للعام الثاني على التوالي، تسلط المسلسلات الرمضانية الأضواء على مشكلات الأسرة وقوانينها، وهذا العام أثار مسلسل “تحت الوصاية” من بطولة النجمة منى زكي حالة واسعة من الجدل بمجرد عرض الحلقات الأولى منه بسبب القضايا التي يتناولها المسلسل، والتي تتعلق بحقوق المرأة المصرية وحرمانها من الوصاية على أولادها حال وفاة الزوج.
مسلسل تحت الوصاية والمجلس الحسبي
وفي الحلقة الرابعة من المسلسل حين ذهبت حنان، أرملة وأم لطفلين، إلى البنك لتحرير شهادة ادخار خاصة بطفلها اليتيم، رفض الموظف المسؤول بدعوى عدم توفر شهادة من “المجلس الحسبي”، لتبدأ رحلة معاناة الشخصية التي تلعبها الفنانة منى زكي في مسلسل “تحت الوصاية” مع نظام “المجلس الحسبي”.
ونظام المجلس الحسبي يشير إلى القانون الخاص بالولاية على أموال القُصّر، وينص على أن الأم الأرملة ليس لها حق الوصاية، والتصرف المباشر في أموال أبنائها ممن لم يبلغوا سن الرشد (21 عاماً حسب القانون)، بينما تؤول الوصاية المالية بعد وفاة الأب بالتبعية إلى الجد ثم إلى العم، وفي حال رغبة الأم في انتقال الوصاية المالية لها، عليها أولاً التقدم لـ(المجلس الحسبي) بطلب وصاية قد يعيقه عدم رغبة الجد والعم.
وكان نظام المجلس الحسبي محل سجال على مدار سنوات، غير أنه بعد عرض الحلقة الرابعة من مسلسل تحت الوصاية، الذي ينافس ضمن السباق الدرامي في الجزء الثاني من رمضان، وعلى خلفية التفاعل مع أحداث المسلسل شهد مجلس النواب العديد من التحركات بعد عرض المسلسل، حيث طالبت النائبة ريهام عفيفي عضو مجلس الشيوخ، بضرورة إجراء تعديلات على قانون الولاية على المال والصادر منذ خمسينات القرن الماضي، وذلك بعد عرض القضية في مسلسل تحت الوصاية، الذي يعرض في الوقت الحالي ضمن دراما رمضان.
وقالت “عفيفي”، إن قانون الولاية على المال والجاري العمل به، يواجه العديد من القصور التشريعي، الأمر الذي يتطلب المعالجة السريعة لا سيما وأن الكثير من الأمهات الأرامل تعانين الأمرين بعد وفاة الزوج للحصول على مستحقات أبنائها سواء من الجد أو العم، خاصة وأن الأخير في الغالب ليس له نصيب في هذا الإرث حال وجود ابن ذكر، وذلك بعد أن سلط مسلسل تحت الوصاية الضوء على هذه القضية.
تعديل نظام المجلس الحسبي
وأشارت النائبة إلى أنها تعكف حاليًا على إعداد طلب مناقشة موجه إلى المستشار عمر مروان وزير العدل، سيتم تقديمه عقب إجازات الأعياد، يتضمن ضرورة تعديل قانون الولاية على المال والصادر في عام 1952، خاصة وأنه لم يعد يتناسب مع هذا العصر، ولا يراعي حقوق المرأة الأم في انتقال الولاية لها على أبنائها حال وفاة الزوج وما ينتج عن ذلك من مشاكل وقضايا تضر في المقام الأول الأبناء وتهدد مستقبلهم.
ولفتت ريهام عفيفي إلى أن مسلسل تحت الوصاية، الذي يُذاع حاليا من إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، يقدم دراما واقعية وحقيقية للمشكلات التي تواجهها الأم حال وفاة زوجها، فوفقًا للقانون، لا يحق للأرملة، رعاية أموال أبنائها لأن الوصاية تكون للجد، وهذه أزمة تواجهها الكثير من البيوت المصرية، فضلًا عن بقية العراقيل التي تواجهها الأم في حال غياب الزوج أو وفاته لاستخراج الأوراق الرسمية الخاصة بالأبناء.
