تنطلق اليوم الثلاثاء القمة الأمريكية الإفريقية، والتي يرى مراقبون أن هدفها الرئيسي، يتمحور حول لحاق واشنطن بالتمدد الصيني والروسي المتنامي في إفريقيا، إضافة إلى محاولة أمريكا التأكيد على استمرار اهتمامها بالقارة، في إطار استراتيجية إفريقيا الجديدة، التي كُشف عنها الصيف الماضي.
جدول أعمال القمة الأمريكية الإفريقية
وتعتبر القمة الأمريكية الإفريقية فرصة مناسبة للإعلان عن استثمارات أمريكية جديدة، حيث تلتزم الولايات المتحدة بتقديم 55 مليار دولار للقارة على مدى 3 سنوات.
فيما أكد جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي أن الولايات المتحدة سوف تضع الموارد على الطاولة خلال القمة.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي سيقيم مأدبة عشاء مساء غدا الأربعاء لنحو 50 من الزعماء الأفارقة ويعلن دعم واشنطن، لانضمام الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين، وأيضا تعيين ممثلا خاصا لتنفيذ الأفكار التي ستناقش خلال القمة.
ومن ضمن الامتيازات التي توفرها القمة للقارة السمراء، هو تأكيد سوليفان أن الولايات المتحدة لن تفرض شروطا لدعم حرب أوكرانيا، كما أن هناك تسريبات حول فكرة حصول إفريقيا على مقعد في مجلس الأمن الدولي.
وأجرى "صدى البلد"، حوارا مع الدكتور وليد فارس، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حول القمة الأمريكية الإفريقية والأهداف والملفات المطروحة من قبل الجانبين، وكيف ترى واشنطن المشاركة المصرية؟
وجاء نص الحوار كالتالي:
ما هي أهمية ودلالات القمة الأمريكية الإفريقية؟
إن القمة الأمريكية الأفريقية، هامة في هذه المرحلة من توتر العلاقات الدولية خاصة بعد حرب أوكرانيا وشل تحرك مجلس الامن بسبب الخلاف بالموقف في أوكرانيا من ناحية روسيا والصين، وناحية أخرى الناتو وأمريكا، إلى جانب التوترات التي تحدث في ايران، وما يمكن ان يؤدي لزعزعة الوضع في إيران والشرق الأوسط، إضافة إلى التوتر الحادث بين إدارة بايدن وعدد من الدول الشريكة للولايات المتحدة.
لذلك نرى أن القمة الأمريكية الإفريقية، شيء إيجابي لأنها تسعى لتوحيد كلمة دول متعددة في القارة الافريقية والجميع بحاجة لها على صعيد النفط أو صعيد المواد الأولية أو وجود إفريقيا في أماكن استراتيجية هامة بين المحطين والبحر الأحمر، وقناة السويس، وبالتالي هي قمة هامة جدا.. وما سوف يحدث خلالها من لقاءات عامة وخاصة سيكون لها تأثير اكبر في هذا التوقيت في لحظة تاريخية لإعادة التوازن وجزء من الاستقرار الدولي بوجود الأفارقة كطرف محايد.
ما هي المكاسب التي يمكن أن تجنيها أفريقيا من القمة؟
مكاسب افريقيا يمكن أنها ستحصل على توحيد إضافي داخل القارة، فنحن نعلم أن هناك أزمات عميقة داخل افريقيا، وأن القارة ليست في قمة الاستقرار، ولكنها بنسبة استقرار جيدة بالنسبة لما يحدث بين أوكرانيا وروسيا والتوترات بين الصين وتايوان وفي أمريكا الجنوبية.
كما تؤكد القارة موقعها المهم هو موقع المفاوض المحايد الوسيط بين الشرق والغرب، وبالتالي سوف توظف إفريقيا هذه المكاسب المعنوية السياسية الدبلوماسية لكي تحصل من موقعها على مساعدات من المعسكرين، ولكن بشكل محدود بسبب الموقف الوسيط.
ماذا عن مصر وكيف تنظر لها الولايات المتحدة؟
لمصر دور مهم جدا في القارة السمراء، خاصة خلال المرحلة الماضية، وامريكا تشكرها منذ عقود، حيث أن الدولة المصرية وقيادتها ومؤسساتها كان لها دورا هاما واساسيا في عملية تنظيم وتوطيد العلاقات في أفريقيا، لأن مصر دولة كبرى حجما وقوة، عسكريا وامنيا ودبلوماسيا، ولها موقع جيوسياسي كبير فهي عروة التواصل بين أفريقيا والعالم العربي والإسلامي.
كما أن مصر قائدة في القارة الافريقية والعالم العربي والإسلامي وتستخدم موقعها لكي تعزز من روابطها وهذا ما تلعبه الان بغض النظر عمن يأتي في الحكم، وهذا الدور بات تاريخيا وبالتالي القيادة المصرية خاصة الرئيس السيسي ومن معه من مسئولين يلعبون دورا أساسيا في تقريب وجهات النظر وقد رأينا أن مصر تلعب دورا هاما في استقرار ليبيا ودورا مهما في تسهيل وحدة الموقف في السودان ومواجهة الإرهاب في سيناء ولها علاقات ممتازة مع الخليج وعلاقات تسمح لها بالتكلم مع القيادات الافريقية في الساحل، كل هذا يسهل مهمة مصر في التوسط والتوصل لتكون هي المفتاح المركزي للتواصل الافريقي مع الخارج.
