صدر العمل الفني التوثيقي "الطريق الطويل لاتفاقيات إيفيان.. ذكريات من سويسرا (1960-1962)"، لفنانة الرسوم المصوّرة الجزائرية بشرى مختاري، وهو عبارة عن شريط مرسوم يضمّ 47 لوحة بالأبيض والأسود، يروي تاريخ و تطوّر مفاوضات إيفيان بين الجزائر وفرنسا الاستعمارية، وهي الاتفاقية التي وضعت نهايةً لـ 132 عاماً من الاستعمار، وأدت إلى وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962.
هذا العمل الذي أصدرته دار النشر "برزخ"، هو قصّة مأخوذة عن سيناريو للمؤرّخ السويسري مارك بيرينو، وهو مستمدّ من مذكّرات الأبطال الذين شاركوا في هذه المفاوضات، فضلاً عن الوثائق التاريخية التي جمعها، وقد استمدّت الرسامة عملها من قصة بيرينو، بحسب التسلسل الزمني للطريق الطويل، الذي سلكه الممثلون الجزائريون للحكومة المؤقّتة في جمهورية الجزائر .
ويتضمن السيناريو، الذي تطرق إلى اللقاءات وانقطاع المفاوضات ثم استئنافها، الجوّ المتوتّر الذي ساد هذه المحادثات التي انطلقت عام 1960 في "ميلون" قرب باريس، واستمرّت لسنتين وتوّجت بالتوقيع على الاتفاقات في 18 مارس 1962.
وانطلاقاً من الاتصالات الأولى التي بدأت سنة 1960، مروراً بالاجتماعات غير الرسمية التي انعقدت في فنادق عدّة في سويسرا، وصولاً إلى المحادثات التي جرت من 7 إلى 18 مارس 1962 في إيفيان، استعاد هذا الشريط المرسوم أهم مراحل هذه المفاوضات.
شخصيات سياسية
كما تضمّن الشريط شخصيات سياسية جزائرية وفرنسية وسويسرية بملامحها وإيماءاتها، إذ تمّت الإشارة إلى فرحات عباس، أوّل رئيس للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وكريم بلقاسم رئيس الوفد الجزائري، وأحمد بومنجل، وطاهر بولحروف، وذلك خلال محادثاتهم إلى جانب دبلوماسيين ومبعوثين فرنسيين، على غرار لويس جوكس، وجورج بامبيدو وسويسريين مثل أوليفيي لونغ.
وتطرّق كاتب السيناريو إلى دور "المسير" للسلطات السويسرية، التي استضافت ممثلي الحكومة المؤقتة الجزائرية للجمهورية، من خلال إعادة زيارة الأماكن المرتفعة المشبعة بالتاريخ أي القصر الفيدرالي، مقر الحكومة السويسرية، والفنادق التي استقبلت المبعوثين واللقاءات.
كما سلّط المؤلف الضوء على الدور المهم الذي لعبته وسائل الاعلام السويسرية والأوروبية، التي أولت اهتماماً بالغاً لهذه المفاوضات. وتضمّن غلاف الشريط المرسوم صوراً للوفد الجزائري في إيفيان بقيادة كريم بلقاسم، وهو ينزل من مروحية سويسرية.
وقال المخرج و المصوّر السويسري جان ميرات، وهو مناضل دعم القضية الجزائرية، إن "هذا العمل يكشف المشاعر المليئة بالأمل أو الخوف من وقف مسار المفاوضات ذات رهانات مأساوية".
وقالت الفنانة بشرى مختاري إن "هذه التجربة الأولى من الشريط المرسوم، تعتبر تحدياً أدخلني في السياق التاريخي، بعد تجارب سابقة في مجال الفن الهزلي".