تنطلق اليوم فعاليات القمة الأمريكية الإفريقية، والتي يرى مراقبون أن هدفها الرئيسي، يتمحور حول لحاق واشنطن بالتمدد الصيني والروسي المتنامي في إفريقيا، إضافة إلى محاولة أمريكا التأكيد على استمرار اهتمامها بالقارة، في إطار استراتيجية إفريقيا الجديدة، التي كُشف عنها الصيف الماضي.
وتعتبر القمة الأمريكية الإفريقية فرصة مناسبة للإعلان عن استثمارات أمريكية جديدة، حيث تلتزم الولايات المتحدة بتقديم 55 مليار دولار للقارة على مدى 3 سنوات.
فيما أكد جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي أن الولايات المتحدة سوف تضع الموارد على الطاولة خلال القمة.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي سيقيم مأدبة عشاء مساء غدا الأربعاء لنحو 50 من الزعماء الأفارقة ويعلن دعم واشنطن، لانضمام الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين، وأيضا تعيين ممثلا خاصا لتنفيذ الأفكار التي ستناقش خلال القمة.
ومن ضمن الامتيازات التي توفرها القمة للقارة السمراء، هو تأكيد سوليفان أن الولايات المتحدة لن تفرض شروطا لدعم حرب أوكرانيا، كما أن هناك تسريبات حول فكرة حصول إفريقيا على مقعد في مجلس الأمن الدولي.
وفي هذا الصدد، أجرى موقع "صدى البلد"، حورا مع الكاتبة الصحفية هبة القدسي، مدير مكتب جريدة الشرق الأوسط بواشنطن، بشأن القمة الأمريكية الإفريقية، وأهم أهدافها، وما تريده واشنطن من إفريقيا، وهل تستطيع مساعدة شعوب القارة على تجاوز أزماتهم.
وإلى نص الحوار:

ماذا تريد واشنطن من إفريقيا، وماذا تغير منذ قمة 2014؟
اكتسبت القارة الإفريقية، الكثير من الاهتمام منذ القمة الأمريكية الأفريقية الأولى التي استضافها الرئيس باراك أوباما في عام 2014، ونمت المكانة الجيوسياسية للقارة التي لاتزال تعاني الفقر والصراع والمجاعة وارتفاع معدلات الفساد، لكنها أيضا تتمتع بالعديد من نقاط القوة التي تجذب القوي الأجنبية.
وتمثل قارة إفريقيا التي سيضاعف عدد سكانها بما يقدر بربع سكان العالم بحلول 2050 أكبر تجمع سكاني، وبالتالي تعد سوقا ضخمة للتجارة والاستثمار وتملك دول القارة احتياطات ضخمة من المعادن النادرة كما تعد الغابات الشاسعة في افريقيا مهمة في امتصاص الكربون ومواجهة التغير المناخي خاصة في دولة الكونغو الديمقراطية.
كيف سيكون نهج الإدارة الأمريكية مع قادة القارة؟
جود ديفرمونت مدير إدارة إفريقيا في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أكد للصحفيين إن نهج بايدن خلال القمة هو بناء شراكات للقرن الحادي والعشرين وأن العقد القادم سيشهد إعادة تشميل النظام العالمي وستكون الأصوات الإفريقية حاسمة في هذه القمة وفي المستقبل.
وتشير بعض الأبحاث إلى إمكانات تملكها دول مثل كينيا في مجال التكنولوجيا والابتكارات البرمجية الرخيصة، وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن الولايات المتحدة ستقدم أفكار في مجال الصناعة والبيئة إضافة إلى مبادرات لحل المشاكل المتعلقة بالزراعة، والامن، ومكافحة الامراض، والاوبئة.
هل تسعى الولايات المتحدة للحاق بالصين وروسيا؟
يحاول المسؤولون في الإدارة الأميركية التقليل من مخاوف تزايد النفوذ الصيني والروسي في أفريقيا وأكدوا أن الهدف من القمة هو تحسين التعاون مع القادة الافارقة والتعاون معهم في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تواجهها القارة.
كما دافعت كارين فان بيير المتحدثة باسم البيت الأبيض عن أهداف واشنطن من القمة في مواجهة النفوذ الصيني والروسي وقالت "نركز على تعزيز الشراكات والأعمال التجارية والتعاون في عدد كبير من القطاعات من الصحة الي الامن والسلام" وأكدت أن نفوذ الصين وروسيا لن يكون موضوعا للنقاش خلال محادثات القمة.
كيف ترين استراتيجية إفريقيا الجديدة التي أطلقها بايدن؟
أصدرت إدارة بايدن في أغسطس الماضي استراتيجيتها تجاه افريقيا وجنوب الصحراء والتي كشفت عن ضخ الصين لمليارات الدولارات في مشاريع الطاقة الافريقية والبنية التحتية والموانئ الاستراتيجية وحذرت الاستراتيجية من أن قدرة الصين على تحقيق طموحاتها في القارة الافريقية ستمكنها من تحدي النظام العالمي وتعزيز مصالحها الجيوسياسية والتجارية.

كما القت الاستراتيجية الضوء على المطامع الروسية في ابرام صفقات أسلحة واسعة مع الدول الافريقية واستغلال حالة عدم الاستقرار والانقلابات في تحقيق مصالح مالية واستراتيجية.
ووفقا لبعض التقديرات، استمرت التجارة الصينية مع إفريقيا في النمو، حيث سجلت رقماً قياسياً العام الماضي بلغ 261 مليار دولار، وكذلك ارتفعت ديون الدول الأفريقية المستحقة للصين، وفي المقابل، تضاءلت التجارة الأمريكية مع إفريقيا إلى 64 مليار دولار.
وبرزت روسيا كأكبر تاجر أسلحة في القارة وأصبحت قوة لا يستهان بها عبر عدة دول بالقارة، من خلال استخدامها لمرتزقة من مجموعة فاجنر لدعم أنظمة هشة، غالبًا مقابل الحصول على معادن ثمينة.
القمة الأمريكية الإفريقية الثانية
وتأتي القمة بعد 8 سنوات على أول قمة من نوعها، والتي عقدت عام 2014 في ظل رئاسة باراك أوباما.
ومن أبرز أهداف ودلالات القمة كالتالي:
- تأتي القمة كتحرك لمواجهة النفوذ الصيني المتنامي في القارة السمراء، حيث استثمرت بكين مبالغ طائلة في إفريقيا.
- تسعى أمريكا أيضا تحجيم الدور الروسي في إفريقيا، الذي ظهر قويا في مطلع مارس الماضي عندما رفضت دول من القارة السمراء المساهمة بأصواتها في قرار الأمم المتحدة الذي يدين العملية العسكرية بأوكرانيا.