نادت الكثير من الأسر المصرية بضرورة وضع تعديلات لـ قانون الأحوال الشخصية، حيث أن القانون يعتبر أحد أهم وأبرز القوانين المؤثرة في حياة الأسرة المصرية، وصدر أول قانون منظم للأحوال الشخصية في عام 1920.
ونظرا للتطور الكبير الذي أصاب المجتمع، أصبحت بنود القانون الحالي غير قادرة على مواكبة متطلبات الأسر، فنادت الكثير من الأسر بضرورة وضع تعديلات لـ قانون الأحوال الشخصية.
ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، عدداً من الرسائل بشأن قانون الأحوال الشخصية في مايو 2022، قائلا إن قانون الأحوال الشخصية من أخطر القضايا التي تواجه المجتمع، ومطلوب وضع قانون منصف ومتزن، كما أن الدين يضع الضمير عامل ضبط، وهذ لا يُغيب إجراءات الدولة.
وأضاف الرئيس السيسي، أن التفكك الأسري يؤثر على مستقبل الأجيال القادمة ومشاكل الأحوال الشخصية؛ تؤدي لعزوف الشباب عن الزواج وتكوين أسرة.
كما قال إن عقد الزواج هو الحاكم، والقانون منظم لقضية الطلاق، مؤكدا أن نفس المشاكل موجودة من أكثر من 40 سنة، ونحتاج أن يكون هناك توازن في الخصومة، وحث القضاة على الاهتمام بالأمر لصياغة قانون جديد.
قانون الأحوال الشخصية
واجتمع الرئيس السيسي، مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والمستشار عمر مروان وزير العدل، واللواء جمال عوض رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، والمستشار عبد الرحمن محمد رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الاجتماع تناول عرض أعمال لجنة إعداد مشروع القانون الجديد للأحوال الشخصية.
واطلع الرئيس السيسي في هذا الإطار على أبرز ملامح مشروع القانون الجديد، والذي جاء كالتالي:
- إنشاء صندوق لرعاية الأسرة ووثيقة تأمين لدعمها مادية في مواجهة النفقات والتحديات ذات الصلة بمسائل الأحوال الشخصية.
- تلتزم الدولة بتوفير مصادر تمويل الصندوق ودعمه بالكامل.
- صياغة القانون الجديد لا بد أن تكون مبسطة ومفصلة على نحو يسهل على جميع فئات الشعب فهمه واستيعاب نصوصه، خاصةً من غير المشتغلين بالمسائل القانونية.
- القانون يهدف إلى صياغة متكاملة ومفصلة للأحوال الشخصية.
- إلغاء تعدد القوانين الحالية والتي تبلغ 6 قوانين.
- لجنة إعداد القانون عقدت حتى اليوم 20 اجتماعاً.
- اللجنة انتهت من صياغة 188 مادة من القانون بشكل أولي.
- جاري استكمال المسودة الأولى لمشروع القانون فيما يتعلق بمسائل الولاية على المال.
- يتضمن مشروع القانون منح صلاحيات جديدة للقاضي للتعامل مع الحالات العاجلة من أجل دعم الأسرة.
- وضع نظام جديد يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة.
- استحداث إجراءات للحد من الطلاق.
- الحفاظ على الذمة المالية لكل زوج ونصيب كلٍ منهم في الثروة المشتركة التي تكونت أثناء الزواج.
- إعادة صياغة وثيقتي الزواج والطلاق بما يضمن اشتمالهما على ما اتفق عليه الطرفان عند حالتي الزواج والطلاق.
- توثيق الطلاق كما هو الحال في توثيق الزواج.
- عدم ترتيب أي التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها بالطلاق.
مشروع الأحوال الشخصية
واستحدث مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد نصاً جديداً لأول حول "الرؤية الإلكترونية للطفل"، حيث يجوز طلب الحكم بالرؤية إلكترونياً، ويجوز لمن صدر له حكم بالرؤية المباشرة طلب استبدالها بالرؤية الإلكترونية، ويصدر قراراً من وزير العدل بتحديد مراكز الرؤية الالكترونية ووسائلها وتنظيمها.
