حققت كبرى شركات النفط والغاز العالمية، أرباحا قياسية في الربع الثالث من العام الجاري، متربحة من ارتفاع تكاليف الوقود والطاقة، ما عزز التضخم حول العالم وأرهق المستهلكين بشدة.
وجنت شركات النفط أرباحا تقدر بمليارات الدولارات، حيث كشفت "إكسون موبيل" عن تحقيق أرباح بقيمة 19.7 مليار دولار خلال الربع الثالث، وهي أعلى أرباحها على الإطلاق، بينما سجلت شركة "شل" ثاني أعلى أرباح في تاريخها بنحو 9.5 مليار دولار.
أرباح ضخمة
وحسب صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، حققت "إكسون موبيل" أرباح ربع سنوية بنحو 17.9 مليار دولار في الربع الثاني، متجاوزة توقعات المحللين بأكثر من 4 مليارات دولار.
وأوضحت الشركة أن أرباحها تعززت بفضل المستويات القياسية من إنتاج النفط والغاز في حوض "بيرميان"، والتي تقترب من 560 ألف برميل يوميا.
كما كشفت شركة "شل" عن تحقيق أرباح بحوالي 9.5 مليار دولار، فيما تجاوزت "شيفرون" التوقعات بتسجيل 11.2 مليار دولار أرباح في الربع الثالث.
وذكر التقرير أن "إكسون" استفادت من الحرب الروسية، وتمكنت من تعويض الاضطراب بأسعار النفط، من خلال صادرات الغاز الطبيعي المسال، الذي ارتفع الطلب عليه في أوروبا، بعدما أنهى الاتحاد الأوروبي الاعتماد على الواردات الروسية، وهي الفرصة التي انتهزتها الشركات الأمريكية.
الأرباح الضخمة لشركات النفط، تأتي وسط انتقادات واسعة من الديمقراطيين، بما فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يتهم الشركات بخداع المستهلكين وتحقيق أرباح طائلة على حسابهم.
ومن المرج أن تزيد الأرباح الاخيرة لهذه الشركات من الانتقادات الواسعة للديمقراطيين، قبل أسابيع فقط من انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر المقبل.
نفوذ محدود
ووفقا للتقرير، فإن النفوذ الفعلي لإدارة بايدن على هذه الشركات محدود، لكن الرئيس والديمقراطيين في الكونجرس يحاولون تسليط الضوء على الأرباح المستمرة لشركات النفط، ودور الحرب الأوكرانية في ارتفاع أسعار الغاز، في حين يميل الناخبون إلى إلقاء اللوم على الحزب الحاكم.
وحث بايدن شركات الطاقة مرارا على خفض الأسعار للمستهلكين، لا سيما بعد قرار مجموعة "أوبك+" خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، في نوفمبر المقبل.
والأسبوع الماضي، قال الرئيس الأمريكي إن شركات النفط بحاجة إلى خفض تكلفة جالون البنزين، ليعكس التكلفة التي تدفعها هذه الشركات مقابل برميل النفط.
كما انتقد بايدن شركة "شل" بعد إعلانها عن عمليات إعادة شراء الأسهم وزيادة توزيعات الأرباح، خلال الفترة المتبقية من العام.
وقال خلال كلمة بولاية نيويورك "هذا أكثر من ضعف ما حققوه في الربع الثالث من العام الماضي.. يجب أن تذهب الأرباح إلى المساهمين بدلا من أن تذهب لخفض الأسعار على محطات الوقود".
في حين دعا الديمقراطيون في الكونجرس، إلى فرض ضريبة مفاجئة على شركات الطاقة الكبرى، بعد وصول أسعار الوقود للمستهلكين إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ويعتبر محللون أن أربح شركات النفط، هي علامة على الاختلالات الموجودة حاليا في أسواق النفط، فيما قال آخرون إن هذه الشركات تخسر أحيانا الكثير بسهولة، مثلما حدث بسبب جائحة كورونا، التي أدت إلى انخفاض الطلب في بدايتها.
بينما يتخوف كثيرون من مزيد من ارتفاع في أسعار الوقود خلال فصل الشتاء، وسبق أن دعت وزارة الطاقة مصافي النفط الكبرى إلى الحد من صادرات المنتجات المكررة قبل موسم الشتاء والأعاصير، في محاولة لتأمين المخزونات للولايات المتحدة.
في المقابل، رفضت شركة مثل "إكسون" الحد من صادراتها، معتبرة أن ذلك لا يفيد المستهلكين.
ويعتقد المسؤولون أن هناك فجوة ما بين تحركات أسعار النفط الخام، والتغير في أسعار البنزين، وسط ضغوط من الديمقراطيين لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الشركات.
كما ينتقد المشرعون الأمريكيون شركات النفط الكبرى، لعدم بذل مزيد من الجهود لزيادة الإنتاج بشكل سريع، لمواجهة ارتفاع التكاليف على المستهلك.
وبلغ سعر جالون البنزين في الولايات الايات المتحدة الأسبوع المنتهي 3.76 دولار، وأكثر من 3.12 للغاز، وسط انتفادات وغضب واسع من الجماعات المؤيدة للمستهلكين في أمريكا وأوروبا.
فيما وصل معدل التضخم بالولايات المتحدة إلى 8.2% في سبتمبر، مقارنة مع 8.3% خلال أغسطس الماضي انخفاضا من 8.5% خلال يوليو الماضي.
على جانب آخر، شهدت أسعار النفط العالمية ارتفاعا كبيرا وسط انخفاض مخزون الوقود في الولايات المتحدة، وزيادة الصادرات إلى رقم قياسي، في إشارة إلى قوة الطلب رغم تدهور المؤشرات الاقتصادية مؤخرا.
وذكرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن أسعار عقود خام غرب تكساس الوسيط استقرت قرب 88 دولارا للبرميل، بعد تسجيلها ارتفاعا بنسبة 3.4% في أسبوع.
وأوضحت بيانات حكومية أن الولايات المتحدة قامت بتصدير كمية قياسية من الوقود خلال الأسبوع الماضي، بينما انخفض مخزون الديزل في منطقة الساحل الشرقي إلى مستويات متدنية حرجة، حيث دعم نقص مخزون الوقود قبيل فصل الشتاء أسواق النفط الخام حتى رغم استيعاب بورصة وول ستريت لتأثير نتائج أعمال الشركات التي جاءت مختلطة.