اعتاد المصريون التعامل بنوع من السخرية والفكاهة فى آن واحد مع الكثير من المصاعب أو الآلام التى تواجههم فى حياتهم اليومية، ومناسباتهم المختلفة، وضمن الأمور التى تعامل معها المصريون بنوع من السخرية، الشهور القبطية التى يعتمدون عليها فى الزراعة وحساب أحوال الطقس المتعلقة بفترات البرد والحر، فقد أطلقوا على الشهور القبطية أمثالا شعبية يحمل بعضها نوعا من السخرية أو الفكاهة، لكنه ممزوج برسالة معينة تعبر عن طبيعة كل شهر.
كياح يوقع الكلب النباح
فشهر كياح أو كيهك الذى يتزامن مع شهر ديسمبر والأيام العشر الأولى من يناير، يطلق عليه كبار السن من المصريين "كياح يوقع الكلب النباح"، لشدة البرودة خلال الشهر، فيما يطلقون على شهر طوبة "طوبة ما بلت لينا عرقوبة"، كناية عن خوف الناس من وضع المياه الباردة على أقدامهم، أما شهر أمشير، فيرتبط بمثل شعبى يقول "أمشير يطلع جلدك نسير نسير"، وكل شهر له مثل شعبى يردده كبار السن مع حلول أيامه.
الأمثال الشعبية الساخرة التى التصقت بالشهور القبطية دون غيرها من التقويمات الأخرى، ما زالت متوارثة بين الكثير من الأجيال، خاصة فى المناطق الزراعية والريفية، التى تعتمد بشكل رئيس على التقويم القبطى، ودائماً ما يرددها الكبار أمام أحفادهم.
التقويمات الزمنية كثيرة ومتعددة وما زال بعضها قائماً والبعض الآخر تلاشى منذ عصور بعيدة، وبعضها الآخر ما بين اهتمام فئات وتجاهل الأكثرية، لكن أشهر التقويمات التى ما زالت تدون رسمياً فى السجلات الحكومية؛ التقويم السريانى، والقبطى، والميلادى، والهجرى، بعضها ارتبط بالشمس والبعض الآخر ارتبط بالقمر.
ارتباط التقويم القبطى بالزراعة والكنيسة الأرثوذكسية
المصريون منذ القدم كان وما زال لهم اهتمام خاص بالشهور القبطية أكثر من اهتمامهم بالتقويمات الأخرى، ومع تطور الزمن تراجع الاهتمام بها لحساب التقويمين الميلادى والهجري، لكن ما زالت بعض الفئات تبدى اهتماما كبيرا بالتقويم القبطى لارتباطه بموسم الزراعة، وآخرون لحساب الفترة الزمنية الفعلية لحالة الطقس، فضلاً عن اهتمام الكنيسة المصرية به لتأريخ وتدوين حياة الشهداء والقديسين والمناسبات الدينية.
قال أحمد الجارد، باحث تاريخى، إنه يوجد العديد من التقويمات أبرزها "الفرعونى، والقبطى، والسريانى، والميلادى، والهجرى"، ارتبط بعضها بالشمس والبعض الآخر بالقمر، فالتقويم القبطى، كان يستخدمه الأقباط فى الكنائس لتأريخ حوادثهم وتسجيل وقائعهم، وبدأ من عصر الامبراطور دقلديانوس وتوليه العرش عام 284 م، ويبدأ من شهر توت إلى مسرى، وهناك التقويم السريانى والذى استخدمه الآراميون، وسميت الآرامية عند التحول إلى المسيحية، وكانت سائرة فى عهد السيد المسيح وتبدأ بشهر “كانون الثانى – شباط- آذار حتى كانون الأول”.
وأضاف الجارد: "وهناك التقويمان الأشهر؛ الميلادى، ويرجع لتاريخ إنشاء مدينة روما 754 قبل الميلاد، ويبدأ بشهر يناير وفبراير ومارس حتى شهر ديسمبر، والتقويم الهجرى، الذى وضع فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب واتخذ أول شهر المحرم ويحرم فيه القتال، وصفر، وربيع أول، وربيع ثانٍ، حتى شهر ذي الحجة.
الشهور القبطية ارتبطت بالفلاح
وأوضح الباحث التاريخى، أن المصريين استخدموا الكثير من التقويمات، لكن أكثرها ارتباطاً بحياة المواطن البسيط والفلاح المصرى؛ كان التقويم القبطى، لذلك أطلق المصريون على شهور العام القبطى أمثالا وحكما تحمل معانى ورسائل هامة، رغم مضمونها الساخر، فمثلا شهر كياح "كيهك" يرتبط به مثل شعبى "كياح يوقع الكلب النباح"، وشهر طوبة "ما بلت لينا عرقوبة"، وبرهمات "روح الغيط وهات"، وأمشير" يطلع جلدك نسير نسير"، وبرمودة "إن جه برمودة ما تفضل فى الحرجة عودة"، وشهر هاتور "فيه القمح المنتور"، حيث يشهد زراعة القمح والشعير.
فيما أورد الموقع الرسمى للهيئة العامة للاستعلامات العديد من التقويمات، التى اتخذتها الشعوب على مدار الزمن من أمثلتها: "المصرى أو الفرعونى، والقبطي، الميلادي وينقسم إلى اليوليانى والجريجورى، والهجري، والسريانى، والفارسي، والبهائي، والجماهيرية الليبية، والعبري، والروماني"، وهذه التقاويم وإن اختلفت في خصائصها عن بعضها البعض، إلا أنه يمكن تقسيمها إلى نوعين رئيسيين، أحدهما شمسي أساسه دوران الأرض حول الشمس، والآخر قمري أساسه دوران القمر حول الأرض.