تشارك مصر وبقوة في أعمال القمة الأمريكية الإفريقية المنعقدة في العاصمة واشنطن، بمشاركة وحضور 49 قائداً وزعيماً إفريقيا يتقدمهم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
القمة الأمريكية الإفريقية
وتضمنت القمة التي تنهي جدولها أعمالها اليوم الخميس، بجلسة القادة، وتعزيز الأمن الغذائي ومرونة النظم الغذائية، تعهدات كبيرة من قبل الإدارة الأمريكية، فيما يتعلق بدعم الأفارقة لتجاوز أزمات مزمنة: كالفقر ونقص الغذاء والنزاعات المسلحة وانتشار الأوبئة، إضافة لمساعدتهم على التنمية.
وأجرى الرئيس السيسي، عددا من اللقاءات والاجتماعات الموسعة والتشاورية مع كبار المسؤولين الأمريكيين على هامش مشاركته في أعمال القمة، حيث التقى الرئيس، الأربعاء، في مقر إقامته بواشنطن، خلال إفطار عمل مع عدد من القيادات الجمهورية بمجلس النواب الأمريكي.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس السيسي، أكد على استراتيجية ومتانة العلاقات المصرية الأمريكية، معربًا عن تقدير مصر للدور الذي يقوم به مجلس النواب الأمريكي في تعزيز الشراكة بين البلدين، والتطلع لمواصلة الارتقاء بهذه الشراكة وتعزيزها في مختلف مجالات التعاون الثنائي في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة
وأعربت القيادات الجمهورية بمجلس النواب الأمريكي عن تشرفهم بلقاء الرئيس السيسي، مؤكدين أن مصر تمثل حليف رئيسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، ومعربين عن التقدير لدور مصر المحوري كركيزة للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط والقارة الأفريقية، إلى جانب جهود مصر الناجحة في التصدي لخطر الإرهاب والفكر المتطرف وإرساء مفاهيم التسامح الديني، ومساعيها المتزنة الرشيدة بقيادة السيد الرئيس للتوصل إلى حلول لمختلف الأزمات التي تمر بها المنطقة.
كما تناولت المناقشات مع أعضاء مجلس النواب الأمريكي من القيادات الجمهورية مستجدات قضية سد النهضة، فقد أكد الرئيس السيسي، على موقف مصر الثابت الذي يهدف إلى صون أمنها المائي من خلال إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة وذلك لضمان التدفق الطبيعي التاريخي لمياه النيل إلى مصر، أخذًا في الاعتبار الاعتماد الكلي لمصر على نهر النيل كمصدر أساسي للمياه، وقد عبر الحضور من أعضاء مجلس النواب الأمريكي عن تفهمهم التام لشواغل مصر وموقفها من تلك القضية الحساسة التي تتعلق بالأمن القومي المصري.
أفريقيا تحتاج بنية أساسية
كما التقي الرئيس السيسي، مع أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن وزير الخارجية الأمريكي رحب بزيارة الرئيس إلى واشنطن، والتي تأتي في إطار دعم مسيرة العلاقات بين البلدين والشعبين الصديقين على نحو بناء وإيجابي، مؤكدًا التزام الإدارة الأمريكية بتعزيز أطر التعاون المشترك مع مصر في مختلف المجالات، ودعم جهود مصر الحثيثة في السعي نحو تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن اللقاء شهد تبادل وجهات النظر حول مجمل القضايا الأفريقية في ضوء القمة الأمريكية الأفريقية الحالية، حيث شدد الرئيس على أن القارة الأفريقية تحتاج إلى بنية أساسية قارية مكتملة الأركان تدعم تنفيذ الجهود والمبادرات التي تستهدف الدول الأفريقية، وليكن ذلك من خلال مشروع دولي ضخم يحشد الموارد والدعم من الدول الكبرى والخبرات التنموية العالمية لبلورة رؤية شاملة لتلك البنية الأساسية التي تعتبر حتمية لنجاح جهود التنمية في القارة.
كما تم التباحث حول عدد من الملفات الإقليمية، ذات الاهتمام المشترك خاصة قضية سد النهضة الأثيوبي، حيث أكد الرئيس بتمسك مصر بتطبيق مبادئ القانون الدولي ذات الصلة ومن ثم ضرورة إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد للحفاظ على الأمن المائي لمصر وعدم المساس بتدفق المياه في نهر النيل، الذي قامت عليه أقدم حضارة عرفتها البشرية منذ آلاف السنين.
ومن جانبه أكد وزير الخارجية الأمريكي دعم بلاده لجهود حل تلك القضية على نحو يحقق مصالح جميع الأطراف ويراعى الأهمية البالغة التي تمثلها مياه النيل لمصر.
