سافر قبل ٣٦ عاماً من الآن، من قنا إلى دولة العراق الشقيقة، بحثاً عن" لقمة عيش حلال"، مثل آلاف المسافرين إلى خارج البلاد، لتحسين أوضاعهم المعيشية، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن، فلم تمضى ثلاث سنوات، حتى اندلعت نيران الحرب، وتبدلت الأحوال، وتعثر التواصل مع أسرته لفترة زمنية.
القصة بطلها عمر محمود جادالكريم، من أبناء قرية المنيرة الحديثة بـ قنا ، الذى سافر إلى دولة العراق ، عام ١٩٨٧ ميلادية، وهو بعمر ٢٦ عاماً ، لكن شاءت الأقدار أن يفقد أوراقه، ليظل حبيس المنطقة التى يعمل بها حتى الآن، منتظراً تدخل المسئولين، لمساعدته فى العودة إلى بلاده مرة أخرى، بعدما تجاوز عمره الستين عاماً.
محاولة الهروب من جحيم الحرب، مع آلاف الفارين خوفاً من طلقات الرصاص، التى لا تفرق بين مغترب ترك وطنه و أسرته، وبين مقاتل من أبناء المكان، انتهت بإصابته و ضياع أوراقه، ليظل فى المستشفى لمدة ثلاثة أشهر، و يفقد طريق العودة بعدما فقد أوراق تحقيق شخصيته.
السنوات مرت كأنها أشهر فى البداية، فالأمل كان كبيراً أن يجد أوراقه ويعود إلى وطنه مصر و أطفاله الذين تركهم فى عمر الزهور، لكن السنوات مرت واحدة وراء أخرى وازداد الوضع تعقيداً، و فشلت جميع محاولاته فى العودة إلى وطنه حتى الآن رغم مرور ما يقارب من ثلاثة عقود على مغادرته للبلاد.
والدته التى تخطى عمرها الثمانين عاماً، تستيقظ وتنام، وكلها أمل أن ترى نجلها قبل أن تغادر الحياة، لم تمل أو تكل من التواصل مع العائدين من العراق، لمساعدة ابنها فى العودة إلى أحضانها مرة أخرى، لكن المحاولات كلها باءت بالفشل حتى الآن، رغم تواصله مؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعى مع أسرته بقنا.
قال نور الدين محمود جاد الكريم، شقيق الغائب، عام ١٩٨٧ سافر شقيقي إلى دولة العراق للعمل مثل آلاف الشباب المسافرين آنذاك، وترك وقتها ابنته بعمر عام، والابن الآخر جنيناً فى بطن أمه، وكانت الأمور تسير على ما يرام، إلا أن اندلعت الحرب العراقية عام ١٩٩٠، وتغيرت الأمور، وفقدنا التواصل مع شقيقى لفترة من الزمن.
و تابع جاد الكريم، و بعد فترة تمكن الشباب من التواصل معه عبر وسائل التواصل الاجتماعى، و حالياً نتواصل معه بشكل دائم، لكن مازالت المسافات تقف عائقاً أمام رؤية شقيقي وجهاً لوجه، لعدم قدرته على العودة بعدما فقد أوراقه التى تثبت شخصيته، ولا يستطيع الخروج من مكانه فى منطقة الدجيل بمحافظة صلاح الدين العراقية.
و أضاف جاد الكريم، نتمنى ونأمل أن تجد استغاثتنا آذاناً صاغية من قبل المسئولين بالخارجية و السفارة المصرية بالعراق، لإيجاد طريقة لإعادة شقيقي إلى أهله و وطنه، وحتى يرى أبنائه و أحفاده الذين لم يراهم على أرض الواقع منذ أن جاؤا إلى الدنيا، وحتى تقر والدته المسنة عينها برؤية ابنها الذى لم تراها منذ ٣٦ عاماً.
وقالت فاطمة أبوالوفا، والدة الغائب، أمنيتى أن أرى نجلى قبل أن أموت، حاولت كثيراً وبذلت كل ما فى وسعى، لعودة ابنى مرة أخرى، لكننى مازلت على أمل أن أراه أمام عينى قريباً، فوالده مات حزناً عليه ، وكانت كل أمنيته أن يرى ابنه قبل أن يتوفاه الله.
و أضافت منار على، ابنة شقيقة الغائب، خالى سافر وهو شاب، وللأسف من وقت ما سافر الحرب قامت فى العراق واتبهدل هناك وقعد فى المستشفى ٣ شهور، ومن وقتها يحاول العودة لـ مصر لرؤية والدته و أبنائه، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، كل فترة ننشر قصته على أمل أن نجد من يساعدنا فى عودة خالى مرة أخرى، لكن حتى الآن لم نجد أى استجابة، ونتمنى من المسئولين الحاليين ومسئولى السفارة المصرية بالعراق التواصل مع خالى هناك و إعادته لأرض الوطن مرة أخرى.