وهذا لا يعني أن افريقيا ليس لها علاقات مع الغرب وقنوات مباشرة، لديها بالطبع ولكن إذا أرادت القارة أن تتحرك مع بعضها البعض فمصر بإمكانها لعب هذا الدور وزادت إمكانية مصر في هذا بعد 2013، حيث كان هناك قلق في افريقيا والغرب من وصول الاخوان الى الحكم، ولكن بعد أن صحح الشعب والجيش في 2013 الوضع أعطى ذلك مصر لتكون ذات رصيد كبير في افريقيا.

هل الاهتمام الأمريكي بأفريقيا مدفوعا بالتنافس مع الصين؟
طبعا هناك تسابق بين الشرق والغرب يدفع الطرفان لكي يأتوا إلى افريقيا ويحالوا أخذ ما تمكنوا منها لتحسين أوضاعهم، ولكن ما هو أهم كيف تتحرك مصر في هذا الموضوع، حيث أن أمريكا تعتبر مصر بغض النظر عن التقارب والتباعد، أنها ركن أساسي من سياساتها الخارجية في الشرق الأوسط ولا يمكن تعديها أو القفز فوقها وهذا كان سر الأزمة أيام الرئيس عبد الناصر، ولكن كل الرؤساء وخاصة بعد مرحلة 2013، عندما ضمنت المؤسسة الوطنية المصرية الاستقرار في المنطقة وعلى الرغم من اختلافات بايدن وأوباما مع مصر، لكن المشرع الأمريكي بشكل عام والدفاع والامن القومي الأمريكي والدبلوماسية الامريكية يعتبرون جميعا أن مصر دورها مهم في المنطقة والقارة الافريقية.
بالنسبة للقارة كانت الصين تدخل بعمق وكان هناك قلق من واشنطن وليس خوفا، كما أن أمريكا لا تريد مواجهة مع الصين، ولا الصين تريد مواجهة، لان البلدان قوتان كبيرتان، واي مواجهة تهلك العالم، وبذلك فالحرب مستحيلة بين البلدين، ولكن من الوارد أن يكون هناك أزمات بين الحلفاء، لذلك من الطبيعي أن يكون هناك أزمات عاقلة بين دول في سباق وتنافس، وهذا لا يعني مواجهة عسكرية ولكنها منافسة اقتصادية ودبلوماسية وتسعى كل منهما كسب نقاط، والصين لديها القدرة على التحرك السريع في أفريقيا، عكس أمريكا والتي ترتبط بضوابط ديمقراطية بخصوص مناقشة من تساعد أمريكا، حيث أن القرار الأمريكي مرابط بدورة تشريعية عكس الصين.
ولكن تركيبة الاقتصاد الأمريكي أكبر ودول افريقيا تتمنى أن تتحول لشركاء استراتيجيين مع أمريكا، ولكن التبدل في السياسة الامريكية، يشعر الدول الافريقية أنها بحاجة حلفاء اخرون مثل الصين التي سوف تساعدهم فورا، ولكن على صعيد تنظيم الاقتصاد بالطبع تفضل الدول الأفريقية النموذج الأمريكي.
ما أبرز وأهم النتائج المتوقعة للقمة الأمريكية الإفريقية؟
النتائج الأهم المتوقعة، هي معرفة وتحديد الأجندة الافريقية، وماذا تريد القارة من المجتمع الدولي وما نوعية المساعدات التي تريد أن تحصل عليها؟، وهل سوف تكون هناك مؤسسات جديدة لإعادة تجديد العلاقات بين أفريقيا والخارج وخاصة الولايات المتحدة؟، وهل أمريكا مستعدة لزيادة الاستثمارات في أفريقيا؟، وما موقف واشنطن من الدول التي ذهبت بعيدا في عملها وشراكتها مع الصين؟.
فكل تلك العوامل سوف تؤثر على النتائج ولكن مجرد انعقاد القمة هو من أكبر النتائج لأنه يعطي أفريقيا ظهورا أكبر في العالم، ويعطي الدول الافريقية موقعا متميزا، وهذا يقودنا بشكل خاص بين القاهرة وواشنطن،.
القارة الأفريقية الآن في موقع مهم واستراتيجي بسبب موقها بين الغرب والشرق، وهي بحاجة لكل هذه العلاقات وبالتالي فإن القيادات الأفريقية عازمة على التشاور في موضوع الاستمرار في لعب دور حيادي وسطي في العلاقات الدولية في المواجهات القائمة لاسيما في حرب أوكرانيا.
كما أن افريقيا تتقدم بطرح الملف الاقتصادي وهو الأهم في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة ثم أزمة الأمن ووضع حد للحروب والمواجهات في ليبيا واثيوبيا وباقي المواجهات بطول وعرض القارة، وأيضا ملفات الاحتباس الحراري والصحة والتعليم والانقسامات القبلية، كل هذا سيكون على طاولة المفاوضات ولكن ليست كلها هي على قيد الحل لان الوقت سوف يكون قصيرا والضغوطات كبيرة.