وكشف المستشار محمد عبد الرحمن رئيس اللجنة القضائية المشكلة لإعداد قانون الأحوال الشخصية، أن القانون الجديد تضمن مادة لأول مرة تتعلق بالرؤية الإلكترونية، حيث أن القانون أعطى الحق للأب المسافر للخارج في رؤية أولاده عبر الأنترنت، ويكون ذلك بموجب حكم قضائي، ويترتب عليه نفس الشروط على الرؤية العادية، من ضمنها حرمان الأب من رؤية أولاده إذا تخلف عن رؤيتهم 3 مرات متتالية، وكذلك سقوط حضانة الأم إذا حرمت الأب من رؤية أولاده.
وتابع أن القانون أتاح الرؤية الإلكترونية لكل أب مريض عاجز عن رؤية أولاده ولا يستطيع الذهاب إلى مكان الرؤية المخصصة لهداخل مصر، وذلك بموجب حكم قضائي، بحيث يستطيع رؤية ابنه والحديث معه إلكترونياً.
ولفت: القانون تضمن كذلك مواد تتعلق بنظام الاستضافة، بحيث أصبح من حق الأب أن يأخذ أولاده للمبيتمعه في منزله يوم أو يومين بمعدل 3 أيام في الشهر.
وأضاف أن القانون تضمن عقوبات رادعة لكل أب لا يلتزم بإعادة أولاده بعد انتهاء فترة الاستضافة إلى الحاضنة سواء كانت الأم أو أم الأم، مشيراً إلى أن هذه العقوبات قد تكون جنائية حبس وغرامة، أو منعه من رؤية أولاده واستضافتهم مرة أخرى.
الرؤية الإلكترونية للطفل
وفي هذا الصدد قالت الدكتورة منال عمران أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إنه في ظل التطور السريع في نمط الحياة من الضروري تحقيق الاستفادة من التكنولوجيا وتطورها في تحقيق توازن في كل نواحي الحياة، فوضع نص بالقانون يخص "الرؤية الإلكترونية" أمر غاية في الأهمية، حيث غن هناك آباء وأمهات ظروف الحياة حتمت عليهم السفر، وبالتالي يصعب عليهم التواصل مع أبنائهم بشكل مباشر، ويكون تعويض ذلك هو التواصل عن طريق وسائل التواصل الحديثة على سبيل المثال "Zoom"، ولكن ذلك لا يمنع الرؤية المباشرة للطفل؛ لأن التكنولوجيا لا تعوض رؤية الطفل لوالديه لما فيه من مصلحة كبيرة للطفل.
وأضافت "عمر" - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن قانون الأحوال الشخصية في البداية كان يتيح للأب أو الأم رؤية الطفل في قسم الشرطة، ولكن قيل بعد ذلك أن تواجد الطفل في بيئة غير مؤهلة للرؤية ستضر بالطفل، وبعد ذلك أصدر قرارا أن يتم رؤية الطفل بالحدائق العامة وبالفعل تم تأسيس "حديقة الطفل" ليكون مكان للرؤية، ثم تطور الأمر بعد ذلك لتصبح الرؤية تتم داخل المنزل، مشيرة إلى وجود ضمانات للرؤية بالمنزل، هذه الضمانات لعدم حدوث تجاوزات من قبل الآباء، وفي حالة حدوث أي تجاوزات يمنعالمتجاوز من رؤية الطفل، وذلك مراعاة لحقوق الطفل، وضمان تربيته في بيئة سليمة وصالحة ولا يوجد بها أي مشاحنات.
واختتمت: يوجد مكايدات بين الأب والأم أحياناً تضر بمصلحة الطفل، وفي هذا الإطار تدخل القانون أيضاً لحلها، حيث أن ثغرة المكايدة من الثغرات التي تستغل في قانون الأحوال الشخصية ومن الصعب إثباتها، وبالتالي يظلم الطفل والمرأة أو الرجل على حد سواء.
وهناك العديد من المتخصصين يرفضون رفضاً تاماً مسألة اقتراح "الرؤية الإلكترونية" نظراً لأن الغاية التي يرجوها المشرع من الرؤية هو الاندماج مع الأب وأسرته أو الطرف الحاضن والمقابلة والمشاهدة والمعايشة، عن قرب وللحديث المباشر بين من له حق الرؤية ومشاهدة الصغير، لأن الرؤية شرعت لمصلحة الصغير وأيضا لمصلحة من له حق الرؤية.
فالمشاهدة إن كانت عن بعد فلا يتحقق بها الغاية التي توخاها المشرع من القرب والتقارب بين الصغير ووالده أو على الوجه الآخر والدته، بل أن الرؤية الإلكترونية تعود أطراف الحضانة على "الجفاء" وكراهية مسألة الترابط الأسرى.