قال الشيخ حافظ عبد الحليم، الداعية الإسلامي، إنه يجب على الإنسان شكر الله تعالى يوميا على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، لافتاً إلى أن شكر الله تعالى على نعمة الأمان من الزوج يكون بإعطائه للزوجة وإشعارها به ولو بمجرد كلمة.
مخاطر تعود الإنسان على وجود النعمة
وقال عبد الحليم، خلال برنامج "طاقة نور"، الذي يقدمه الإعلامي كريم كوجاك على قناة “النهار”: “في بيان الأشياء التي سنها النبي ولها فضل عظيم، منها عيادة المريض سنة لأنه بالذهاب إليه نستحضر نعم الخالق تبارك وتعالى علينا، كذلك في زيارة القبور أو اتباع الجنائز ففيها من التفكر والتدبر ما يردك إلى الله تبارك وتعالى”.
وأشار إلى أنه لذلك سن النبي هذه الأمور وجعل لها فضل عظيم، موضحاً أن القرآن الكريم حينما تحدث عن قريش فقال:" لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)"، فالف النعمة جعلهم يتناسون الشكر وبدت لهم كأمر عادي.
وشدد على أهمية الحفاظ على النعمة بشكر المنعم جل وعلا، وذلك ببذلها لعباده ممن يحتاجون طمئنة معنوية أو مادية، مشيراً إلى أن الزوج قد يرسل لزوجته رسائل معنوية تشعرها بالأمان والدعم تكون سبباً في شكر الله تبارك وتعالى على نعمته عليه بأن وهبه نعمة الأمان والشعور به، كذلك من تعسر في سداد دين ويخشى من أن يحبس فإن وصلت إليه رسالة طمئنة من المدين بأنه لن يقدم على هذه الخطوة فإن ذلك سيكون سبباً عظيماً في إدخال الطمأنينة في نفسه وإشعاره بالأمان.
شكر الله على النعمة
قالت دار الإفتاء إن الله تعالى أوجب على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وقرن سبحانه الذكر بالشكر في كتابه الكريم حيث قال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، مع علو مكانة الذكر التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45]، ووعد الله تعالى بنجاة الشاكرين من المؤمنين وجزائهم خير الجزاء حيث قال: ﴿مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ [النساء: 147]، وقال تعالى: ﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 145]، وقال عز من قائل: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].
ولوجوب شكر نعمة الله تعالى على عباده شُرعت سجدة الشكر عند حدوث نعمةٍ أو دفعِ بليةٍ؛ فروى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جاء الشيء يُسر به خر ساجدًا شكرًا لله تعالى".
وروى أبو داود بسنده عن سعيد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبًا من عَرْوَزا -بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الواو، هضبة الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة- نزل فرفع يديه فدعا الله تعالى ساعة، ثم خر ساجدًا فمكث طويلًا، ثم قام فرفع يديه ساعة، ثم خر ساجدًا فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه قال: «إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي وَشَفَعْتُ لأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّى لأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخَرَ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي».
ولهذه الأحاديث وغيرها ذهب محمد وأبو يوسف من الحنفية والشافعي وأحمد إلى أن سجدة الشكر سنة، وذهبوا إلى أنها يُشترط لها ما يُشترط في الصلاة من الطهارة وستر العورة ونحوهما؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخرجه الإمام مسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ»؛ فيدخل في عمومه السجود، ولأنه صلاة فيشترط له ذلك كالصلاة المعتادة، وبالقياس على سجود السهو؛ فإنه يُشترط له ذلك.
قال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 446، ط. دار الكتب العلمية): [وهي -أي سجدة التلاوة وسجدة شكر- صلاة؛ (فيُعتبر لهما ما يُعتبر لصلاة نافلة من الطهارة وغيرها)؛ كاجتناب النجاسة واستقبال القبلة وستر العورة والنية؛ لأنه سجود لله تعالى يُقصد به التقرب إليه، له تحريم وتحليل، فكان صلاة كسجود الصلاة والسهو] اهـ.