كثرت علامات الاستفهام في الساحة السياسية داخل العراق وحتى محيطه الإقليمي حول سبب تأخر تشكيل الحكومة بعد أكثر من 10 أيام على تكليف الرئيس العراقي المنتخب عبد اللطيف رشيد محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة بعد عامٍ كاملٍ من انتخابات مبكرة جرت في أكتوبر الماضي.
وحال تكليف السوداني عقد مفاوضات مكثفة لتشكيل الحكومة فهو أمامه شهر واحد لتقديم القائمة الوزراية لم يبق منها سوى 20 يومًا فقط، إلا أن مصادر عراقية كشفت أن تشكيل الحكومة في العراق يواجه صعوبات جمة.
وعاش العراق أزمة سياسية منذ انتخابات أكتوبر 2021، التي أحرز فيها "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، قبل أن يسحب الصدر نواب كتلته البالغ عددهم 73 في أغسطس الماضي، بسبب إصراراه على حكومة "أغلبية وطنية".
لجنة مختصة
وفي وقت سابق، أوضح مكتب السوداني أن مقابلات المرشحين تجري عبر لجنة مختصة تضم مجموعة من الاستشاريين، يرأسها السوداني.
إلى ذلك، أشار إلى أن الإعلان الرسمي عن المرشحين الذين تم اختيارهم لتولي المسؤولية سيتم بعد انتهاء المقابلات، والتأكد من سلامة موقفهم من الجوانب القانونية وتحديد موعد جلسة مجلس النواب الخاصة بنيل الثقة.
8 حقائب وزارية
وقالت مصادر لقناة "الشرق" السعودية، إن سبب صعوبة تشكيل الحكومة هو خلافات واسعة بشأن 8 حقائب وزارية، مضيفة: "الخلافات مستمرة داخل القوى الشيعية وكذلك السنية على بعض الوزارات وخاصة السيادية منها"، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني استقر على تسمية 14 وزارة من أصل 22.
ومعروف أن تشكيل الحكومات في بلد كالعراق، متعدد المذاهب والأحزاب والولاءات أحيانًا، والذي تتنازع فيه السلطة أحزاب وفصائل مسلحة، ليس بالمهمة السهلة، وغالباً ما تتم عبر جولات وصولات من التسويات.
وأضافت المصادر أن "خلاف القوى الشيعية يحتدم على وزارات الداخلية والمالية والنفط"، فيما "ينقسم السنة بشأن وزارتي التخطيط والدفاع"، لافتة إلى أن "الصراع الكردي بين الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين يتركز على وزارات الخارجية، الإعمار والإسكان، والعدل".
وبيّنت المصادر أن "الإطار التنسيقي ترك للسوداني حرية اختيار وزراء حكومته"، في حين قال رئيس الحكومة المكلف إن اختيار الوزراء سيجري عبر لجنة مكونة من عدة استشاريين برئاسته، على أن يتم الإعلان عنهم بعد انتهاء المقابلات، والتأكد من سلامة موقفهم القانوني.
إعلان التشكيلة
قال المحلل السياسي العراقي والمطلع على المفاوضات الحالية، أمين ناصر لموقع "الحرة" الإخباري، إن "الكتل تفكر في يوم الثلاثاء المقبل للدعوة إلى مجلس النواب، لكن هناك دعوات لتأجيل الموعد لتزامنه مع ذكرى تظاهرات 25 أكتوبر عام 2019 منعا لخلق حساسيات".
وأضاف ناصر أن "السوداني أقنع الكتل بترك وزارات مثل المالية والداخلية والكهرباء والصحة خارج المحاصصة، لما لتلك الوزارات من ثقل داخل مجلس الوزراء وفي الشارع وأن فشلها يعني فشل الكابينة برمتها"، مضيفا أنه سيتمكن من اختيار مرشح من ثلاثة لكل وزارة أخرى يقدمها الطرف السياسي الذي ستكون تلك الوزارة من نصيبه.
وتابع ناصر: "العقدة الأساس كانت وزارة النفط، وصراع المالكي والعامري عليها، مما دفع الأخير إلى التنازل عنها لرئيس الوزراء الأسبق زعيم ائتلاف دولة القانون".
وتابع أن "مهمة السوداني اليوم انتقلت إلى مرحلة العمل بعد أن أنهى الاشتباك الشيعي - الشيعي الذي كاد أن يعصف بتسميته، لاسيما بعد اقناعه الأطراف المشتركة جميعاً بأن "واجبه تجاه قبول التكليف يختلف عن مهامه وواجباته إزاء التشكيل والقيادة"، مضيفا "هذه إشارة صريحة منه لقادة الإطار على ضرورة عدم إضفاء أي غطاء على أي اسم أو حقيبة وزارية إن فسدت أو فشلت".