حرب باردة وقمة أمريكية إفريقية.. ما قيمة استثمارات الصين وواشنطن في إفريقيا؟

تلعب إفريقيا دور اقتصادي رئيسى لـ واشنطن، ليس فقط بسبب كونها المنطقة الأسرع نموًا، ولكن لثرائها بالمقومات الاقتصادية والموارد الطبيعية أيضا، ومن هنا يتصدر الاقتصاد أجندة القمة الأمريكية الإفريقية التى ستنطلق الثلاثاء القادم، والتى سيعمل خلالها الرئيس الأمريكي جو بايدن على تشجيع الشراكات والاستثمارات الموثوقة التى يتعين على الولايات المتحدة تقديمها والتى تمكّن الشركات فى إفريقيا والولايات المتحدة من الازدهار.

وتعتمد الولايات المتحدة فى تحركاتها الحالية نحو إفريقيا على عدد من المبادرات التجارية الناشئة مثل مبادرة “ازدهار إفريقيا” التى تصل ميزانيتها نحو 750 مليون دولار، إضافة إلى منح المؤسسات الأمريكية التمويلية للتنمية الدولية، والتي يبلغ حجم استثماراتها فى إفريقيا نحو 60 مليار دولار.

وتشارك غرفة التجارة الأمريكية مع وزارة التجارة ومجلس الشركات فى إفريقيا لاستضافة منتدى الأعمال الأمريكي الإفريقي، وتستضيف “بروسبر أفريكا” وهي مبادرة من الوكالات الحكومية التي تعمل على ربط الشركات الأمريكية والإفريقية بالفرص التجارية.

وسيبحث قادة الأعمال الأمريكيون والأفارقة والمستثمرون ورجال الأعمال وواضعو السياسات بناء علاقات وفرص جديدة من خلال تعزيز التجارة بين الولايات المتحدة والدول الإفريقية، وزيادة الفرص التجارية فى جميع أنحاء إفريقيا والارتقاء بدور أفريقيا فى الاقتصاد العالمى، والإعلان عن استثمارات وبرامج جديدة أو موسعة بين الشركات الأمريكية ونظيراتها الإفريقية.

استثمارات أمريكا في إفريقيا

رغم أن الحكومة الأمريكية ساعدت منذ يونيو 2019، فى إبرام ما يقرب من 900 اتفاق تجارى، تقدر قيمتها بنحو 50 مليار دولار فى حوالى 45 دولة إفريقية، إلاّ ان المساعدات والاستثمارات الامريكية فى القارة لم تشهد ارتفاعًا كبيراً فى الآونة الأخيرة.

حيث ظلت المساعدات على معدل ثابت عند حوالى 13 مليار دولار سنويًا ، كما انخفضت الصادرات الأمريكية إلى إفريقيا على مدار العقد الماضى وانخفضت الواردات بسبب التغيرات فى نمط تجارة النفط الأمريكية.

وفى عهد بايدن ، بلغت صادرات السلع الأمريكية إلى القارة 26.7 مليار دولار فى عام 2021، بانخفاض 30٪ من أعلى مستوى بلغ 38.1 مليار دولار فى عام 2014، وفقًا لوزارة التجارة الأمريكية.
ومع استمرار الولايات المتحدة فى ضخ النفط الصخرى فى سعيها المستمر منذ عقد من الزمن لتحقيق “أمن الطاقة”، تضاءلت واردات النفط الخام من القارة بنسبة 26٪ وفقًا لبيانات من مكتب الإحصاء الأمريكى للتجارة الأمريكية والتي تتركز فى نيجيريا والجزائر وغانا وأنجولا.

القمة الأمريكية الإفريقية.. لماذا منعت واشنطن بعض الدول من المشاركة؟

القمة الأمريكية الإفريقية.. شعوب القارة السمراء تبحث عن منقذ| هل من مجيب

تراجع أمريكا في إفريقيا

وبلغ حجم التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة وإفريقيا 64.3 مليار دولار فى عام 2021 - تقريبا 2٪ من التجارة العالمية الأمريكية، وانخفاضًا من 141.9 مليار دولار فى عام 2008 مقارنة مع 254 مليار دولار فى الواردات والصادرات بين الصين وإفريقيا العام الماضى.

