في عالم اليوم حيث تتسيد مواقع التواصل الاجتماعي الواقع الافتراضي، وتشكل الرأي العام تجاه العديد من القضايا، وتترجم تفاعلات روادها على مختلف الأحداث إلى أرقام وأرباح بالمليارات، تدخل هذه المواقع دائرة اهتمام الشركات ورجال الأعمال الذين يسعون للسيطرة عليها من باب الرغبة في التأثير وتحقيق المكاسب في آن معا، لكن هذا قد ينعكس على تغير سياسات إدارة المحتوى التي تبنتها لسنوات، مصداقا لمبدأ من يملك يحكم.
صفقة تويتر.. العصفور الأزرق في قفص إيلون ماسك
أنجز الملياردير الكندي الأمريكي إيلون ماسك، الذي يعد أغنى رجل في العالم، صفقة استحواذ على موقع تويتر مقابل 44 مليار دولار، وسط مطالبات من السياسيين ونشطاء الحملات بمراقبة احتمالية تصاعد خطاب الكراهية على المنصة.
وحسبما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية، فقد أكدت مجموعة التواصل الاجتماعي إتمام الصفقة في بيان مختصر على بورصة نيويورك صباح أمس الجمعة، مؤكدة أنها تمت الخميس، وقد عُلقت عمليات التداول على أسهم الشركة وسيتم شطبها من جداول البورصة في 8 نوفمبر المقبل.
وتسدل الصفقة الستار على حالة من الجدل الفوضوي التي بدأت في أبريل الماضي، حين أعلن الملياردير المعروف عن خطته تولي إدارة العمليات التقنية بالمنصة، التي أعلن ماسك انتقالها من خلال منشور موجه لـ 110 ملايين متابع له عليها، قائلا: "تم تحرير العصفور"، في إشارة للعلامة الشهيرة للشركة ، ومضيفا: "الأوقات السارة قادمة".
ومن المتوقع أن يتولى ماسك منصب المدير التنفيذي للمنصة، في وقت يبحث فيه عن طاقم إدارة جديد، حيث أقال عددا من الكوادر الإدارية من مواقعهم فور إتمام الصفقة، بمن فيهم باراج أجروال المدير التنفيذي ونيد ساجال المدير المالي وفيجاي جاد مدير الشئون القانونية ومعايير الثقة والأمان.
تحذيرات من خطاب الكراهية على تويتر
وأثار إتمام الصفقة بعد أشهر من التراجع، مخاوف من تأجيج خطاب الكراهية وانتشار المعلومات المضللة على المنصة، التي يبلغ عدد مستخدميها أكثر من 230 مليون شخص، وقال ماسك الذي يصف نفسه بالمؤيد لحرية التعبير، إنه يعتزم إعادة تفعيل الحسابات المحظورة كحساب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وتفاعل تيري بريتون المفوض الأوروبي لشئون الأسواق الداخلية على إحدى التغريدات قائلا: "سيحلق الطائر وفقا لقواعدنا"، في إشارة إلى قوانين الخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي، التي تطالب المنصات الإلكترونية بمراجعة المحتوى المخالف كخطاب الكراهية.
وعلى الرغم من تعليق مشروع "أمان على الإنترنت" في المملكة المتحدة الذي يستهدف خطابات الكراهية ضمن مختلف أشكال المحتوى الضار، بعد تولي ريشي سوناك لمنصب رئاسة الوزراء، فقد قالت تيريز كوفي وزيرة البيئة البريطانية، إنه من المثير للقلق أن يؤدي التساهل في الرقابة على المحتوى إلى انتشار خطاب الكراهية على المنصة.
وغرد صديق خان عمدة لندن قائلا إن أي قرار متعلق بفك الحظر عن المستخدمين المقيدة حساباتهم يجب أن يؤخذ بحرص وبعد استشارة خبراء مكافحة الكراهية والمعلومات المضللة، وقال أحد مسئولي الحملات على الإنترنت اليوم الجمعة بعد تأكيد عزل جاد، إن الصفقة ستحسن أسلوب العمل على المنصة.
وعلى الجانب الآخر قالت ساي أكيويو مديرة جمعية جليتش الخيرية بالمملكة المتحدة، إن إقالة فيجاي جاد مدير الشئون القانونية ومعايير الثقة والأمان بموقع تويتر كانت قرارا كارثيا، وعبرت عن قلقها من انهيار التقدم الذي أحرزته المنصة في مجال السلامة على مدار الست سنوات الماضية خلال أسابيع قليلة.
وقبل أسبوعين من انطلاق انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، قالت سوزان نوسيل المديرة التنفيذية للشركة، إن المؤشر الأساسي الذي يتعين أخذه في الاعتبار هو ما إذا كان مروجي المعلومات المضللة سيحاولون خداع مستخدمي تويتر بشأن توقيت ومكان التصويت وكذلك توجيههم لانتخاب مرشحين بعينهم.
نرحب بالجميع.. رسالة إيلون ماسك المطاطة
وحاول ماسك التخفيف من حدة المخاوف بشأن المحتوى الضار في رسالة لعملاء الإعلانات على تويتر، قائلا إن المنصة لن تتحول لما يشبه الجحيم، بل سترحب بالجميع.
وتعهد ماسك صاحب الثروة البالغة 212 مليار دولار بتمويل الجزء الأكبر من الصفقة بنفسه، على الرغم من تلقيه دعما بقيمة 7 مليارات دولار من مستثمرين منهم لاري إليسون مؤسس مجموعة "أوراكل" لبرامج التشغيل الإلكترونية، ومنصة "باينانس" للعملات المشفرة، وسيدعم تحالف من البنوك المسجلة في بورصة وول ستريت الصفقة بحزمة قروض تبلغ 13 مليار دولار.
وستكلف إقالة ثلاثة من كبار المسئولين التنفيذيين من مواقعهم بالمنصة حوالي 12 مليون دولار، وبموجب بنود "المظلة الذهبية" سيحصل كل من أجراوال وسيجال وجادا على مكافآت ضخمة لتغطية عوائد حصصهم السهمية السابقة، بالإضافة إلى راتب عام وبعض المزايا التأمينية الأخرى، ومن المتوقع أن يحصل أجراوال على مكافآت بإجمالي 57.4 مليون دولار، وأن يحصل كل من سيجال وجاد على 44.5 مليون دولار و20 مليون دولار على الترتيب، وهما يمتلكان أسهما بقيمة 8.3 مليون دولار و34.8 مليون دولار على الترتيب، سيشتريها ماسك منهما كجزء من عملية الاستحواذ.
وفي خلال أسابيع تمت الصفقة الي وقعها ماسك في 25 أبريل الماضي، والتي كان قد أعلن تراجعه عنها في يوليو الماضي، مما دفع مسئولي المنصة لرفع دعوى قضائية ضده في ولاية ديلاوير الأمريكية حيث تأسست الشركة، للمطالبة بإغلاق ملف الصفقة، وبعد عودة ماسك في موقفه مع اقتراب موعد المحاكمة، أعطى قاضي الولاية فرصة للطرفين لإنهائها في موعد أقصاه الساعة الخامسة مساء اليوم الجمعة الثامن والعشرين من أكتوبر.