لاشك أن صيام رمضان ليس عن الطعام والشراب فقط وإنما عن كل الشهوات ومن بينها الجماع، ومن ثم فهذا يطرح الاستفهام عن التفكير بالجماع في نهار رمضان.. هل يبطل الصيام ؟ ، حيث إنها تشغل الكثير من الأزواج طوال شهر رمضان، خاصة وأن كفارة الجماع في نهار رمضان ليست بالأمر الهين، وأن التفكير والتخيل أحد مداخل الشيطان، التي ينغص بها على المرء حياته، ومن بين الشك والشعور بالذنب تنبع أهمية معرفة هل التفكير بالجماع في نهار رمضان يبطل الصيام؟.
التفكير بالجماع في نهار رمضان
قال الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن مجرد التفكير أو السرحان في بعض الأمور المخلة أو بعض المعاصي في نهار رمضان لا تبطل الصوم.
وأوضح "وسام" في إجابته عن سؤال: ( هل التفكير بالجماع في نهار رمضان يبطل الصيام ؟)، أنه ينبغي على الصائم عدم الاسترسال في التفكير في مثل هذه المحرمات ولا يستسلم لها، وعليه بمواصلة الذكر أو القراءة في كتاب الله.
واستشهد بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم". رواه البخاري ومسلم، منوهًا بأن بدل من الانشغال بهذه الأمور الأحسن لك أن تشغل نفسك بذكر الله والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة آية الكرسي والمعوذتين .
هل التفكير بالجماع يبطل الصيام
وورد أن التفكير بالجماع في نهار رمضان ، بمثل هذه الأمور لا يفسد الصوم ولا يفطر ، لأن المفطرات الأكل والشرب والجماع وإنزال المنى عن طريق مباشر، فهذه أمور تفطر، أما لو لم يحدث إنزال للمني فلا تفطر، ومجرد التفكير فيما يثير الشهوة لا يبطل الصيام، بل لو نزل المني بسبب التفكير لم يبطل الصيام في قول جمهور أهل العلم، قال ابن هبيرة في كتابه اختلاف الأئمة العلماء: وَأَجْمعُوا على أَن من فكر فَأنْزل أَن صَوْمه صَحِيح، إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ: يفْطر، وَيجب عَلَيْهِ الْقَضَاء. اهـ.
ورد أن من المقرر أن الاستمناء- أي: إنزال المنيِّ ، باختيار الصائم ولو بلا جماع؛ وذلك كالاستمناء بالكف، أو بالتبطين والتفخيذ، أو باللمس والتقبيل ونحوهما- يبطل الصيام، وذلك باتفاق الفقهاء، فيرى الحنفية والشافعية والحنابلة أن من فعل شيئًا من ذلك، فأمنى؛ وجب عليه القضاء فقط؛ قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: «ولو جامع امرأته فيما دون الفرج فأنزل، أو باشرها، أو قبلها، أو لمسها بشهوة فأنزل يفسد صومه، وعليه القضاء ولا كفارة عليه. وكذا إذا فعل ذلك فأنزلت المرأة».
وفي قول العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج": «(و) الإمساك (عن الاستمناء)، وهو إخراج المنيِّ بغير جماع محرَّمًا كأن أخرجه بيده، أو غير محرَّم كإخراجه بيد زوجته أو أمته (فيفطر به)؛ لأن الإيلاج من غير إنزال مفطر، فالإنزال بنوع شهوة أولى، (وكذا خروج المنيِّ) يفطر به إذا كان «بلمس وقبلة ومضاجعة» بلا حائل؛ لأنه إنزال بمباشرة».
وعن قول العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف": «قوله: (أو استمنى)، فسد صومه. يعني: إذا استمنى فأمنى، وهذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقيل: لا يفسد. قوله: (أو قبَّل أو لمس فأمنى)، فسد صومه. هذا المذهب، وعليه الأصحاب]، ويرى المالكية أنه يكون عليه القضاء والكفارة إذا تعمّد ذلك.
و قال العلامة صالح الآبي الأزهري في "الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني": «وإن تعمد ذلك؛ أي: المباشرة والقبلة، حتى أمنى فعليه مع القضاء الكفارة على المشهور»، وخرج بالاستمناء الإمناء بغير اختياره؛ كما لو احتلم، أو أنزل بغير شهوة ولا مباشرة، ولا فكر أو نظر؛ فلا يبطل صومه باتفاق الفقهاء، قال العلامة الحصكفي في "الدر المختار في شرح تنوير الأبصار" مع "حاشية ابن عابدين" (2/ 395-396، 400، ط. دار الفكر): [(أو قبّل) ولم ينزل، (أو احتلم، أو أنزل بنظر) ولو إلى فرجها مرارًا، (أو بفكر) وإن طال... (لم يفطر)].
وفي قول العلامة محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي في "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" : (قوله: لا بلا لذة) أي: لا إن خرج بلا لذة أصلًا، أو خرج بلذة غير معتادة؛ فلا يفسد صومه]، وقال العلامة ابن الرفعة الشافعي في "كفاية النبيه في شرح التنبيه": [وتقييد الشيخ الفطر بخروج المني بما إذا كان سببه المباشرة فيما دون الفرج أو الاستمناء يفهمك أنه لو خرج بغير هذين السببين لا يفطر به، سواء كان على وجه الشبق أو عقيب النظر بالشهوة مرة واحدة أو مرارًا، وإن كان بتكرار النظر آثما كما صرح به الأصحاب. وكذا.