وتراجع حجم التبادل التجارى بين واشنطن وإفريقيا الى 41 مليار دولار فى عام 2018، بينما كان 100 مليار دولار فى عام 2008، وتراجع حجم الاستثمار الأمريكى فى إفريقيا من 50 مليار دولار فى عام 2017 الى 43 مليار دولار فى عام 2019 .

وساعدت اتفاقيات الاعفاء من الرسوم الجمركية، على دخول أكثر من 1800 منتج معفى من الرسوم الجمركية إلى الأسواق الأمريكية، ولازال هناك أكثر من 5000 منتج آخر مؤهل للإعفاء الجمركي، قبل انتهاء صلاحية الاتفاقيات عام 2025، مما ساعد على تعزيز تجارة السلع بين البلدان الإفريقية والولايات المتحدة، لكن حجم اقتصاد كلا الطرفين يتطلب التوسع فى مجال التجارة بينهما وبالتالي يقول الخبراء إنه ينبغى على الولايات المتحدة أن تنظر فى توسيع النطاق ليشمل الخدمات الى جانب السلع، إذا كان للمشروع أن يكون له مستقبل أكثر فاعلية.

استثمار الصين في إفريقيا

ويجمع كثير من الخبراء والمراقبين على أن تنمية العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وإفريقيا سيكون كلمة السر فى عودة النفوذ الأمريكي من جديد فى القارة السمراء لمواجهة تمدد نفوذ الصين التى كثفت استثماراتها بشكل كبير فى أفريقيا فى العقود الأخيرة، من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية الضخمة والاستثمارات الكبيرة.

وشهد الاستثمار الصيني في أفريقيا توسعا مطردا رغم الاتجاه الهبوطي في الاقتصاد والتجارة العالميين الناتج عن انتشار جائحة كورونا.

ونقلت وكالة أنباء الصين حول العلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية الأفريقية 2021 أن الاستثمار الصيني في أفريقيا بلغ 2.96 مليار دولار في عام 2020، بنسبة زيادة 9.5 في المائة على أساس سنوي، ومن بين القيمة الإجمالية، بلغ الاستثمار المباشر غير المالي 2.66 مليار دولار.

وصدر التقرير قبل الدورة الثانية للمعرض الاقتصادي والتجاري بين الصين وأفريقيا المقرر عقده في مدينة تشانجشا، حاضرة مقاطعة هونان بوسط الصين، في الفترة من 26 إلى 29 سبتمبر.
وشهد الاستثمار الصيني في قطاع الخدمات بأفريقيا زيادة كبيرة، حيث ارتفع الاستثمار في القطاعات الفرعية مثل البحث العلمي وخدمات التكنولوجيا والنقل والتخزين وخدمات البريد بواقع أكثر من الضعفين، بحسب التقرير.

أهداف القمة الأمريكية الإفريقية

وأظهرت بيانات صادرة عن وزارة التجارة أنه في الأشهر السبعة الأولى من عام 2021، بلغ الاستثمار الصيني المباشر في أفريقيا 2.07 مليار دولار، ما يعد أداء أفضل من المستوى المسجل لنفس الفترة في عام 2019، أي قبل جائحة كورونا.

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير حسين هريدي، إن هذه القمة الأمريكية الإفريقية تأتي في إطار الاستراتيجية الأمريكية لتكريس الدور الأمريكي جنوب الصحراء، ضمن سعي الولايات المتحدة الأمريكية لاحتواء النفوذ الصيني في إفريقيا، وكذلك التوغل التركي والإيراني والروسي في إفريقيا.

وأضاف هريدي في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن المساعدات الأمريكية في إفريقيا لن تصل لحجم المساعدات التي قدمتها الصين لعدد من الدول الإفريقية خلال الـ 3 عقود الأخيرة، لكن الولايات المتحدة الأميركية بقيادة إدارة بايدن تسعى لتكريس الدور الأمريكي في القارة السوداء.

وأكد مساعد وزير الخارجية السابق، أن الولايات المتحدة أنشأت صندوق للأمن الغذائي، وكذلك استضافت قمة عالمية هذا العام للأمن الغذائي.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة موجودة في جميع التكتلات الدولية، الني تعمل على الأمن الغذائي والحد من التغيرات المناخية، ولكن لتواجدها أبعاد استراتيجية تتعلق بالتنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية من جانب وبين الصين وروسيا من جانب آخر.