صادقت حكومة الاحتلال الإسرائيلية، ظهر اليوم الأحد، على اقتطاع 1.5% في ميزانية جميع الوزارات الحكومية لصالح إنشاء ما يسمى "الحرس الوطني"، وذلك تماشيا مع وعد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.
وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فقد قال بن غفير إن الزيادة ستوجه أيضًا إلى تجنيد 3000 شرطي إضافي ، ورفع رواتب ضباط الشرطة إلى رتبة مفتش.
في غضون ذلك، عارض معظم الوزراء في الحكومة التخفيضات في ميزانيتهم، وقالوا إن هذه التصرفات غير المسئولة تجلب على الحكومة نفسها انتقادات علنية شديدة، وإنه لا يوجد أي تفكير قبل الترويج لتحركات قد تسبب الضرر.
في السياق ذاته، عبرت جهات أمنية وقضائية إسرائيلية عن معارضتها لخطة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إقامة "حرس وطني".
وأكد كل من المفتش العام لشرطة الاحتلال الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، ورئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، والمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، معارضتهم لخطة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، لإقامة "حرس وطني" يخضع لوزارته ويكون موازيا للشرطة.
وقال شبتاي إن "تشكيل الحرس الوطني كهيئة منفصلة عن الشرطة، قد يسبب أضرارا جسيمة بالقدرات العملياتية لمنظومات الأمن الداخلي"، مشيرا إلى تشكيل الحرس خطوة غير ضرورية مع أثمان باهظة قد تصل إلى درجة المس بالأمن الشخصي للمواطنين".
وذكر شبتاي أن "الضرر الذي سيسببه إقامة الحرس على منظومات الأمن الداخلي، سيكون ناجما عن عدم الوضوح بشأن الجهة التي ستتحمل المسئولية عنه".
من جانبها، نقلت صحيفة "هآرتس"، عن مصادر أمنية قولها إن "رئيس جهاز الشاباك عبر، خلال محادثات مغلقة، عن معارضته لإقامة الحرس الوطني على خلفية عدم وجود عمل منظم ومشترك حول الموضوع".
وبحسب الصحيفة، قال بار إنه "لا يعقل أن يكون في منطقة واحدة جهازي شرطة".
وعقب الشاباك بالقول إن موقفه "سينقل إلى صناع القرار في هذا الموضوع".
وعبرت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية بهاراف ميارا عن معارضتها لمقترح إنشاء الحرس الوطني برئاسة الوزير بن غفير.
وبحسب القناة 12 في التليفزيون الإسرائيلي، أكدت مبارا أن "هناك عائقا قانونيا أمام إنشاء الحرس لأن الشرطة تستطيع التعامل مع المعضلات الأمنية دون الحاجة إلى هيئة إضافية".
في أعقاب ذلك، أصدر مكتب بن جفير بيانا، قال فيه إنه "يوجد مسئولون كبار في الشرطة الذين لا يريدون حرسا وطنيا، بسبب حروب شخصية، والوزير منح الشرطة ثلاثة أشهر كي تقدم خطة جدية لكن لا يوجد أي تقدم عمليا، وإذا قدمت الشرطة خطة جدية فسندرس بشكل إيجابي تنفيذ ذلك بواسطة الشرطة وإن لم تفعل، فإن الحرس سيعمل تحت إدارة وزارة الأمن القومي".
وقالت مصادر في جهاز الأمن إن "بن غفير يريد تعيين القائد السابق لوحدة مجيلان أفينوعام أموناه، وهو برتبة عقيد احتياط، قائدا للحرس الوطني".
وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن "أموناه قال لجنود تحت إمرته قبيل هجوم على قطاع غزة (أقتلوهم أثناء هروبهم) في إشارة إلى الفلسطينيين".
وأضافت الصحيفة أنه "عندما تولى أموناه قيادة مجيلان طلب عدم تعيين مجندة كناطقة باسم الوحدة وإنما ناطق، وذلك على خلفية تزمته الديني".
وحسب اقتراح بن غفير، فإن "الحرس الوطني" سيتكون من خمسة ألوية نظامية تضم 2500 عنصر من قوات "حرس الحدود"، إضافة إلى 46 سرية احتياط، وأن يحصل أفراد هذا الحرس على صلاحيات تنفيذ اعتقالات.
