لاشك أن الصيام في رمضان لا يقتصر على الطعام والشراب فقط ، وإنما كذلك هو صيام عن كل الشهوات وكذلك المعاصي والذنوب، ولعل هاذا ما يفسر بحث الكثير من الشباب عن حقيقة هل مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان تفسد الصيام سواء كانت في نهار رمضان أو ليله ، قبل الإفطار أو بعده؟، فصحيح أنه من المعلوم للجميع أنها حرام ، ومع ذلك يظل السؤال مطروحًا عن هل مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان تفسد الصيام أم لا؟.
هل مشاهدة الأفلام الإباحية
قالت دار الإفتاء، إن مشاهدة هذا النوع من الأفلام حرام شرعًا ولا يجوز بشكل عام، ومن يفعل ذلك عليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى ويستغفر له.
وأوضحت “ الإفتاء” عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي قيسبوك، في إجابتها عن سؤال: ( هل مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان تفسد الصيام؟)، أن حرمة مشاهدة الأفلام الإباحية تزداد في شهر رمضان سواء قبل أو بعد الإفطار، وقالت إنه من صفات الصائم في شهر رمضان أن يمتنع عن أي معصية وأن يكثر الطاعات والعبادات.
وأضافت أنه لا يجوز مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان قبل الإفطار، وحرام شرعًا، ويعد من أقبح المعاصي، إضافة إلى أنه انتهاك لحرمة شهر رمضان المبارك، إلا أن حرمة مشاهدة الأفلام الإباحية غير كافية لبطلان الصوم، ولكن إذا نزل شيًئا من الإنسان فذلك يؤدي إلى بطلان صيامه.
وتابعت: على الرغم من أنها مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان لا بتطل الصيام إلا أن تؤثر على أجر الصائم، منوهة بأنه من المفترض ألا يرتكب الإنسان أي فعل قبيح خلال صومه، فجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ”.
واستشهد الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بما قال الله تعالى فى سورة المؤمنون ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ))، وجاء فى الحديث (العينان تزنيان وزناهُما النظرُ)، مشيرًا إلى أن مشاهدة الأفلام الإباحية حرام لا تجوز، ومن فعل ذلك عليه أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه ويبتعد عن ذلك تماماً، ومن ثم الأعمال الصالحة.
وأكد “ أمين الفتوى” أن مشاهدتها حرام، سواء فى نهار رمضان أو غيره، ومشاهدتها ذنب كبير، ولكن على من يشاهدها أن يكمل صيامه، بشرط ألا تؤدى المشاهدة إلى شهوة شديدة لم يستطع السيطرة عليها، عندها سيبطل صيامه، وغير ذلك لا يبطل صيامه ولكن يبطل الثواب، أما أثر الصيام وقبوله فهذا الأمر لله وحده، ولا يستطيع أحد تحديد هل هو فاطر، أم صائم سوى فى حالة حدوث شهوة شديدة جداً، عندها يكون فاطرا، وفى نهاية الأمر فهو مذنب بسبب مشاهدته لهذه الأفلام من الأساس، وعليه إثم الذنب.
ولفت إلى أن الصائم مأمور بأن يكفَّ جوارحه عن محارم الله، فيحفظ لسانه عمَّا لا ينبغي، ويحفظ جوارحه كلها عمَّا لا ينبغي؛ ولهذا يقول -صلى الله عليه وسلم-: الصيام جُنَّة يعني: سترة وحاجز من النار لمن صانه وحفظه، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب يعني: لا يُجامع، ولا يأتي الرفث من القول: الرديء، ولا يصخب لا يتكلم بما لا ينبغي، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني صائم، يعني: إن اعتديت عليَّ لا أُقابلك، لا أُكافئك على ما قلتَ من السبِّ؛ لأني صائم، والصائم منهيٌّ عمَّا لا ينبغي.
حكم مشاهدة الأفلام الإباحيةفي رمضان
وأفاد الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن حكم مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان، بأن الأفلام الإباحية هي لعنة تجلب غضب الرب وتورث الإنسان سواد المعصية ، وهي سبب عظيم من أسباب البلاء ومشاهدتها ذنب ، ناصحًا على من يقدم على مشاهدة هذه الأفلام أن يتقي الله عز وجل وأن يحفظ نعمة البصر التي أنعم بها الله عليه.
ونبه إلى أن مشاهدة الأفلام الإباحية حرام شرعا وتضعف الإيمان وتجلب الفقر على صاحبها وتغضب الله عز وجل، لافتًا إلى أن حرمة مُشاهدةُ الأفلام الإباحيَّة من الأمور البديهية التي لا تحتاج لإقامة البرهان؛ وشؤمها يؤدي إلى قساوةِ القَلب، والغفلة عن الله- تعالى- وعن ذِكْره، و إمراض النَّفس، والزُّهدِ في الحلال، والتَّجرؤ على ارتِكاب الفواحش والمعاصي، والتَّهاون فيها، فقد أمرنا الله - سبحانه وتعالى - بغضِّ البَصر عن ما هو أهون من هذا بكثير؛ قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30].
هل الله يغفر مشاهدة الأفلام الإباحية
يجب على من شاهد تلك الأفلام، المسارعة إلى الله - تعالى -بالتَّوبة النصوح؛ فإنَّ التَّائبَ من الذَّنب كَمَن لا ذَنْبَ له، وكل من تاب توبة نصوحًا، واجتمعت فيه شروط التوبة الصادقة- فالله تعالى يقبل توبته؛ قال الله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} الآية 25 من سورة الشورى، فالعبدَ إذا أذنبَ ثُمَّ تاب مِن ذُنُوبِه وصدق في توبته، فإنَّ الله يقبَلُ توبَتَه، ومن ثمّ أمر بالمسارعة إلى المغفرة وإلى جنة عرضها السماوات والأرض؛ قال الله تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ* وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 133 - 135].
وورد أن سماحة الدين الإسلامي لا تطرد أحدًا أو تبعده من رحمة الله، إنما ترفع التائب إلى أعلى مرتبة، مرتبة المتقين، على شرط واحد، شرط يكشف عن طبيعة هذا الدين ووجهته، أن يذكروا الله فيستغفروا لذنوبهم، وألا يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أنه خطيئة، وألا يتبجحوا بالمعصية في غير تحرج ولا حياء، بمعنى أن ينكسر العبد لله ويستسلم له في النهاية، فيظل في كنف الله ورحمته وفضله.