أوشكت العراق على إنهاء أزمتها السياسية المحتدمة منذ أعوام، بين التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، والإطار التنسيقي، ولكن تأزم الخلاف منذ يوليو 2022، مع نزول الطرفين إلى الشارع معلنين اعتصامهم وسط العاصمة بغداد، مطالبة التيار الصدري، بحل مجلس النواب وانتخاب آخر جديد من أجل إصلاحات تخدم مصلحة البلاد، في حين رفض خصومه هذا التوجه.
تطورات الأزمة العراقية
وتطورت الخلافات بين الطرفين لاشتباكات مسلحة في 29 أغسطس الماضي، وسط بغداد، أسفرت عن مقتل 30 شخصاً، ولكن مؤخرا بدأت بودار إنهاء الأزمة، تظهر بعد إجراء انتخابات جديدة صوت فيها 277 نائبا في الجولة الأولى عبر الاقتراع السري وكان المتقدم برهم صالح ، علي عبد اللطيف رشيد ، علما بأن كلاهما ينتميان لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ولكن سرعان ما تبدل الحال وانتخب البرلمان العراقي عبد اللطيف رشيد رئيسا للبلاد في تقدم كبير بعدد من الأصوات في الجولة الثانية، وحاز علي 162 صوتا مقابل 99 لصالح و8 أصوات باطلة.
وبعد تولي عبد اللطيف رشيد رئاسة العراق، كلف محمد شياع السوداني، رثيس الوزراء بتشكيل الحكومة العراقية جديدة، وأعطاه 30 يوما لتقديم التشكيل الوزاري، وهذا التكليف لاقي دعم كبير، حيث دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي جميع القادة السياسيين لمساعدة السوداني في تشكيل الحكومة الجديدة.
وعود دولية بدعم استقرار العراق
من جانبها أكدت السفارة الفرنسية بالعراق استعدادها للعمل مع السوداني لتشكيل حكومة تستجيب لمطالب الشعب، فيما تتطلع الولايات المتحدة للتعاون مع الرئيس الجديد عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء المكلف.
غموض موقف التيار الصدري
وعن موقف التيار الصدري، وخطواته المقبلة تجاه ما يحدث بالعراق، فيشهد غموض، حيث امتنع التيار الصدري عن التدخل في الشأن السياسي، سبتمبر الماضي، بعد اشتباكات اغسطس الدامية، لذلك تثار التساؤلات حاليا عن موقف الصدر خلال الفترة المقبلة ايضا.
مشكلات تواجه استقرار العراق
في هذا الصدد، قال الدكتور رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، إن العراق يمر بمرحلة انتقالية إثر انتخاب رئيس جديد والإعداد لتكليف حكومة جديدة، موضحا أنه بعد تكليف السوداني بتشكيل الحكومة فإن العراق يواجه مشكلتين أساسيتين، الأولي هي القوة السياسية الحاكمة والتي ظلت مسيطرة منذ 20 عاما علي المشهد السياسي في إيران، أما المشكلة الثانية، هي البعد الدولي بين إيران والمجتمع الدولي، الذي يريد العراق مستقرة للاستفادة من قوته الاقتصادية وموقعه الاستراتيجي الهام في بقعة إنتاج النفط العالمي.
وأضاف العزاوي، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن الأوضاع في العراق غير مستقرة لأسباب متعددة منها أسباب خارجية، إلى جانب أسباب تعود إلى عدم نضوج القوى السياسية في العراق، مشيرا إلى أن الحكومة سوف تعاني من بعض المشاكل لأن الجميع يبحث عن مصالحه الشخصية.
مصير حكومة العراق الجديدة
وأوضح أن المشاركون في المشهد السياسي لا يريدون حكومة توافق وطنية بل حكومة مخصصة كنسبة بين الأكراد والسنة والشيعة، معربا عن تخوفه من تكرار سيناريو الحكومات السابقة، ولكن هناك فرصة أن يبني المسار الجديد، علي أساس قوي من التوافق السياسي الحقيقي والذي بدوره أن يخرج العراق من أزمته الحالية.
وسلط العزاوي، الضوء على إحدى المشكلات غير الظاهرة، وهي أن جزء من الشعب العراقي لا يشارك في الانتخابات، في حين يطالب الجزء الآخر بانتخابات مبكرة وهذا بدوره يشكل ضغط علي السوداني وحكومته التي يتم تشكيلها.