبحان الله وبحمده)؛ فإنها أحبُّ إلى الله من جبل ذهب ينفقه فى سبيل الله عز وجل) وكذلك ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ، كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟ فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ : كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟ قَالَ : يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ.

أثر التسبيح

إن من أول هذه الآثار وأعظمها تفريج الكروب والهموم - فالله فى القرآن قرن تفريج الهموم والغموم بتسبيحه، إذ أمر فى القرآن الكريم نبيّه أن يتوجّه له بالتسبيح إذا شقّ وصعب عليه ما يُلاقى من كفّار قريش وتكذيبهم فقال تعالى ((وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ یَضِیقُ صَدۡرُكَ بِمَا یَقُولُونَ . فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ .ومن قبله صلى الله عليه وسلم فرج الله كرب يونس عليه السلام بالتسبيح حين أخرجه من ظلمات ثلاث فقال تعالى (وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَـٰضِبࣰا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَیۡهِ فَنَادَىٰ فِی ٱلظُّلُمَـٰتِ أَن لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّی كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمين. فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّیۡنَـٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَلِكَ نُـۨجِی ٱلۡمُؤۡمِنِینَ) كما أن من ثمار التسبيح حط الخطايا وإن كثرت.

وكذلك وصية نوح عليه السلام لولده لما حضرته الوفاة هى التسبيح حيث قال له (إنى قاصٌّ عليك الوصية: آمرك باثنين، وأنهاك عن اثنين . آمرك بلا إله إلا الله، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت فى كفة ووضعت لا إله إلا الله فى كفة، رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله وسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر )

وتسبيح الله تعالى تثقيل لميزان الحسنات يوم القيامة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان فى الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) وعن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضى الله تعالى عنها: أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرةً حين صلَّى الصبح وهى فى مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهى جالسة، فقال: (ما زلتِ على الحال التى فارقتُك عليها؟)، قالت: نعم، قال النبى صلى الله عليه وسلم: (لقد قلتُ بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وُزِنَتْ بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)

التسبيح

وتسبيح الله تعالى عون على الصبر والرضا قال سبحانه ( فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ)، وتسبيح الله تعالى سبب لثناء الله تعالى على العبد فقد أثنى الله على عباده المسبحين حيث قال تعالى (فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) وقال تعالى( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)

والتسبيح من أفضل ما يأتى به العبد يوم القيامة حيث قال النبى صلى الله عليه وسلم (من قال حين يصبح وحين يمسى سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه)، والتسبيح لا ينتهى حتى بعد فناء الدنيا ومن فيها فهو باق فى الجنة قال الله سبحانه عن أهلها (دعواهم فيها سبحانك اللهم) وقد ذكر النبى صلى الله عليه وسلم فى وصفه لنعيم الجنة أن أهلها يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس، ووجه التشبيه فى ذلك أن تنفس الإنسان لا كلفة عليه فيه ولا بد له منه فجعل أنفسهم تسبيحا .وهو بذلك يشبه الملائكة الذين قال الله عنهم ( يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ) وأنهم ( يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ).