تستضيف ولاية بافاريا جنوبي ألمانيا مؤتمر ميونخ للأمن هذا العام بالتزامن مع مرور عام على الحرب الروسية الأوكرانية (24 فبراير 2022)، وقد تصدرت الحرب مناقشات المؤتمر الذي انطلق الجمعة.
ونشر تقرير ميونيخ للأمن يوم الإثنين 13 فبراير 2023، قال فيه رئيس مؤتمر ميونخ الدولي للأمن، كريستوف هيوسجين، إن الحرب الروسية في أوكرانيا تعد أكثر الهجمات جرأة على النظام الحالي، الذي يستند على قواعد، والأطراف التي ترغب في تغيير النظام الحالي تسعى إلى تقويض الوضع الراهن وتغيير النظام الدولي بعدة طرق مختلفة.
مؤتمر ميونخ والحرب في أوكرانيا
وانطلقت الجمعة الدورة الـ59 لمؤتمر ميونخ الدولي للأمن، في الفترة ما بين 17 - 19 فبراير، ويجمع الحدث السنوي الذى تستضيفه العاصمة البافارية حوالى 40 رئيس دولة وحكومة، وما يقرب من 100 وزير خارجية وزعماء منظمات دولية مثل الناتو، ولا يضم المؤتمر هذا العام ممثلين عن روسيا، بسبب حربها ضد أوكرانيا.
ومن بين الحاضرين نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس.
وتعتبر حرب أوكرانيا وأمن الطاقة والبنية التحتية وأزمة تغير المناخ، مع حقوق الإنسان أبرز المناقشات التي تتم بين المسئولين، فضلا عن قضايا الديمقراطية والديكتاتورية والتحديات الناجمة عن التهديدات الأمنية والعسكرية فى الحروب والنزاعات التقليدية، وإمكانية العودة إلى مربع التفاوض بين الدول المتنازعة فى العالم.
كانت الخارجية الروسية أعلنت أن الوفد الروسى لن يشارك فى مؤتمر ميونيخ القادم 2023 حتى ولو تمت دعوته.
وأشارت الخارجية إلى أنها لاحظت تغريدة رئيس مؤتمر ميونخ للأمن، كريستوف هيوسجين، والتي ذكر فيها أن المسؤولين الروس لن تتم دعوتهم إلى الاجتماع المقبل فى عام 2023.
وقالت وزارة الخارجية الروسية: "نحن نعتبر هذا انتهاكًا صارخًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ووثيقة هلسنكي النهائية لعام 1975 الصادرة عن مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا بشأن عدم التدخل بالشؤون الداخلية".
ماذا قال زعماء العالم عن أوكرانيا
وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في ميونخ اليوم السبت: "حانت اللحظة الآن لنضاعف دعمنا العسكري، يجب أن نساعد أوكرانيا معا على حماية مدنها من القنابل الروسية والطائرات المسيرة الإيرانية، ولهذا السبب ستكون بريطانيا هي أول دولة توفر لأوكرانيا أسلحة بمدى أكبر".
وأكد سوناك، أن بريطانيا وحلفاءها عازمون على مساعدة أوكرانيا للحصول على "أنظمة الدفاع الجوي الأكثر تقدما" وإنشاء سلاح جو حديث.
وأعرب رئيس الوزراء البريطاني عن اعتقاده بأن الطريق الوحيد لإنهاء المعاناة التي تسببها روسيا هو أن تكسب أوكرانيا الحرب، مشيرا إلى أن كييف لديها كل الحق في الدفاع عن نفسها، وأنها إلى دبابات ودفاع جوي ومدفعية لتحقيق هذا الهدف.
ورأى ريشي سوناك، أن الأسلحة ذات المدى الأكبر ستساعد أوكرانيا في شن هجوم مضاد لاستعادة مناطق محتلة.
وتجنب سوناك أسئلة عن توريد طائرات مقاتلة لأوكرانيا مؤكدا أن هناك طيارين أوكرانيين يتلقون التدريب في بريطانيا، لكنه أوضح أنه حال قررت إحدى الدول تقديم مقاتلات لأوكرانيا، فإن بريطانيا ستدعم هذا.
الولايات المتحدة ودعمها لأوكرانيا
قالت نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، إن الولايات المتحدة الأمريكية قررت الإعلان صراحة أن روسيا ارتكبت جرائم ضد الإنسانية، متابعة: "أقول لكل من ارتكب تلك الجرائم ومن يديرهم ستتحملون المسئولية وستسألون".
وأضافت نائبة الرئيس الأمريكي - خلال كلمتها أمام مؤتمر ميونخ للأمن الدولي، السبت: "الولايات المتحدة الأمريكية ستواصل دعم المسار القضائي في أوكرانيا وكذلك التحقيقات الدولية؛ لأن العدالة يجب أن تتحقق".
وأشارت إلى أن تحقيق العدالة هو واجب الولايات المتحدة الأمريكية، متابعة: "كذلك لدينا مصلحة استراتيجية، فالقتال في أوكرانيا وصل إلى مرحلة خطيرة بعد انتهاك روسيا لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها".
وقال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج،، إن أكبر خطر يواجه حلف الأطلسي هو أن "يفوز بوتين بالحرب، البعض قلق من دعم الحلف لأوكرانيا أن يثير خطر التصعيد".
