تعرضت الدولة المصرية لعدة صدمات اقتصادية منذ العام 2011 وحتى العام الحالي 2022؛ نتيجة تغيرات محلية وإقليمية وعالمية انعكست تداعياتها على الاقتصاد المصري.
واستطاعت مصر تجاوز هذه الصدمات بفضل القيادة السياسية الرشيدة إلى أن اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية قبل 8 شهور، والتي أثرت بشكل كبير على اقتصاديات العالم بأكمله خاصة اقتصاديات الدول النامية ومن بينها مصر.
7.1 مليار دولار خسائر اقتصادية
وكشف الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء في مايو الماضي، إن مصر تقدر كلفة الأثر المباشر للحرب الروسية الأوكرانية على موازنتها عند 130 مليار جنيه (7.1 مليار دولار) سنويا، وذلك إلى جانب 335 مليار جنيه (18.3 مليار دولار) من الآثار غير المباشرة.
من جابه أكد الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن الاقتصاد المصري عانى كثيرا بعد أحداث عامي 2011 و2013؛ نتيجة لحالة عدم الاستقرار والإنفلات الأمني، فقد انخفض الاحتياطي النقدي، حيث خسرنا 20.3 مليار دولار، وتكبد قطاع السياحة خسائر بلغت 32% من عوائده، وارتفعت نسبة البطالة 13%، الأمر الذي استدعى ضرورة تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي في العام 2016.
ولفت الفقي - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن ما حدث في عامي 2011 و2013 دفع بالدولة لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وأدى ذلك لخفض معدل التضخم وارتفاع معدل النمو، وساهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار في العملة وسعر الصرف، وفي الوقت ذاته ساعد على احتواء العجز في الموازنة إلى أن جاءت جائحة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على اقتصادات العالم.
وشدد الفقي - على أن الدولة تعاملت بشكل جيد، واستطاعت تقديم برامج حماية اجتماعية لمحدودي، وتوفير كافة السلع، باسعارها المخفضة من خلال منافذ ثابته تابعة للقوات المسلحة ووزارة الداخلية، ونجحت في المحافظة المؤشرات الاقتصادية.
وفي سياق متصل قال الدكتور شريف الديواني المحلل الاقتصادي، أن أسباب الأزمة الاقتصادية التي تعانيها مصر، تعود الى التغيرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي وأدت إلى رفع سعر الفائدة على الدولار، واليورو، مما دفع لخروج 200 مليار دولار من مصر للاستثمار في أمريكا وأوروبا للاستفادة من الفائدة المرتفعة.
وأضاف الديواني،أن مصر تغلبت على ذلك واستطاعت وقف خروج روؤس الأموال بعدة إجراءات تشجيعية للمستثمرين، نافيا ما يتردد بشأن علاقة القروض التي حصلت عليها الدولة المصرية من صندوق النقد الدولي بالأزمة الاقتصادية، موضحا أن الاقتصاد المصري تعرض لعدة صدمات كبرى، أولها خروج 20 مليار دولار خلال شهرين، وثانيها أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.
وأكد الديواني تعافى الاقتصاد المصري قبل الدخول في أزمة فيروس كورونا بفضل خطة الاصلاح الاقتصادي، التى بدأتها مصر في العام 2016، وبدأ الوضع الاقتصادي المصري يتحسن في العام 2017، حتى وقعت أزمة الدولار، وارتفع معدل التضخم نتيجة تغيرات عالمية لـ 30%.
الاقتصاد المصري وتجاوز الأزمة
وشدد الخبير الاقتصادي - على أن مصر استطاعت تجاوز الأزمة بفضل الإصلاحات الاقتصادية، وهو ما جعل مصر تواجه الأزمة والصمود فى ظل انهيار دول كبرى بسبب فيروس كورونا 2020، موضحا أن المؤشر الاقتصادي المصري عاد يرتفع خلال العام 2021 وكانت معدلات النمو على آخر العام مبشرة بأن عام 2022 سيعود الاقتصاد المصري لمعدل نموه قبل جائحة كورونا.
وأشار إلى أن قيام الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة على الدولار؛ أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم في دول العالم، وخرج على أثارها بعض روؤس الأموال من مصر، للاستفادة من رفع الفائدة، مما آثر على الاحتياطي النقدي المصري.
وتابع الديواني: أتت الحرب الروسية الأوكرانية، وتوقف سلاسل الامداد، لترفع معدل التضخم وتتسبب في ارتفاع سعر المواد البترولية للضغف، حيث كان سعر برميل النفط بـ 60 دولارا، ليرتفع لـ 120 دولارا وانعكس ذلك على أسعار السلع الغذائية، معقبا: "قدمت الحكومة تضحيات ضخمة لصالح محدودي الدخل، بتوفير برامج حماية اجتماعية، واتباع خطة لضمان توفير مخزون استراتيجي من المواد الغذائية.
وتوقع الخبير الاقتصادي، أن تحدث انفراجه قريبة في غضون 4 شهور، وسوف تعود معدلات النمو في ارتفاع بعد تدفقات من تحويلات العاملين بالخارج، الذين ينتظرون أن ترتفع أسعار العملة الأجنبية للاستفادة من الزيادة، هذا إلى جانب تدفقات أخرى نتيجة المتغيرات الأساسية في الاقتصاد الكلي وتدفق المزيد من الاستثمارات.
وأوضح الديواني، أن ما تمر به مصر الآن تمر بأشد منه دول كبرى ومع ذلك حرصت الدولة على حماية محدودي الدخل، وأكد على ذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه المسئولية بإقرار معاش تكافل وكرامة، وتأكيد حرصه على محدودي الدخل عبر كلمته في ختام المؤتمرالاقتصادي وخلال مداخلته التليفزيونية عبر شاشة القناة الأولى بالتليفزيون المصري.
واختتم الخبير الاقتصادي، أن مشروعات البنيه التحتية، لها أهمية كبرى في ارتفاع معدلات التنمية، وجذب الاستثمارات.
وكان الرئيس السيسي أكد خلال مداخلة تلفزيونية، أن "الصناعة حدثت لها 3 هزات: الأولى كانت في 2011، و2013 خرجت مصانع من الخدمة بسبب ظروف، والثانية كانت نتيجة تغير سعر الصرف، والضربة الثالثة كانت جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية".
وشدد السيسي - على أن "الدولة قدمت مبادرات لدعم بعض المصانع بعد تحرير سعر الصرف، ولكن مع جائحة كورونا والحرب الروسية سلاسل الامتدادات ارتفع أسعارها و"الكونتلر اللي كانت تكلفته 800 دولار أصبح 12 ألف دولار"، وفي النهاية الدولة لديها من الدولار ما يأتي من قناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج والسياحة".