انطلق في العاشرة من صباح اليوم، الأحد، المؤتمر الاقتصادي مصر 2022، الذي تنظمه الحكومة بتوجيه من الإدارة السياسية ولمدة 3 أيام بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت رعاية وحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، وعدد كبير من رجال الدولة والسياسة والاقتصاد والأعمال والأحزاب .. وإلخ.
وبدأت الجلسة الأولى باستعراض قدمه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي حول الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر، مؤكدا أن الأزمة الحالية هي الأشد صعوبة، منذ 80 عاما، لافتا إلى أن مصر عقدت 4 مؤتمرات اقتصادية قبل ذلك من أجل مواجهة التداعيات والأزمات الاقتصادية التي مرت بها.
وأشار رئيس الوزراء، إلى أولى هذه المؤتمرات، والذي عقد في عام 1982، حيث استعرضت فيه الدولة أبرز المشكلات التي تواجهها والحلول المطروحة لمواجهتها، وكان ذلك عقب خروج مصر من حرب السادس من أكتوبر 1973 وتداعياتها.
مشكلة الزيادة السكانية بمصر
وكانت من أبرز المشكلات التي ركز عليها المؤتمر حينها هي مشكلة الزيادة السكانية، حيث كان يبلغ عدد سكان مصر وقتها 44 مليون نسمة، لافتا إلى أن عدد سكان مصر وبعد 40 عاما من انعقاد أولى المؤتمرات الاقتصادية وصل إلى 104 ملايين نسمة، أي بزيادة 60 مليون نسمة.
وحول مشكلة الزيادة السكانية وتأثيرها على الاقتصاد المصري، أكد رئيس الوزراء، أنه مما لا شك فيه أن "الأزمة السكانية تمثل عائقا كبيرا للتنمية في مصر وفرص التقدم والتنمية".
ونستعرض، أهم وأبرز التأثيرات السلبية للزيادة السكانية من سنة 1982 حتى اليوم.
وتشكل الزيادة السكانية في الوقت الراهن تحديا للدول على اختلاف أنظمتها سواء المتقدمة أو النامية، فثمة حقائق لا يمكن تجاهلها عن المشكلة السكانية الآن؛ لأنها بقدر ما تمس الفرد والمجتمع؛ وأبعادها تجاوزت الحدود الإقليمية إلى العالمية حتى أصبحت تفرض على المجتمع الدولي مواجهتها والتصدي لها.
وتأتي الزيادة السكانية كإحدى القضايا المهمة التي تظل محل نقاش دائم ومستمر على طاولة البرلمان والحكومة، لا سيما وكونها تلتهم ثمار التنمية، فضلا عما تسببه من ضغط على سوق العمل والطاقة الاستيعابية للنشاطات الاقتصادية، ما يجعلها تحديا رئيسيا للدولة المصرية.
ومن الآثار السلبية للتزايد السكاني التي استمرت من سنة 1982 حتى الآن، انخفاض الادخار والاستثمار، والتي يعقبها انخفاض معدل النمو الاقتصادي، والتأثير السلبي على عملية خلق التراكمات اللازمة لعملية التنمية، لأن ارتفاع عدد السكان يتسبب في ارتفاع عدد المواليد داخل المجتمع، وتكون النتيجة انخفاض نصيب الفرد الواحد، ما يضعف مقدرة الأسر والأفراد علي الادخار وتدني مستوي دخل الأسرة علي عدد أفرادها، ويجعلها لا تفي باحتياجات أفرادها من السلع الاستهلاكية الأساسية، ويكون الادخار ضعيفاً والاستثمار كذلك، وتضعف قدرة المجتمع في المشاريع الاستثمارية.
ومن المعروف أن زيادة الطلب على السلع مقابل محدودية الدخل وزيادة الحاجات، يشكل ضغطاً على مسيرة التنمية للمجتمع، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتجاهل الأثر الفعال للتنمية لعلاج هذا الخلل، من خلال ما تحدثه من تغيير في معدل الولادة والوفيات داخل المجتمع، فمثلاً ارتفاع مستوي دخل الفرد يعتبر مظهراً من مظاهر التنمية ويؤدي ارتفاعه إلي انخفاض معدل الوفيات من خلال زيادة حصة الفرد المخصصة للإنفاق بسبب تحسين الخدمات الصحية ونوعية الغذاء.