وأضاف: "لا توجد خيارات خالية من المخاطر أي خيار دعم أوكرانيا بالسلاح، إن إنفاق مزيد من الأموال على الأمور الدفاعية يعني أموالا أقل لبقية الأمور، لكن لا شيء هناك أكثر أهمية من الأمن".
مشاركة الرئيس الأوكراني بالمؤتمر
وتابع الأمين العام لحلف الناتو، أن "أبرز درس في حرب أوكرانيا هو أن أوروبا وأميركا الشمالية يجب أن تقفا معا في ظل عالم خطر".
وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد خاطب المشاركين في اليوم الأول من مؤتمر ميونيخ للأمن، عبر الفيديو، قائلًا إنه من الواضح أن أوكرانيا لن تكون محطة الغزو الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإن من المهم ألا يؤجل الغرب تسليم الأسلحة للمساعدة في التصدي للقوات الروسية.
وأضاف الزعيم الأوكراني في المؤتمر عبر رابط فيديو، أنه بينما كان الغرب يتفاوض بشأن إمدادات الدبابات إلى كييف، كان الكرملين يفكر في وسائل "تخنق" جمهورية مولدوفيا السوفيتية السابقة غربي أوكرانيا.
وحث الرئيس الأوكراني الغرب على سرعة تسليم الأسلحة، وقال: "التأخير كان ومازال خطأ"، مشددا على أنه "لا يعتقد أن بإمكان روسيا الفوز".
ودعا المستشار الألماني أولاف شولتس، الدول القادرة على إرسال دبابات قتالية إلى أوكرانيا إلى أن "تفعل ذلك الآن"، في وقت تصل الشحنات التي وعد بها الحلفاء بشكل أبطأ من المتوقع.
الدعم العسكري إلى أوكرانيا مستمر
وأكد شولتس - في كلمته أن الدعم العسكري لأوكرانيا يجب أن يستمر، و"بالتالي على أولئك الذين يمكنهم إرسال مثل هذه الدبابات القتالية أن يفعلوا ذلك الآن".
ووعد المستشار الألماني، الذي تعرض لانتقادات متكررة بسبب الدعم الألماني الخجول لكييف، بقيادة "حملة مكثفة" لحض الحلفاء على التحرك في هذا السياق، خلال أيام مؤتمر ميونيخ الثلاثة.
وأعلن شولتس " ألمانيا ستساهم في مساعدة شركائها على اتخاذ هذا القرار، مثلاً عبر تدريب جنود أوكرانيين هنا في ألمانيا، أو عبر تزويدهم بالدعم اللوجستي والإمدادات".
وفي نفس السياق، أكد المستشار الألماني أنّ دعم ألمانيا لأوكرانيا مالياً وإنسانياً وعسكرياً صُمِّم "ليستمر طويلاً".
وأضاف في كلمته أمام المؤتمر "الأوكرانيون يدافعون عن حريتهم بتضحيات كبيرة وبتصميم مدهش". وأكد أنّ ألمانيا وحلفاءها سيدعمونهم "طالما اقتضى الأمر".
نداء من رئيس فرنسا إلى الأوروبيين
من جانبه، وجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نداء إلى الأوروبيين وقال خلال مؤتمر الأمن في ميونيخ "النداء الأول هو نداء لمعاودة الاستثمار في شكل كبير في مجالنا الدفاعي إذا كنا، نحن الأوروبيين، نريد السلام".
وقال الرئيس الفرنسي، إننا "جاهزون لنزاع طويل الأمد في (أوكرانيا)"، مضيفا: "أقول ذلك ولا أتمنى هذا الأمر، وإذا كنا لا نتمنى ذلك، فعلينا أن نكون جميعا صادقين في قدرتنا على الاستمرار في هذا الجهد".
شهدت مدينة ميونيخ الألمانية التي تستضيف مؤتمر الأمن العالمي، احتجاجات كبيرة، داعية إلى السلام ورفض دعم كييف بالأسلحة وإنهاء النزاع في أوكرانيا.
وأفادت صحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية بأن نحو 20 تجمعا ومظاهرة تم تنظيمها، ويسعى من خلالها المحتجين إلى لفت اهتمام المجتمع الدولي إلى أهمية وقف دعم كييف بالأسلحة، من أجل إنهاء النزاع في أوكرانيا.
وتتخذ السلطات الألمانية إجراءات أمنية مشددة لتأمين مؤتمر الأمن العالمي، حيث خصصت ما يزيد عن 4500 فرد أمن، يعملون على تأمين المؤتمر.
تأمينات مشددة لمؤتمر ميونخ للأمن
- وفقا لشرطة ميونخ، تم إغلاق 1200 غطاء لشبكة الصرف الصحى وصناديق التحكم الكهربائي في المدينة.
- وضع حوالي 700 حاجز، إضافة إلى وضع حوالي 1000 لافتة تفيد بأنه ممنوع وقوف السيارات.
- الحظر على طول الطريق التي يسلكها المشاركون إلى مقر المؤتمر، والأماكن التي تقام فيها المظاهرات.
- كما تنطبق منطقة حظر الطيران على المدينة بأكملها تقريبا، ويشمل ذلك الطائرات بدون طيار.
- ولأول مرة تقوم الشرطة بدوريات حول سياج المطار على خيول الخدمة عند وصول الضيوف ومغادرتهم.