أكد رئيس وزراء السويد السابق ستيفان لوفين، ورئيس مؤتمر ميونخ للأمن كريستوف هيوسجن أن مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 27) في شرم الشيخ سيكون فرصة لتعزيز السلام.
وقال لوفين وهيوسجن - في مقال للرأي نشرته وكالة أنباء (إنتر برس) العالمية، ومقرها إيطاليا اليوم /الثلاثاء/ - "إن السلام لا يقدر بثمن، وهو حقيقة أثبتت نفسها كل يوم مع ما نشهده من الأزمة في أوكرانيا، والتهديدات النووية الروسية والكورية الشمالية وتصاعد التوترات حول تايوان ونزوح أعداد هائلة من السكان، وأزمة الطاقة والاضطراب الاقتصادي إلى تصاعد الجوع وعدم المساواة في العالم".
وأشارا أنه لمنع تلك الأمور من أن تصبح الوضع الطبيعي الجديد، يحتاج قادة العالم إلى اتخاذ إجراءات جذرية وشجاعة معا، منوهين بأن قمة المناخ المقبلة في شرم الشيخ هي واحدة من الأماكن التي يجب أن يحدث فيها هذا.
وأضافا: أن "تغير المناخ يهدد السلام والأمن، ومن الواضح أن نلاحظ أن هناك مجموعة متباينة من الأزمات التي نواجهها في عام 2022 وارتباطها بتغير المناخ والعمل المناخي، فلقد أدى اعتماد أوروبا المستمر على الطاقة الأحفورية إلى تعقيد استجابتها للأزمة الروسية الأوكرانية ودفع القارة لأزمة طاقة غير مسبوقة، مما يهدد بالتحول إلى ركود اقتصادي، كما ترك القادة في أوروبا يكافحون للتخفيف من الآثار على شعوبهم".
ولفتا إلى أن سباق الدول الأوروبية لتأمين مصادر جديدة للطاقة الأحفورية يشكل مخاطر جيوسياسية جديدة، ويمكن أن يقيد البلدان بعقود والتزامات توريد جديدة تجعل تحقيق أهداف "صافي الصفر" أكثر صعوبة، وذلك حيث يعتبر تغير المناخ والصراع من الأسباب الرئيسية لارتفاع الجوع في العالم، ويواجه حوالي 345 مليون شخص هذا العام انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كان عليه في 2019، وهي زيادة مروعة تفاقمت بسبب الظواهر الجوية المتطرفة ووباء كورونا والأزمة في أوكرانيا.
وأوضحا أن حالتي الأمن والبيئة مرتبطتان اليوم ارتباطًا وثيقًا، فإذا تأثر أحدهما أوذي الآخر، وإن تعافي أحدهما شٌفي الآخر، وهذه حقيقة يجب على قادة العالم أن ينشروها في قمة (كوب 27)، مبينيين أن جميع المسارات الممكنة للعودة إلى السلام والاستدامة البيئية تعتمد على التعاون، لذلك يجب أن تركز المفاوضات في شرم الشيخ على البحث عن أرضية مشتركة وإزالة الحواجز وتمكين التقدم في التعاون الدولي بمجال المناخ وتكثيف الطموح بدلا من تخفيفه، أو على حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش "لدينا خيار العمل الجماعي أو الانتحار الجماعي.
كما يجب أن يكون السلام والأمن هو محور كل مناقشة في قمة (كوب 27)، ويجب أن يؤدي هذا إلى تخفيضات أسرع وأعمق في انبعاثات الكربون، ويجب أن تدرك الدول أن التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يمكن أن يزيد من أمن الطاقة والأمن البشري بشكل عام.
وفي الوقت ذاته، نوه كل من لوفين وهيوسجن بأنه يجب على القادة مناقشة كيفية تجنب خلق مخاطر أمنية جديدة في هذه العملية بالبحث في كيفية تسهيل انتقال البلدان النامية التي تعتمد بشكل كبير على عائدات الوقود الأحفوري، وكيفية التأكد من أن الطلب المتزايد على الطاقة المتجددة والمعادن اللازمة للتقنيات الخضراء لا يؤدي إلى صراعات جديدة أو يزيد من عدم المساواة والفساد.