ولكن هناك علاقة عكسية بين مستوى الدخل ومعدل الوفيات، فكلما زاد الدخل انخفض عدد الوفيات والعكس صحيح، ويؤدي تحسين مستوي الدخل إلي تأخير سن الزواج وانخفاض الخصوبة، وقد يؤدي إلي تعدد الزوجات طبقاً لنظام كل مجتمع، ورفع مستوي الخدمات يزيد من الاستثمار وبالتالي فرص العمل للأفراد، كما أن التعليم ورفع مستواه يؤخر من الزواج لرفعه من مستوي الوعي ويقلل بالتالي الخصوبة.
التوعية بخطورة الزيادة السكانية
وسبق ودعا الريس السيسي المثقفين والمفكرين والإعلاميين والجامعات إلى التوعية بخطورة الزيادة السكانية الكبيرة في مصر وإقامة المنتديات للتوعية من خطورة هذه المشكلة التي تلتهم جهود الدولة في تحقيق التنمية الشاملة وتؤدي إلى عدم إحساس المواطنين بأي تحسن في مستوى معيشتهم.
وزاد عدد سكان مصر أكثر من 16 مليون نسمة، خلال الثمانية سنوات، كما أن مصر قادرة على حل أي مشكلة تواجهها بقوة إرادة قيادتها وشعبها، ولكن تحتاج إلى وضع خارطة طريق واضحة لا تحيد عنها، وأنه من قراءة التاريخ ومراجعة الحلول المطروحة على مدار السنوات الماضية استطيع أن أقول إنه تم وضع خطط وحلول ممتازة واستراتيجيات عديدة وضعها خبراء لهم ثقلهم في مجال السكان والتنمية، وبالرغم أن هذه الخطط والاستراتيجيات أقل ما يقال عنها أنها مبدعة ولكن لم تؤتى ثمارها حتى الآن.
الجدير بالذكر، أن المشكلة الحقيقية ليست في وضع الخطط ولا الاستراتيجيات، لكن المشكلة الحقيقية في كيفية تنفيذها ومتابعتها، والتنفيذ والمتابعة يتطلب قوة واستقلال واستقرار الإطار المؤسسي المعني بملف السكان.
وتتعدد الآثار السلبية للزيادة السكانية والتي تحد من قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة، ومن أبرزه هذه السلبيات:
1- زيادة الاستهلاك لدى الأفراد، وزيادة نفقات الدولة على الخدمات، وانتشار ظاهرة البطالة، والانخفاض في نسبة الأجور في القطاع العام والخاص، وارتفاع أسعار الوحدات السكنية والزحف العمرانى على الأراضي الزراعية، وانهيار المرافق العامة.
2- حدوث اختلالات في النظام المجتمعي في الدولة، وقد يسبب انتشار الجريمة بسبب تفشي البطالة وقلة الفرصة وحاجة الناس إلى الدخل.
3- زيادة المخصصات العامة للإنفاق على الخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة والمواصلات والإسكان والحماية الاجتماعية والأمن، وذلك على حساب مخصصات الإنفاق الرأسمالى على المشروعات التنموية بقطاعات الإنتاج الرئيسية كالزراعة والصناعة التحولية.
4- صعوبة رعاية الأبناء، وانخفاض المستوى المعيشى للأسرة، وعمالة الأطفال، وكثرة الخلافات الأسرية، وضعف الرقابة الأسرية نتيجة انشغال الوالدين، وزيادة الضغط النفسي والعصبي على الوالدين.
5- تتعدد مخاطر استمرار النمو السكاني المتزايد على كل من الأفراد والأسر والفئات خاصةً الأكثر انجابا وحرمانا، والأقل قدرة على مواجهة متطلبات هذه الزيادة المستمرة في الحمل والإنجاب وما يترتب عليها من مخاطر مثل: صعوبة الوصول للخدمات اللازمة بسهولة، وانعدام الدخل المناسب وهكذا تستمر الدائرة المفرغة.