بدأت مصر وتركيا مرحلة جديدة، تتعلق بإعادة العلاقات بينهما لسابق عهدها التاريخي، حيث تعددت اللقاءات والزيارات التي تؤكد هذا الأمر، والتي توالت عقب لقاء جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، في العاصمة القطرية الدوحة ديسمبر الماضي، ثم تقديم القاهرة الدعم والمواساة لأنقرة أثناء محنتها بعد زلزال فبراير المدمر.
التبادل التجاري بالعملة المحلية
تواصل اللقاءات والزيارات بين مسؤولي البلدين وقرب انفراج الأزمة السياسية تماما، جعل خبراء الاقتصاد يتفائلون أيضا بأن يكون للوضع السياسي انعكاس أكبر على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين القاهرة وأنقرة، "لم تتاثر بحالة التوتر الأخيرة" وأن تساهم في زيادة حجم الاستثمارات والتبادل التجاري مستقبلا.
وينصح خبراء الاقتصاد مصر وتركيا من خلال روشتة عاجلة للبلدين قد تمكنهما مستقبلا من مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على اقتصاديهما، وتقلل من حدة التنافسية والضغط على العملة المحلية للدولتين، "سواء الجنيه أو الليرة" بالتبادل التجاري بالعملة المحلية.
وقال نهاد أكينجي، رئيس مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين الأتراك على هامش حفل إفطار الجمعية، بمناسبة مرور 20 عاما على تأسيسها، إن "أعضاء الجمعية طلبوا من وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، خلال زيارته إلى مصر، الشهر الماضي، دراسة طلب التبادل التجاري بين البلدين بالعملات المحلية، من خلال وزارة المالية في أنقرة".
وأضاف أن أوغلو أبدى اهتماما كبيرا بهذه المسألة، خاصة أننا "نسعى لتطبيقها على مستوى التبادل التجاري بين شركات القطاع الخاص، وليست المعاملات الحكومية لتخفيف ضغط قلة توفر الدولار، والذي يؤثر سلبا على الاستثمارات".
وأوضح أكينجي: "إذا فتحنا التجارة بين البلدين بالعملات المحلية، بحيث تستورد مصر من تركيا وتدفع بالجنيه، وتستورد تركيا من مصر وتدفع بالليرة، سنقضي على صعوبة كبيرة في طريق الاستثمار حاليا".
وقال: "بلغنا وزيري الخارجية والمالية التركيين قبل أسبوعين، ومن المنتظر أن يعرضا الأمر على مصر خلال زيارة للقاهرة قريبا"، مضيفا: "هذا الأمر مهم جدا، وسيسهم في زيادة الاستثمارات التركية في مصر".
وتوقع أكينجي، حال موافقة مصر على الطلب التركي، أن يقفز التبادل التجاري بين البلدين إلى الضعف ليبلغ 20 مليار دولار خلال 15 عاما، والاستثمارات التركية إلى ما بين 4 و5 مليارات دولار، مقابل ملياري دولار حاليا.
وتمثل عودة العلاقات المصرية التركية إلى طبيعتها، دعما كبيرا للنشاط الاستثماري لأنقرة في القاهرة، ومساندة (تومياد)، وفق أكينجي، الذي أكد أن هناك رغبة كبيرة من رجال الأعمال الأتراك للاستثمار في مصر، "نعرف ذلك من خلال تلقي استفسارات كثيرة مؤخرا منهم، سواء في الجمعية أو لدى المستشار التجاري لسفارة أنقرة في القاهرة، تزامنا مع بدء عودة العلاقات".
زيادة الاستثمارات التركية بمصر
لكن أكينجي، يقول إنه "رغم ذلك هناك عدة معوقات تقف حائلا دون زيادة الاستثمارات التركية في مصر، تتمثل في طول الوقت الذي يستغرقه الحصول على تأشيرة دخول مصر، وأيضا تصريح الإقامة، بالإضافة إلى صعوبة توفر الدولار، مؤكدا أن المستثمرين يضطرون إلى الحصول على تأشيرة سياحة لاختصار الوقت".
وأردف: "حتى التأشيرة السياحية تستغرق ما بين شهر و3 أشهر، فيما لم يفعل قرار وزير السياحة والآثار المصري الذي أعلنه مؤخرا بشأن تأشيرة السياحة.. بعض أقاربي طلبوا التأشيرة قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، ولم يحصلوا عليها حتى الآن".
