يعد وقت الفجر من الأزمنة المباركة، التي لا ينبغي تفويتها بأي حال من الأحوال، فيما يسعى الشيطان جاهدًا لتضييعها على الإنسان، والبعض بسبب الخوف في هذا الوقت حيث إن كل من بالبيت نيام يترك هذا الوقت، لذا ينبغي معرفة ماذا يحدث للجن قبل الفجر ؟، لعل إجابته تطمئن أولئك الخائفين ، فعالم الجن والعفاريت من الغيبيات والأسرار المخيفة، وبسبب الخوف منها يقع الإنسان ضحية سهلة للشيطان.
ماذا يحدث للجن قبل الفجر
روي في ماذا يحدث للجن قبل الفجر ؟، عن جابر بن عبدالله -رضي الله تععالى عنه - ، في صحيح الجامع الصفحة أو الرقم : 7278 ، وحدثه الألباني ، أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُرْسِلُوا فَواشِيَكم ، وصِبْيانَكم إذا غابَتِ الشمسُ ، حتى تَذْهَبَ فَحْمَةُ العِشاءِ ، فإنَّ الشياطينَ تُبْعَثُ إذا غابتِ الشمسُ ، حتى تَذْهَبَ فَحْمَةُ العِشاءِ) ، وفي رواية أخرى فيما أخرجه البخاري (5623)، ومسلم (2012) ، أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( إذا كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ -أوْ أمْسَيْتُمْ- فَكُفُّوا صِبْيانَكُمْ؛ فإنَّ الشَّياطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فإذا ذَهَبَ ساعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخلُّوهُمْ، فأغْلِقُوا الأبْوابَ، واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ؛ فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَفْتَحُ بابًا مُغْلَقًا، وأَوْكُوا قِرَبَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، ولو أنْ تَعْرُضُوا عليها شَيئًا، وأَطْفِئُوا مَصابِيحَكُمْ).
وجاء في الحديث أنه علَّم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه كيف يَتجنَّبون أذى الشَّيطانِ، وما يضُرُّهم في دُنياهم وآخرتِهم، فجاءتِ النَّصائحُ النَّبويةُ لتكونَ بمَنزلةِ قَوانينِ السَّلامةِ للمُحافَظةِ على مَصالحِ المسلمينَ، كما أخبر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ؛ فقال: «إذا كان جُنحُ اللَّيلِ أو» قال: «أمسَيْتُم» -شَكَّ أحدُ رواةِ الحديثِ- أي: إذا دخَلْتُم في المساءِ، وجُنْحُ اللَّيلِ: أوَّلُ ظلامِه، وهذا وقتُ انتشارِ الشَّياطينِ، تذهَبُ وتجيءُ مِن بدايةِ مَغِيبِ الشَّمسِ إلى ذَهابِ ساعةٍ مِن اللَّيلِ، وليس المقصودُ من السَّاعةِ السَّاعةَ المعهودةَ الآنَ التي تساوي ستين دقيقةً، بل المرادُ جزءٌ من الوقتِ، وقد خَشِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الصِّبيانِ عند انتشارِ الجِنِّ والشَّياطينِ أن تُلِمَّ بهم فتصَرَعَهم؛ فإنَّ الشيطانَ قد أعطاه اللهُ قوةً على هذا، وقد عَلَّمَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ التعَرُّضَ للفِتَنِ مما لا ينبغي، والاحتراسَ منها أحزَمُ، على أنَّ ذلك الاحتراسَ لا يَرُدُّ قَدَرًا، ولكن لتبلُغَ النَّفسُ عُذْرَها.
وورد أن الحِكمةُ في انتشارِهم حينئذٍ أنَّ حرَكتَهم في اللَّيلِ أمكَنُ منها لهم في النَّهارِ؛ لأنَّ الظَّلامَ أجمعُ للقُوى الشَّيطانيَّةِ من غيرِه، وكذلك كلُّ سوادٍ، ويقالُ: إنَّ الشياطينَ تستعينُ بالظُّلْمةِ، وتَكرَهُ النُّورَ، وورد عند البخاريِّ في الأدَبِ المفرَدِ: «مَن قال صَباحَ كلِّ يومٍ ومَساءَ كلِّ ليلةٍ ثلاثًا ثلاثًا: بِاسمِ اللهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهوَ السَّميعُ العَليمُ؛ لَم يَضرُّه شَيءٌ»، فذِكْرُ اللهِ هو الحِصنُ الحَصينُ من الشَّياطينِ، والحديثُ يدُلُّ على أنَّ الشَّيطانَ إنَّما يَتسلَّطُ على المُفرِّطِ لا على المُتحرِّزِ، وفيه أخْذُ الحَيطةِ والحذَرُ مِن كلِّ ما يضُرُّ.
وقال صاحب فيض القدير شرح الجامع الصغير : وإنما أمر بكفهم في ذلك الوقت لأن الشمس سلطان قاهر فلا تقاومها الأرواح المارجية ، بل تمسك عن التصرفات ما دام ظاهراً في العالم السفلي ، فإذا استتر عنه في مغيبه صارت الشياطين كأنهم قد انطلقوا من حبس ، فتندفع دفعة رجل واحد ، فمهما صادفوه من الصبيان في تلك الحالة أصابوه فآذوه ، فإذا ذهبت فوعة العشاء تفرقوا وتبددوا ، فهذا سر أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك .أ هـ.
وورد أن الذي يحصل هنا أن الشياطين مع إقبال الظلام تبدأ تنتشر تبحث عن مأوى لها لأنها تنتشر انتشارا هائلا بأعداد لا يحصيها إلاّ الله وهنا يخاف بعضهم من فتك بعض وبالتالي لابد لها من شيء تأوي إليه وتأمن فيه فتنطلق بسرعة هائلة جدا تفوق سرعة بني آدم أضعافا مضاعفة ، فمنهم من يأوي إلى إناء فارغ ومنهم من يأوي إلى بيت انسي ومنهم من يأوي إلى جماعة من الإنس جالسين وهم بالطبع لا يشعرون به فينطرح بينهم ليأمن من فتك إخوانه الشياطين الذين هم الآن كالريح يجولون الأرض والبقاء للأقوى ، وطبيعة الشياطين أنها ترغب المكوث في النجاسات فتجدها تفضل أماكن قضاء الحاجة وتجدها تأوي إلى أماكن القمامة .
وجاء أن سرعة الجن هنا وهي تبحث عن المأوى والمسكن والمأمن قد تطول حتى كبار الإنس لكن لأن الغالب في كبار الإنس التحصن نص النبي الكريم على الصبيان الذي هم بحاجة الى التحصين من قبل الولدين وحمايتهم ووقايتهم بعدم تركهم يخرجون وقت انتشار الشياطين وهم الأبرياء الذين لا يستطيعون تحصين أنفسهم ، تأتي الشياطين مسرعة تبحث عن المأوى وقد تصطدم بجسم آدمي كبيرا أو صغيرا وقد تتلبس به فتجد البعض من الناس فجأة أصابته كآبة أو خوف مفاجئ وهكذا وهو بسبب تلك الشياطين، لذلك حصنوا انفسكم واولادكم بأذكار الصباح والمساء ، احرصوا على المحافظة عليها .