وقد عبر الجانبان عن الحرص المتبادل لتدعيم وتعميق الشراكة الاستراتيجية الممتدة بينهما مع والتي تمثل ركيزة هامة للحفاظ على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، والتطلع لتعظيم التنسيق والتشاور المشترك خلال الفترة المقبلة بشأن مختلف القضايا السياسية والأمنية ذات الاهتمام المشترك.
لقاءات الرئيس السيسي
كما التقى الرئيس السيسي، الأربعاء، لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكي، وذلك بمقر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"؛ لمناقشة عدد من الملفات؛ سواء على مستوى التعاون الثنائي أو على الصعيد الدولي.
وصرح المتحدث الرسمي - بأن وزير الدفاع الأمريكي عبر عن تشرفه بزيارة الرئيس لمقر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، مؤكدًا على التقدير البالغ لجهود الرئيس الشخصية وروح القيادة شديدة الاتزان والفاعلية، لتحقيق الأمن والاستقرار والتهدئة؛ ليس فقط في الشرق الأوسط وأفريقيا بل على المستوى العالمي، وتجاه مختلف القضايا والأزمات الدولية، وذلك امتدادً لدور مصر التاريخي السباق في إرساء ونشر ثقافة السلام والعيش المشترك في المنطقة، وهو الدور الهام جدا للولايات المتحدة التي تعول عليه وتدعم قدراته.
ومن جانبه أكد الرئيس السيسي حرص مصر على دعم شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، خاصةً ما يتعلق بالشق العسكري، وكذلك على الصعيد الأمني خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها المنطقة والعالم، وفي هذا السياق تم التوافق خلال اللقاء على الاستمرار في تعزيز العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة باعتبارها صلب الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتدعم مسؤوليتهما وجهودهما المشتركة تجاه استعادة الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية، إن القمة الأمريكية ـ الأفريقية الثانية المنعقدة في واشنطن تمثل أهمية كبيرة، وحققت الكثير من المكاسب للدولة المصرية سواء على صعيد العلاقات المصريةـ الأمريكية أو الأمريكية ـ الأفريقية، بجانب دعم مصر لقضايا أفريقيا.
وأضاف سيد - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن مصر والولايات المتحدة تجمعهما شراكة استراتيجية قديمة وممتدة ومتشابكة الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والثقافية، فأمريكا هي ثاني أكبر شريك تجاري لمصر بعد الاتحاد الأوروبي، وساهمت القمة ولقاءات الرئيس مع وزير الخارجية، ووزير الدفاع، وأعضاء الكونجرس، في تعزيز العلاقات وجذب المزيد الاستثمارات.
مكاسب مصر من القمة
وأوضح أن الرئيس السيسي، استعرض الفرص الواعدة للاستثمارات في مصر خاصة المشروعات القومية العملاقة في محور التنمية في قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات، التي تمثل بيئة جاذبة وواعدة للاستثمارات الأمريكية، والبعد الاقتصادي شهد دفعة كبيرة في هذه الزيارة في إطار هذا الانفتاح الأمريكي على مصر والتعاون المتبادل بينهما.
ولفت: "على المستوى السياسي شكلت اللقاءات الأمريكية المصرية أيضا تقدير من جانب الأمريكي للدور المصري للدور الكبير في منطقة الشرق الأوسط في تحقيق الأمن والاستقرار، وبالتالي على المستوى الثنائي شهدت العلاقات بهذه الزيارة دفعة قوية للعلاقات على المستوى السياسي والاقتصادي".
وأضاف أن "مصر حققت مكاسب كبيرة فيما يتعلق باستمرار نهج حشد دعم الدول الكبرى لمساعدة الدول الأفريقية في تحقيق التنمية ومواجهة التغيرات المناخية، التي تضررت منها إفريقيا بشكل كبير، بالإضافة إلى مساعدات أمريكا لدول القارة؛ لدعم وتعزيز الأمن الغذائي والطاقة".
وأشار إلى أن المكاسب التي حققتها مصر من القمة هي التأكيد على أمن مصر المائي في إفريقيا وعروض مصر لأهمية وضرورة حل مشكلة سد النهضة في إطار قانوني ملزم في ملء وتشغيل السد، وتضامن أمريكا والمجتمع الدولي مع موقف مصر بتعزيز أمن مصر المائي وحل القضية بالطرق الدبلوماسية.
واختتم: القمة بالفعل كانت لها "مخرجات هامة سواء في مسار العلاقات المصرية ـ الأمريكية أو الأمريكية ـ الأفريقية، وساهم الدور المصري في بلورة مواقف أوروبية لتعظيم الاستفادة للقارة الإفريقية ونقل القارة من منطقة حروب وصراعات إلى منطقة مزدهرة اقتصاديا".