بالكاد بدأ قطاع الطيران المدني السوداني، يتنفس الصعداء بعد سنوات الخسائر التي صاحبت أعوام الحظر الأمريكي، وشحذ همته من جديد من أجل إعادة التطوير والتأهيل للبنى التحتية المتهالكة داخل المطارات على مدار سنوات تجاوزت الربع قرن، ليستيقظ أهله من جديد على أصوات قصف ودمار طال مطار الخرطوم بالعاصمة.
مطار الخرطوم .. لحظات القصف الأولى
قبل الانخراط في استرسال الآمال السودانية الموضوعة لمستقبل قطاع الطيران تحديدًا وكان بدأ تنفيذها بالفعل. دعني آخذك إلى مشاهد لم ترصدها عدسات الكاميرات في الساعات الأولى من القصف فوق مطار الخرطوم؛ ولكن رصدها من الأجواء موقع "فلايت رادار" العالمي المتخصص في تتبع حركة الطيران.
في الوقت الذي التقطت فيه عدسات الكاميرات، الصورة الأشهر داخل مطار الخرطوم والذي تم تداولها على نطاق واسع، لطائرة الخطوط السعودية المحترقة على الممر، كان فوقها مُعلق بالأجواء طائرات دولية أخرى تطوف حول المطار لم تستطع الهبوط أو العودة أيضًا. فبحسب موقع تتبع حركة الطائرات العالمي "فلايت رادار"، رصد رحلات جوية تتبع خطوط ( الملكية الهندية KLM، والفرنسية، وبروكسيل إيرلاينز) يطوفون فوق الأجواء لحظة الاشتباكات السودانية الدائرة وطال قصفها مدرج الطائرات، بل رصد أيضًا أنه ليست طائرة الخطوط السعودية طراز إيرباص A330 وحدها التي تضررت من جراء القصف على المطار، بل طال القصف أيضًا طائرة خطوط "سكاي أب" الأوكرانية طراز بوينج 737، وتعرضت أيضًا لأضرار جسيمة أثناء وقوفها على الممر.
حتى الآن لم تنشر أي وسائل إعلام سودانية أو أجنبية حجم الخسائر التي تعرض لها مطار الخرطوم الدولي المقصوف بالعاصمة، الذي دخل خطة إعادة التأهيل والتطوير لبنيته التحتية منذ شهور قليلة لم تصل إلى النصف عام، في محاولة لإعادة تأهيله من جديد ليتناسب مع حجم الانتعاش في الحركة الجوية، الذي بدأت السودان تشهدها مؤخرًا بعد 25 عامًا مريرة من الحظر الأمريكي؛ كان فيها قطاع الطيران المدني السوداني لم يتجاوز 7% من حصة التشغيل العالمي؛ حتى بدأ يتحسن مؤخرًا، ويصل إلى نسبة تشغيل 40%.
بالعودة للحديث عن مطارات جمهورية السودان؛ تمتلك الخرطوم 15 مطارًا مدنيا على مستوى جميع الولايات، أكبرها هو مطار العاصمة الخرطوم، الذي تعرض للقصف؛ كان قد دخل حيز خطة التطوير والتأهيل أواخر العام المنقضي 2022، التي وضعتها شركة مطارات السودان وتستمر لمدة نحو 24 شهرًا ( 3 سنوات).
نهضة لم تكتمل.. مطارات السودان وخطط التطوير
شركة مطارات السودان، كانت قد خصصت نحو نحو 200 مليون دولار لتطويرات مطار الخرطوم بالدولي بالعاصمة، وفقًا لمصادر بالشركة السودانية حاورتها "صدى البلد"، بعد أن بات يشهد تزايدًا في عدد الرحلات الجوية خلال أخر عامين بعد الحظر الأمريكي، وصلت إلى أن المطار كان يستقبل 40 رحلة في الساعة الواحدة مع نهاية عام 2022.
خططت الشركة، وفقا للمصادر، أن يتم بناء فندق داخل مطار الخرطوم، وتخصيص صالة ذات مساحة لرحلات الترانزايت ليضاهي كبرى المطارات العالمية، والتوسع أيضًا في نشاط المشروعات التجارية بمحيط المطار، بالإضافة إلى توسعة مباني الركاب الحالية؛ جميع هذه التطويرات تتم بموارد وتسهيلات وطنية دون أي دعم أجنبي من الخارج عبر ما أسموه صندوق تطوير مطار الخرطوم.
ليس مطار الخرطوم الدولي فقط، بل بدأت مطارات السودان أيضًا في وضع قواعد البنية التحتية لمطار الخرطوم الجديد، المخطط أن يقع في جنوب ولاية الخرطوم وعلى بعد 40 كيلو من مطار العاصمة الحالي، ليكون مطارًا محوريًا ومركزيا داخل السودان، يضم 3 مدارج تستوعب مختلف طرازات الطائرات، فضلا عن سيتم بناء قرية بضائع أيضًا لتتناسب مع حجم الزيادة في نشاط الشحن الجوي السوداني سواء من المواشي أو الخضروات والفاكهة التي بدأت تعود إلى قائمة الصادرات السودانية مؤخرًا.
وبحسب المصادر، فإن الخرطوم تعتمد في بعض الأوقات على مطار بورتسودان الدولي، الواقع في ولاية البحر الأحمر ويعد ثاني أكبر مطارات السودان، عليه في حركة التشغيل بعد مطار الخرطوم، وتشغل من هذا المطار رحلات جوية إلى مصر والسعودية وبعض الدول العربية أيضًا التي تشغل رحلات جوية مباشرة مع السودان.
الحظر الأمريكي والقصف السوداني
وأوقفت السودان حركة الطيران، بمطار الخرطوم الدولي بالعاصمة خلال الساعات الماضية، بعدما تعرض المطار إلى القصف خلال الاشتباكات المسلحة الدائرة هناك، وتضررت بعض الناقلات الجوية الواقفة على الممر داخل المطار، أعلنت على إثرها جميع شركات الطيران التي تشغل رحلات جوية إلى الخرطوم تعليق رحلاتها مؤقتا إلى السودان حتى تهدأ الأوضاع.
وكانت جمهورية السودان وقعت تحت العقوبات الأمريكية لمدة 25 عامًا، تكبد خلالها اقتصاد الخرطوم خسائر قدرت بنحو 350 مليار دولار، وخسر قطاع الطيران السوداني مليارات الدولارات أيضًا وظلت الولايات المتحدة الأمريكية مدينة لقطاع الطيران السوداني بنحو 59 مليار دولار، ذلك نظير استغلال الخطوط والشركات الأمريكية خدمات الملاحة الجوية على مدار سنوات العقوبة التي تجاوزت الربع قرن.