أفرج أحد أحفاد السيد عبدالرحيم القنائى، عن وثيقة عمرها 147 عاماً، تحكى تفاصيل واستعدادات العائلات والقبائل خلال هذه الفترة الزمنية الهامة من تاريخ مصر عامة ومحافظة قنا خاصة، للاحتفال بمولد القطب الصوفى العالم السيد عبدالرحيم القنائى، الذى احتل مكانة كبيرة بين محبى آل البيت و أولياء الله الصالحين، فضلاً عن توسطه موقعاً متميزاً وسط مدينة قنا عاصمة المحافظة.
الوثيقة حملت الكثير من التفاصيل، التى كانت تسبق تنظيم فعاليات مولد السيد عبدالرحيم القنائى، بما فيها الملاليم والقروش التى كانت تخصص، لتنفيذ مهام و فعاليات مختلفة، كالوجبات الغذائية والمشروبات التى كانت تقدم للضيوف، و أماكن المبيت للقادمين من أماكن بعيدة.
الوثيقة ترصد احتفال مولد القنائى عام 1298 هجرية
و قال عبدالرحمن سمير الخطيب " من أحفاد السيد عبدالرحيم القنائى"، الوثيقة التى يرجع تاريخها لعام 1298 هجرية، ترصد بدقة تفاصيل احتفالات مولد العارف بالله السيد عبدالرحيم القنائى خلال هذه الفترة، وتشير إلى أن لجنة ثلاثية مكونة من : السيد عبدالرحيم زارع النقي ، السيد محمد أحمد النقيب، السيد أحمد عبدالرحيم طايع القاضى الشرعى لقنا آنذاك، كانت تتولى مسئولية الإعداد للاحتفالات، وتبحث احتياجات المسجد والضريح، وتتولى اسناد المهام لأصاحبها، فعلى سبيل المثال كانت تسند أعمال النجارة لشيخ النجارين المعلم حوت.
و تابع الخطيب، فيما كانت تسند أعمال جلب وتوفير جذوع النخيل، التى كانت تستخدم كأعمدة للسرادقات، للحاج محمد عتمان، و كان يتولى توريدها الشيخ البناوى، فيما كانت أعمال و مستلزمات المطبخ، تسند للخواجه ابراهيم، و السبرتايه يوردها الخواجه ينى، أما المشروبات و العطارة، فكانت من الحاج مصطفى العطار و الحاج محمد شعبان، بمنطقة السوق الفوقانى.
الوثيقة اهتمت برصد تفاصيل تجهيز الأطعمة والمشروبات
و أضاف الخطيب، بجانب تجهيز الأطعمة و المشروبات، كان هناك اهتمام بتجهيز الخيام التى تقام فيها جلسات القرآن الكريم والتواشيح الدينية، و التى كان يأتى إليها الكثير من القراء والمنشدين من أماكن مختلفة لإحياء ليالى مولد القنائى، بجانب الدروس الدينية و الخطب، وحلقات التعريف بتاريخ وسيرة العارف بالله السيد عبدالرحيم القنائى.
و قال مجدى محمد كامل العريس" من أحفاد السيد عبدالرحيم القنائى"، مظاهر الاحتفال بمولد القنائى تبدأ من أول شعبان حتى 15 شعبان، حيث تكون الليلة الختامية، وخلال هذه الفترة تُنصب السرادقات و الخيام، لاستقبال زوار سيدى عبدالرحيم، من اليوم الأول حتى آخر ليلة التى يكون فيها الليلة الختامية "التوب"، وفى الليلة الأخيرة يخرج المحمل أو التوب كما يطلق عليه الأهالى، فى شوارع قنا بداية من شارع عبده النقيب حتى مديرية أمن قنا، و يجوب بعدها شوارع قنا مرة أخرى، و يستقر فى النهاية أمام مسجد سيدى عبدالرحيم، يسير فيه أحفاد السيد و أبناء مدينة قنا.
و أضاف المهندس أحمد محسن العريس، من أحفاد السيد عبدالرحيم القنائى"، الوثيقة تحدثت عن تفاصيل ومراسم الاحتفال، و كيف كان يستعد أحفاد العارف بالله و أبناء قنا، لهذه المناسبة السنوية، و تجهيز الدواوين لاستقبال الضيوف، سواء من مدن قنا البعيدة أو من خارج المحافظة، وخاصة الرموز الدينية التى كانت تحرص على المشاركة فى فعاليات الاحتفال بمولد العارف بالله، وكان لهم مريديهم و محبيهم الذين يأتون خصيصاً للاستماع لهم.
القنائى مالكى المذهب يرجع نسبه للمغرب
جدير بالذكر أن عبد الرحيم القناوي، هو عالم دين وتفسير، مالكى المذهب يرجع نسبه ومولده إلى دولة المغرب، اسمه السيد عبد الرحيم بن أحمد بن حجون وينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، و لد في الأول من شعبان سنة 521 هجريه 1127 ميلادية، و تلقى العلم في جامع ترغاي الكبير على يد والده و كبار العلماء، وذاع صيته بعد إلقاءه للدروس الدينية فى العشرين من عمره بعد إصرار من العلماء على استكمال طريق والده، وعقب وفاة والده الذى تأثر بشدة لوفاته، نصحه الأطباء بالابتعاد عن المكان، فتوجه إلى دمشق حيث أخواله هناك، ومنها إلى الحجاز لحج بيت الله الحرام، والتقى خلال تواجده بمكة المكرمة الشيخ مجد الدين القشيري من مدينة قوص، والذى أصر على صحبته إلى قوص، وبعد ثلاثة أيام رحل إلى مدينة قنا واستقر بها وذاع صيته بين أهالى المدينة وما حولها.
خلال تلك الفترة صدر قرار من وإلى مصر بتعيين القنائى شيخاً لقنا وأصبح من ذلك اليوم يسمى بالقنائى، وكان له مدرسته الصوفية الخاصة التى تسمح للطرق الصوفية الأخرى بالأخذ منها وتوفي الشيخ عبدالرحيم القناوي يوم الثلاثاء 19 صفر592 هجرية الموافق 23 يناير1196ميلادية، بعد صلاة الفجر وعمره 71 عاماً، قضى منها 41 عاماً في الصعيد ليقام له أكبر مسجد وضريح بوسط مدينة قنا.