وقالا "إن مؤتمر المناخ سيركز على التكيف مع تغير المناخ وعلى التدابير المتخذة لذلك، حيث أن المجتمعات والاقتصادات التي تتكيف بشكل جيد هي أكثر مرونة في مواجهة آثار تغير المناخ، وهم أقل عرضة لزعزعة الاستقرار بسبب النقص والتشرد والعوز"، موضحين أنه عندما تشارك المجتمعات في تخطيط التكيف وإدارة الموارد يمكن أن يساعد ذلك حتى في حل النزاعات طويلة الأمد وزيادة الثقة في السلطات الحكومية.
وحول تعزيز تمويل المناخ، قال رئيس وزراء السويد السابق ورئيس مؤتمر ميونخ للأمن "إن الأموال التي تقدمها البلدان الأكثر ثراء لمساعدة البلدان الضعيفة على الاستجابة لتغير المناخ سيكون أيضًا موضوعًا ذا أولوية في المؤتمر، وسيحدد هذا كيفية ضمان وفاء حكومات البلدان الغنية بالتزاماتها لعام 2009 البالغة 100 مليار دولار أمريكي لتمويل المناخ سنويًا، وهو هدف كان ينبغي أن تكون قد وصلت إليه بالفعل بحلول عام 2020".
وأضافا: "ستكون هناك أيضًا محادثات حول هدف جديد لتمويل المناخ لما بعد عام 2025، ويجب أن تساعد رؤية تمويل المناخ كاستثمار في السلام والأمن في إقناعهم بتقديم المزيد بما يتجاوز بكثير التعهد الأصلي حتى خلال هذه الأوقات الاقتصادية الصعبة، كما يجب أن يرتفع تمويل مشاريع التكيف بشكل كبير، حيث أن المبالغ المتاحة تتخلف كثيرا عما تحتاجه البلدان الأكثر ضعفا، مما يخلق مخاطر يمكن تجنبها بالكامل على السلام والأمن، لكن أية زيادة لا ينبغي أن تأتي على حساب التخفيف أو المساعدة الإنمائية".
وحول قضية تعويض الخسائر والأضرار التي من شأنها أن تساعد البلدان على التعامل مع آثار تغير المناخ التي لا يمكن التكيف معها، أوضحا أنه ينبغي على الدول أن تحاول حل الخلافات القوية التي أعاقت التقدم في صرف هذه التعويضات حتى الآن، وتابعا: أن "الضرر الذي تعانيه البلدان والمجتمعات أمر حقيقي، وكل تأخير يزيد من فرصة تقويض السلام والأمن والثقة".
وأشارا إلى أن هناك حدودا لمقدار ما يمكن تحقيقه في شرم الشيخ، وستحتاج الدول إلى مواصلة العمل بعد القمة بشكل فردي وتعاوني مع جذب القطاع الخاص والمجتمع المدني والمجتمعات، لافتين إلى أنه يمكن إحراز تقدم كبير بالقمة إذا أظهرت الحكومات التزامًا بجانب الإجراءات التي سيتمخض عنها المؤتمر، فإذا تجاوز مؤتمر الأطراف التوقعات سيرسل إشارات مهمة إلى الدول والجمهور والأسواق بأن قادة العالم جادون في حماية المستقبل.
جدير بالذكر أن ستيفان لوفين شغل منصب رئيس وزراء السويد من 2014 إلى 2019، ومنذ يونيو 2022 كان رئيسًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كما يشارك في رئاسة مجلس الأمم المتحدة الاستشاري الرفيع المستوى المعني بالتعددية الفعالة.. أما السفير كريستوف هيوسجن فهو رئيس مؤتمر ميونخ للأمن، وكان الممثل الدائم لألمانيا لدى الأمم المتحدة 2017 -2021.