يولي الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه مقاليد الحكم في يونيو 2014، أهمية كبرى لملف السياسة الخارجية وعلاقات مصر بجميع دول العالم، سواء على المستويين الثنائي أو الجماعي، مما أدى إلى تحسين وتوطيد علاقات القاهرة بكافة القوى الدولية، وذلك يتضح جلياً من خلال زيارات وجولات الرئيس المتعددة ومشاركاته الخارجية بقمم دولية بين القارات لتعزيز التواصل والتشاور والتنسيق في مختلف الملفات.
كما أكدت في الفترة الأخيرة الأهمية التي توليها مصر لقارة أفريقيا على العديد من المستويات، فحسب تقرير الهيئة العامة للاستعلامات فقد قام الرئيس السيسي بـ 21 زيارة لدول أفريقية بما يمثل أكثر من 30% من إجمالي الزيارات الرئاسية الخارجية.
تحركات القيادة السياسية
وكان هناك حضور قوي لمصر في القمة الأمريكية العربية التي عقدت بمدينة جدة السعودية يوليو الماضي، ثم القمة الصينية العربية في أول ديسمبر الجاري بمدينة الرياض، وتلاها القمة الأمريكية الإفريقية قبل عدة أيام في واشنطن، وبالأمس شاركت مصر في قمة بغداد 2 التي عقدت بالأردن.
واستضاف موقع "صدى البلد" الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، لإلقاء الضوء على التحركات الخارجية للقيادة السياسية المصرية مؤخرا، إضافة للمشاركة في مؤتمر بغداد 2.
وقال الدكتور مختار غباشي، إن تحركات الرئيس السيسي على مستوى السياسة الخارجية هي ليست وليدة اليوم، ولكنها بدأت منذ العام 2014، فهي سياسة تتسم بأنها بعيدة عن المحاور التقليدية التي اعتادت عليها مصر على مدار العقود والسنوات الماضية.
وأضاف غباشي، أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي قامت بعدد من الزيارات لدول غير تقليدية مثل البرتغال وإندونيسيا وسنغافورة، وهي دول استطاعت أن تحقق طفرة، على سبيل المثال سنغافورة لديها تجربة ممتازة في تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، وبالتالي تجربتها مهم للغاية للاستفادة منها خاصة في ظل أزمة ندرة المياه.
وتابع: مصر ركزت على الساحة الإفريقية وكانت حاضرة بجميع المؤتمرات المرتبطة بالقوى الإقليمية والدولية والساحة الإفريقية، مشيراً إلى أن توجه مصر نحو إفريقيا هام، حيث أن بها 55 دولة تمثل قوى تصويتية لا يستهان بها.
وأعطى غباشي مثالاً على أن مصر قبل عام 2011 خسرت مناصب مهمة على المستوى الدولي على رأسها رئاسة منظمة اليونسكو عندما كان فاروق حسني مرشحاً، وفازت المرشحة البلغارية أمامه، والذي حسم الأمر صوتان فقط من إفريقيا، كما أن التركيز على الساحة الإفريقية جعل شركة مثل المقاولون العرب تنجح في بناء أهم سد بتنزانيا بجملة استثمارات تعدت الـ3 مليارات دولار.
مؤتمر بغداد 2 بالأردن
وأردف أن مصر كانت دائماً تنادي بتغيير معادلة تعامل القوى الإقليمية والدولية مع الساحة الإفريقية، مما أدى لعقد عدد من المؤتمرات مثل (COP27)، الذي أقيم في نوفمبر 2022 بمدينة شرم الشيخ، بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن وأكثر من 120 قائدا وزعيما.
وأشار إلى اجتماع الرئيس الصيني مع أكثر من 20 دولة عربية، ومن قبله مع دول مجلس التعاون الخليجي، ومع المملكة العربية السعودية، لافتا: أعقب هذه الاجتماعات دعوة الرئيس بايدن العالم الإفريقي للاجتماع، فواشنطن تعلم أن دخول بكين العالم العربي يهدد نفوذها.
أما فيما يخص مؤتمر بغداد 2 الذي عقد بالعاصمة عمان بحضور قوي من مصر فقال غباشي، إن هذا المؤتمر "مؤتمر إقليمي" نسبة للحاضرين به، لافتاً إلى أن أهمية مشاركة الرئيس السيسي، مشددا: "مصر الحاضرة بجميع الاجتماعات التي تخص الساحة العربية والإفريقية".
وتابع غباشي الحديث، قائلا: إن هناك اهتماما كبيرا من القوى الكبرى لدعوة مصر بجميع المحافل مثل الدعوة الامريكية والصينية ومن ثم الفرنسية، فضلاً عن الدول التي تريد أن يكون لها دورا في المنطقة مثل روسيا واليابان وألمانيا وقمة الاتحاد الأوروبي والساحة الإفريقية.
ولفت غباشي إلى أن مصر تمثل دولة محورية في القارة الإفريقية، وقامت بتأسيس الاتحاد الإفريقي، فهي دولة الاتزان بالمنطقة، وجيشها ما بين التاسع والثاني عشر في العالم، وبالتالي يصعب الحديث مع المنطقة العربية والإفريقية دون الحديث مع مصر، كما أنها تقف في مواجهة أهم النزاعات على الساحة مثل النزاع بين إسرائيل وفلسطين في 2008 و 2012 و 2014 و2021 ودائماً تدعو للتهدئة.
كما أن مصر لعبت على نطاق الثلاثيات (مصر، العراق، الأردن) (مصر، اليونان، قبرص) (مصر، السعودية، الإمارات)،وهذه الثلاثيات بها شكل من أشكال التعاون والتنسيق بين الدول بعيدا عن تحالف كامل ضد قوى أخرى.