يكثر البحث عن أعمال ليلة القدر، بالتزامن مع اقتراب ليلة السابع والعشرين من رمضان، وأعمال ليلة القدر، هي مجموعة من العبادات والسنن التي من شأنها أن تجعلك من الفائزين في ليلة تعدل ألف شهر و720 ألف ساعة من الطاعة.
ومن أعمال ليلة القدر، ما نرصده في التقرير التالي لعلك تدرك بها ليلة القدر التي يرجح الكثير من العلماء أنها تبدأ مع غروب شمس اليوم الاثنين وتنتهي بطلوع فجر الثلاثاء.
أعمال ليلة القدر
اختلف الفقهاء حول موعد ليلة القدر، إلا أنه قد ذكر ابن عباس -رضي الله عنهما- أنها توافق ليلة السابع والعشرين من رمضان، مؤكدًا رأيه بالأدلة العددية التي وردت في سورة القدر، التي منها أن قوله تعالى: «سَلَامٌ هِيَ» فالضمير «هِيَ» هو الكلمة السابعة والعشرون من السورة، وكلمات سورة القدر ثلاثون كلمة، والسابعة والعشرون «سَلَامٌ هِيَ».
فيما ذكر بعض المفسرين ومنهم ابن حجر العسقلاني، أن الإعجاز العددي لآيات القرآن الكريم، يعد محاولة لاستنتاج قضايا إعجازية من الأرقام، إما على سبيل التوافق وإما بعمليات حسابية أو بما يسمى «حساب الجُمَّل» الذي يذكر في الحروف المقطعة كما سيأتي.
وأضاف المفسرون أنه يتم الاستنتاج من رقم السورة والآية والجزء وعدد الكلمات والحروف والآيات، ومن أرقام صرح القرآن بها، منوهين إلى أن هناك ما يدل على أن العلماء قديمًا استندوا إلى الإعجاز العددي.وأشار المفسرون إلى أن كلام ابن عباس -رضي الله عنهما-، كان محاولة للاستنباط من قِبل ابن عباس - رضي الله عنه - في معرفة ليلة القدر مستأنسا بذكر العدد سبعة في قضايا متعددة في القرآن، ومن أقوى الأقوال في ليلة القدر أنها ليلة السابع والعشرين.
ولفت المفسرون إلى أن الإمام ابن رجب الحنبلي بين في كتابه لطائف المعارف أن طائفة من المتأخرين - ليسوا السلف بل من المتأخرين - استنبطوا من القرآن أنها ليلة سبعة وعشرين من موضعين من القرآن، الأول قالوا: تكرر ذكر ليلة القدر في ثلاثة مواضع في القرآن، وليلة القدر حروفها تسعة، والتسعة إذا ضربت في الثلاثة مواضع التي تكررت فيها فهي سبع وعشرون.والثاني: أن الله قال فيها: «سَلَامٌ هِيَ»، فيقولون: كلمة «هِيَ» هي الكلمة السابعة والعشرون من السورة، يقولون الكلمات ثلاثون كلمة السابعة والعشرون «سَلَامٌ هِيَ»، ثم نقل ابن رجب عن ابن عطية المفسر صاحب كتاب المحرر الوجيز، أنه قال: هذا من ملح التفسير، لا من متين العلم.
سنن مهجورة في ليلة القدر
ولعل من السنن المهجورة في ليلة القدر صلاة التهجد أو قيام الليل والدعاء فيهما، فكان سيدنا رسول الله ﷺ إِذَا قَامَ من الليل يتهجد قال:«اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ - أَوْ: لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ -» [أخرجه البخاري]
وفي بيان صلاة التهجد وحكمها أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن صلاة تطوعية، ويبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء والتراويح ويستمر إلى آخر الليل ، أفضل وقت لصلاة التهجد هو ثلث الليل الآخِر، أو ما قارب الفجر، فهو وقت السحر والخشوع وتجلِّي الفيوضات الربانية على القائمين والمستغفرين والذاكرين.