وجاء في اقتراح بن غفير، الذي نشر، الأربعاء الماضي، أن "الحرس الوطني سيستند إلى قوات نظامية وألوية تكتيكية لمواجهة حالات محددة، ستعمل في الفترات العادية في مكافحة الإرهاب وتعميق القدرة على الحكم والنظام العام من خلال استخدام وسائل تكنولوجية ومخابراتية، وكذلك من خلال التركيز على قدرات الانتقال إلى أحداث طارئة، وإلى جانب ذلك قوات احتياط ومتطوعين لمضاعفة القوة في مواجهة السيناريوهات المذكورة".
وأضاف الاقتراح، تشكيل لجنة برئاسة مدير عام وزارة الأمن القومي، وتضم مندوبين من وزارات أخرى وكذلك من الشرطة والجيش، وأن تقدم توصياتها خلال 60 يوما من أجل تشكيل "الحرس الوطني".
ميليشيات انقلابية
وحذر المفتش العام الأسبق للشرطة الإسرائيلية، موشيه كرادي، أمس، من أن "بن غفير قد يستخدم الحرس الوطني من أجل تنفيذ انقلاب. وفق ما نقلت عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
وأضاف كرادي أنه "على نتنياهو أن يتعلم قطرة من التاريخ وأن يرى ماذا حدث في دول كان لسياسيين فيها قوة خاصة. والمسافة بين هذا وبين الحقيقة أنه مع هذه القوة ويسيطر على مكتب رئيس الحكومة وينفذ انقلابا، قريبة جدا، ولذلك أقترح على رئيس الحكومة أن يحذر، لأن بن غفير سيقوم باستخدام هذا الحرس ضد رئيس الحكومة في أحد الأيام".
وتعتبر هذه القوة التي يريد ايتمار بن غفير إقامتها وتكون تحت إمرته وتتشكل من متطوعين ورجال امن وجنود سابقين، تكون أشبه بميليشيات تعمل تحديدا في البلدات العربية داخل الخط الأخضر (ضمن إسرائيل) أو المدن المختلطة بالعرب واليهود، وذلك لقمع واخماد أي هبة شعبية قد تنطلق كالتي وقعت في مايو 2021.
جيش خاص من البلطجية
وانتقد زعيم المعارضة يائير لبيد بشدة قرار الحكومة، وقال إن "الحكومة وافقت على تخفيضات في جميع الوزارات لتمويل ميليشيا بن جفبر الخاصة".
وأضاف: "سيقطعون الرعاية الصحية، سيقطعون التعليم، سيخفضون الرفاهية، سيقطعون المواصلات العامة، سيخفضون ميزانية الدفاع - كل ذلك من أجل تمويل جيش خاص من البلطجية لمهرج تيكتوك".
وتابع: "الشيء الوحيد الذي يشغل بال الحكومة حاليا هو سحق الديمقراطية والترويج لأوهام متطرفة من الناس الوهميين".
ما هو الحرس الوطني؟ وما وظيفته؟
وردا على هذا السؤال، قال الضابط السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي وعضو حزب الليكود أيوب قرا، إن "الحرس الوطني" كان موجودا ضمن الأفكار التي طرحت خلال السنوات الأخيرة "بسبب انعدام الثقة لدى عناصر الشرطة والجيش بعد تدخل القضاء في مهامهم والقوانين التي يعتبرونها ضد الجندي والشرطي".
وأوضح قرا، بحسب شبكة "بي بي سي"، أن "الحرس الوطني" سيكون موازيا للجيش والشرطة الإسرائيلية، مشيراً إلى أنه سيتكون من مجموعةٍ من الفرق الخاصة للسيطرة على أماكن حساسة، يصعب على الشرطة والجيش السيطرة عليها.
ورأى قرا أن "الحرس الوطني" سيستهدف جنودا سابقين، سيتم تدريبهم لتشكيل فرق تفرض سيطرتها على الشارع، إضافة إلى تعديل بعض القوانين وحل بعض المشاكل الداخلية في إسرائيل.