من جانبه أجرى وزير الخارجية المصري السفير سامح شكري، الخميس، مباحثات مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو في أنقرة، التي وصلها بعد زيارة إلى جارتها اليونان، حول "تطبيع العلاقات بين البلدين".
ومن المقرر أن يتم التحضير لقمة مصرية - تركية مشتركة تجمع الرئيس السيسي ونظيره التركي أردوغان؛ للاتفاق على جدول زمني لعودة السفراء بين البلدين، بحسب ما أعلن الوزير شكري.
وقال شكري - خلال مؤتمر صحفي مشترك مع أوغلو: "اتفقنا على إطار زمني محدد بشأن الارتقاء بمستوى العلاقات الدبلوماسية والتحضير لقمة على مستوى رئيسي البلدين"، مضيفا: "هناك إرادة سياسية لتفعيل العلاقات الثنائية، واتفقنا على إطار زمني محدد لعقد قمة ثنائية على مستوى الرؤساء".
ومن جانبه، قال تشاووش أوغلو: "من الآن فصاعدا سنعمل مع مصر على توثيق التعاون بشأن ليبيا"، مضيفا: "نريد تعزيز السياحة بين مصر وتركيا، لأن تبادل الزيارات والاجتماعات مفيد بالنسبة للبلدين"، موضحا: "خلال زيارتي لمصر طالبت تقديم الدعم بما يتعلق بفعاليات مؤسساتنا الموجودة في مصر، ونريد تسريع خطوات التعاون في ظل توافق الرؤى بيننا".
وأكد وزير الخارجية التركي، أن "التعاون بين مصر وتركيا مهم لمصلحة المنطقة"، مشددا: "نعمل على تطوير العلاقات مع القاهرة في المجالات كافة، وأننا نقدر دورها في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير أحمد أبو زيد على صفحته الرسمية على "تويتر" إن "الوزير سامح شكري ونظيره التركي مولود تشاووش أوغلو عقدا اجتماعاً ثنائياً مغلقاً بالخارجية التركية".
ارتفاع حجم التبادل التجاري
من جانبه قال الخبير الاقتصادي، عادل عامر، إن العلاقات التجارية بين مصر وتركيا تسير بصورة جيدة، والبحث عن المزيد من التبادل التجاري والتصدير المصري، مرتبط بالأساس بالإنتاج في مصر وتطوير الاستثمارات، مع ضرورة التطوير في القطاع الصناعي، والتوسع في المنشأت الصناعية، وزيادة الإنتاج، بصورة تجعل مصر قادرة على زيادة حجم التبادل التجاري مع تركيا وغيرها من دول العالم.
وأضاف عامر - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن التعامل بالعملات المحلية بين مصر وتركيا، يحتاج لشبكة ونظام مدفوعات جديد، ويحتاج التعامل التجاري بين قطاع الأعمال المصري والتركي بعملات البلدين مفاوضات على مستوى القطاع الدبلوماسي، ثم موافقة البنك المركزي المصري والبنك المركزي التركي وإصدار التراخيص والضمانات اللازمة.
وقال السفير سامح شكري، إن هناك اتفاقًا للتجارة الحرة بين القاهرة وانقرة، والعلاقات الاقتصادية استمرت على طبيعتها خلال السنوات السابقة، وزاد التبادل التجاري لـ 10 مليار دولار، وهذا الرقم مؤهل للزيادة نظرًا لجهود الدولتين في هذا الصدد، وتشجيع المستثمرين في البلدين على تكثيف التواصل فيما بينهما.
وأضاف سامح شكري، خلال حواره على فضائية "ten"، أن هناك حديثا عن التعاون بين أنقرة والقاهرة في مجال الطاقة المتجددة ، والحديث عن إقامة منطقة تجارية لتركيا في قناة السويس، وهذا يوفر لتركيا الوصول إلى الوصول إلى دول جديدة، مشيرًا إلى أن "أنقرة والقاهرة لديهما وزن وثقل سياسي، والتعاون بينهما سيكون له وزن كبير في هذا الصدد".
ولفت إلى أن مصر تأمل أن يكون جو التعاون هو السائد في كل دول المنطقة، وفي حال تسوية القضية الفلسطينية وإزالة العوائق المرتبطة باستمرار هذه القضية، من شانه أن يعود على المنطقة بالاستقرار وتعزيز السلام، وتوفير فرص واعدة للمنطقة.