وتابع: تتميز عن غيرها من صلاة قيام الليل أنها تكون بعد نوم المسلم نومةً يسيرة، يقوم بعدها للتهجد في منتصف الليل، فيصلي ركعتين خفيفتين، ثم يصلي بعد ذلك ما شاء من الركعات، ركعتين ركعتين، ويوتر في آخرها؛ عن عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ». [متفق عليه]
وتابع: "وبعد أن يتم ما أراد من التهجد يوتر بركعة واحدة كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، أو بثلاث ركعات فهذا كله جائز ولا شيء فيه؛ لما أخرجه البخاري وغيره من حديث عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لَكَ مَا صَلَّيْتَ»، مضيفًا: قَالَ الْقَاسِمُ: "وَرَأَيْنَا أُنَاسًا مُنْذُ أَدْرَكْنَا يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ، وَإِنَّ كُلًّا لَوَاسِعٌ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِشَيْءٍ مِنْهُ بَأْسٌ".
أعمال ليلة القدر
ومن الأعمال الصالحة في ليلة القدر الدعاء في ليلة القدر يغتنم المسلم ليلة القدر بالآتي:
1- الإكثار من الدعاء، والأذكار، والتسبيح، وسؤال الله -تعالى- العِتق من النيران، والتعوُّذ منها؛ فالدعاء فيها مُستجابٌ، والاجتهاد فيه مرغوبٌ، ولذلك يتسابق العباد، ويحرصون على التوبة، والفوز برضا الله -عزّ وجلّ-، وتوفيقه، ونَيْل المنزلة الرفيعة.
2- الصلاة في ليلة القدر تؤدى صلاة القيام ركعتَين ركعتَين كما ثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: «أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن صَلاةِ اللَّيْلِ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى».
3- الحرص على أن تفطر صائمًا، إما بدعوته، أو بإرسال إفطاره، أو بدفع مال لتفطيره، وأنت بهذا العمل تكون حصلت على أجر صيام شهر رمضان مرتين لو فطرت كل يوم منذ أن يدخل الشهر إلى آخره صائمًا لما رواه زيد بن خالد الجهني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من فطر صائمًا كتب له مثل أجره لا ينقص من أجره شيء".
4- بادر بالذهاب إلى المسجد قبل الأذان، لتصلي سنة دخول المسجد، ولتتهيأ بانقطاعك عن الدنيا ومشاغلها علك تخشع في صلاتك، ثم إذا أذن ردد معه وقل أذكار الأذان ثم صل النافلة، ثم اذكر الله حتى تقام الصلاة، أو اقرأ في المصحف، واعلم أنك ما دمت في انتظار الصلاة فأنت في صلاة كما روى ذلك أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، والملائكة تقول اللهم اغفر له وارحمه، ما لم يقم من صلاته أو يحدث".
5- إذا أقيمت الصلاة صل بخشوع، فكلما قرأ الإمام آية استشعر قراءته، وكن مع كلام ربك حتى ينصرف الإمام.
6- اجعل لبيتك نصيبًا من العبادة في هذه الليلة سواء بالصلاة أو بغيرها.
7- لا تنس قبل خروجك من المسجد- أن تضع صدقة هذه الليلة، وإذا كان يصعب عليك إخراج صدقة كل ليلة من هذه الليالي فمن الممكن أن تعطي كل صدقتك قبل رمضان أو قبل العشر الأواخر جهة خيرية توكلها بإخراج جزء منها كل ليلة من ليالي العشر.
8-لا تنس وأنت في طريقك من وإلى المسجد أن يكون لسانك رطباً من ذكر الله، ولا تنس سيد الاستغفار هذه الليلة: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال صلى الله عليه وسلم: "من قاله فمات من يومه أو ليلته دخل الجنة"، فإذا أنهك جسدك فألقه على السرير وأنت تذكر ربك بالتهليل والتسبيح والتحميد والحوقلة والتكبير والاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.