لاشك أن سؤال هل الجن موجود في رمضان ؟ تطرحه تلك المخاوف الكبيرة من هذا العالم، خاصة مع عرض مسلسل المداح في رمضان 2023، الذي تتناول أحداثه عالم الجن والسحر، وهو من الغيبيات المخيفة ، وحيث إننا جميعًا نعرف أن في شهر رمضان تصفد الشياطين ، وهذا ما يطرح السؤال عن هل الجن موجود في رمضان ؟
هل الجن موجود في رمضان
قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء، أن رأي بعض العلماء أن الذي يقيد من الشياطين في رمضان هم مردة الجن فقط أي العتاة الشداد في الوسوسة، منوهًا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعاذ من شياطين الإنس فهم يؤدون بالشخص إلى النار.
وأوضح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن عدم وجود شياطين وجن فى شهر رمضان اختلف فيها العلماء على قولين الأول أن "جميع الشياطين والجن تسلسل فى رمضان، مستدلين بظاهر حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم «وتسلسل فيه الشياطين».
وأضاف «الجندي» ، أن الرأى الثانى يرى بأن "ليس جميع الشياطين تسلسل فى شهر رمضان وإنما مردة الجن فقط هى من تصفد"، مستدلين برواية الإمام أحمد ابن حنبل لحديث رسول الله «تُصَفَّد فيه مَرَدَة الشياطين»، مشيراً إلى أن هذا الفريق ذهب لوجود بعض الشياطين فى شهر رمضان لتبرير أفعال المسلمين الذين يفعلون الذنوب والمعاصى فى هذا الشهر الكريم.
وأفاد بأنه يرجح الرأى الأول بأن جميع الشياطين تصفد فى رمضان إكراماً من الله تعالى لعباده فى هذا الشهر الفضيل، وأن جميع الذنوب والمعاصى التى يفعلها العباد هى من تأثير النفس الأمارة بالسوء عليهم.
هل السحر موجود في رمضان
وأشار الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن أعمال السحر موجودة فى شهر رمضان كالأيام العادية، منوهًا بأن الشياطين التى تسلسل فى رمضان هى المرضي وليس كل الشياطين، بدليل أن هناك ارتكاب للمعاصى والآثام فى هذا الشهر، منوهًا بأن الحماية من السحر يكون بالأذكار ومنها الفاتحة وقراءة المعوذتين وسورة البقرة والدعاء إلى الله تعالى.
هل الجن يصفد في رمضان
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه فيما رواه البخاري، و مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ».
وأوضح «مركز الأزهر» في شرحه للحديث الشريف ، أن معنى (صفدت الشياطين ) : قيدت، وجاء في شرح الحديث، أنه كما فضل الله بعض البشر على بعض، فإنه فضل بعض الرسل على بعض، وفضل بعض الأمكنة على بعض، فإنه تعالى فضل – أيضا- بعض الأزمنة على بعض.
واستشهد بما قال تعالى : «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ » الآية 185 من سورة البقرة ، وقال تعالى : «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ» الآية 3 من سورة الدخان، وقال تعالى : «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)» من سورة القدر.
وأضاف أن المكان يشرف ويفضل عادة بما يحل فيه من فضائل وخيرات، ويهبط ويحقر بما يقع فيه من شر وسوءات، كذلك الزمان يعظم بما يقع فيه من عظائم الأمور، ويقل شأنًا بما يقع فيه من محقراتها، فالمكان والزمان ظرفان لما يقع فيهما، ففضل شهر رمضان شرف بإنزال القرآن فيه، وبتشريع عبادة فيه، هي أشبه بعبادة الملائكة، وهي الصوم والإمساك عن الطعام والشراب وكف الشهوات.
وتابع: فإذا أضفنا إلى ذلك فتح أبواب رحمة الرحمن، وزيادة فضله وإكرامه للصائمين، رأينا الفضل الواسع الذي يتفضل الله به على عباده في شهر رمضان، فضل تمكين من العبادة، وتيسير لأدائها، وإبعاد لمعوقاتها، وفضل حصار للمحرمات، وتضييق لمسالكها، وتغليق لمنافذها، وحبس لوسوستها وتزيينها وإغوائها، يتمثل ذلك في فتح أبواب الجنة، وغلق أبواب النار.
واستطرد: وسلسلة الشياطين، ثم التفضل بالإثابة على القليل كثيرًا، والتفضل بالعفو والتسامح والغفران للهفوات "من تطوع بخصلة فيه كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه".
ما يستفاد من الحديث ثلاثة أمور أولها فضل شهر رمضان على سائر الشهور الهجرية الأخرى، وثانيها أن فيه تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النيران، وثالثها تسد فيه نوافذ الشر، وتضيق فيه طرق المعصية.
معنى سلسلة الشياطين
أخبرنا النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ من فضائل شهر رمضان تصفيد الشياطين فيه، وهي رحمة للمسلمين؛ لأن ذلك سبب في العافية من شرورهم، ووساوسهم؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ)، وهذه خصيصة عظيمة من خصائص شهر رمضان، تُتيح للعبد الفرصة للتوبة من ذنوبه والقُرب من ربه بلا تأثير أو وسوسة من الشيطان.
وحين تُصفد الشياطين، فإنها لا تعود قادرة على إغواء المسلم، وتحريك شهوته، أو إفساد صومه، ولا تستطيع فِعل ما تفعله خارج رمضان؛ من صَرف الناس عن الخير، ودَفعهم إلى الشر، وعند إتيان المسلم للمعصية وفِعل الشر، فإنه يلوم نفسه على ذلك، ولا يتعلل بأن الشيطان هو الذي أغواه؛ إذ إنّ الشياطين ضعيفة في رمضان، ولا تكون على حالها الذي تكون عليه في غيره من الشهور، وتكون وساوسها في هذا الشهر الفضيل أقلّ تأثيرًا في المسلمين.