كما تقدمت الدكتورة رانيا الجزايرلي عضو مجلس النواب، باقتراح برغبة إلى المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، موجه إلى المستشار عمر مروان وزير العدل، بشأن تعديل نظام المجلس الحسبي.
وقالت رانيا، في مقترحها، إن النظام الأساسي للمجلس الحسبي مجحف ويجب تعديله وجعله اختياريا للزوج في حالة رؤيته أن زوجته جديرة بالولاية على القصر في جميع المجالات ماديًا وتعليميا.
وأضافت أن المجلس الحسبي بنظامه القائم حاليًا الذي يتم تطبيقه على المرأة الأرملة، كما لو كانت فاقدة الأهلية، وفاقدة الضمير، وغير مؤهلة لتحمل المسؤولية بينما لا يتم تطبيق هذا النظام على الحالات المماثلة من الرجال.
اختياري يتبع لإرادة الزوج
وطالبت بإلغاء نظام المجلس الحسبي على المرأة الأرملة، وجعله اختيارًا يتبع إدارة وتقدير الزوج في قرار له يكتبه، ويفوض فيه المجلس الحسبي بدلًا من الزوجة.
وتساءلت:" وهل يجوز أن يتحمل الأبناء ذل العوز وخاصة لو كانوا في حياة والدهم يعيشون في مستوي اجتماعي مرتفع".
وطالبت بإلغاء نظام المجلس الحسبي على المرأة الأرملة وجعله اختياري يتبع إرادة وتقدير الزوج في قرار له يكتبه ويفوض فيه المجلس الحسبي بدلاً من الزوجة.
وأوضحت الجزايرلي أسباب تقديمها المقترح، وقالت: إن هذه المحاولة الثالثة لاقتراح تعديل نظام المجلس الحسبي، معربة عن أملها في أن يساهم العمل الدرامي (تحت الوصاية) في تسليط الضوء على ما تعانيه الأرملة والأطفال الأيتام بسبب هذا القانون.
وأضافت أن عدداً كبيراً من السيدات الأرامل تواصلن معها بشأن معاناتهن مع (المجلس الحسبي)، وجاءت أبرز أشكال المعاناة في بطء تنفيذ الطلبات، كما أن جميع احتياجات الطفل المالية تتطلب موافقة مسبقة من قِبل لجنة يحددها (المجلس الحسبي).
هل الأم شخصاً يخطط للاستيلاء على أموال أطفالها؟
وأشارت عضوة مجلس النواب، إلى أنه في حالات الطوارئ مثل الأزمات الصحية قد تضطر الأم إلى اقتراض الأموال لحين البت في الطلب من قِبل المجلس، كذلك فإن بعض الأطفال الأيتام يتعرضون لتراجع في المستويين المعيشي والاجتماعي مثل الانتقال إلى مدرسة أقل بسبب إجراءات (المجلس الحسبي).
فيما اعتبرت المحامية جواهر الطاهر مديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، أن نظام المجلس الحسبي على نموذجه الراهن “يعامل الأم باعتبارها شخصاً يخطط للاستيلاء على أموال أطفالها”.
وقالت إن القانون يعتبر الجد هو الولي الشرعي على الأطفال دون وضع ما تتحمله الأم من مسؤوليات في الاعتبار، فلا يحق لها طلب أموال إلا بلجنة وإجراءات مطولة على عكس الجد الذي لا يتحمل تربية الأطفال بينما يحق له المطالبة بأي مبلغ، والنظر لهذه المقارنة يعكس حجم الأزمة.
وترى “الطاهر” ضرورة تعديل القانون الخاص بالمجلس الحسبي، وتلفت النظر إلى أن الأموال التي تركها الزوج قبل وفاته قد يكون جزء منها حقاً للزوجة نفسها، سواء بالإعطاء المباشر أو بما تحملته خلال رحلة الزواج، غير أن كل هذا لا يؤخذ في الاعتبار ولا تُمنح الزوجة أي حقوق للوصاية المالية على ميراث أطفالها؛ لذا تغيير القانون بات لازماً لتيسير حياة الأسر بعد فقدان الأب.