مع بدء العد التنازلي حتى موعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر المقبل، يتصاعد السجال بين قطبي السياسة الأمريكية؛ الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول مختلف القضايا، وعلى رأسها المساعدت المالية والعسكرية الضخمة التي قدمتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لأوكرانيا وملف الديون.
مساعدات أوكرانيا وسقف الديون.. معركة الجمهوريين القادمة
وإذ يحتدم الجدل حول المساعدات لأوكرانيا وتحديد سقف الديون، يلمح زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن مكارثي، إلى مجموعة من الإجراءات التي قد يتخذها حزبه حال استعادته أغلبية المجلس، ومنها إقالة وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، أو حتى إقالة الرئيس جو بايدن نفسه.
وحسبما ذكر تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، تظهر استطلاعات الرأي تزايد فرص حصول الجمهوريين على أغلبية مجلس النواب في انتخابات الثامن من نوفمبر، وأوضح المشرعون الجمهوريون الذين يرون ميزان القوى يميل لصالحهم، أنهم سيركزون على مراجعة سياسات الرئيس بايدن الداخلية والخارجية.
وأشار مكارثي في مقابلة أجراها معه موقع بانشباول الإخباري الأمريكي، إلى أنه إذا كان الكونجرس سيعتمد رفع سقف الاقتراض المسموح به للحكومة الفيدرالية، وهو المتوقع حدوثه العام القادم، فإن الجمهوريون سيطالبون بالتوصل لاتفاق لخفض الإنفاق الحكومي في المقابل.
وتابع مكارثي، المرشح لشغل منصب رئيس مجلس النواب حال فوز الجمهوريين بأغلبية مقاعده، أنه "ليس من المقبول مضاعفة الديون بسبب استمرار نفس معدل الإنفاق، وفي حال وافق الشعب الأمريكي على رفع سقف الديون سنرضخ لرغبته، لكن سيتعين على الرئيس بايدن تغيير سياسته الحالية".
وفي رد على سؤال وجه إليه عما إذا كان سيطالب بإصلاح نظامي التقاعد الفيدرالي والتأمين الصحي والاجتماعي، اللذين أوشكا على الإفلاس كجزء من مفاوضات سقف الديون، قال مكارثي إنه لن يستبق الأحداث، لكنه لفت إلى تعالي أصوات بعض أعضاء حزبه من الكتلة البرلمانية الجمهورية بالتساؤل عن الأموال المقدمة لأوكرانيا لمساعدتها في التغلب على الغزو الروسي، وأضاف أنها خطوة هامة لكن لا يمكن أن تكون بمثابة رصيد مفتوح،
عزل بايدن.. هل يثأر الجمهوريون لترامب؟
ويبرز تساؤل آخر عما إذا كان الجمهوريون يعتزمون استغلال نفوذهم في مجلس النواب في التحرك لإقالة الرئيس بايدن، كما فعلوا سابقا مع الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون عام 1998، وكما فعل الديمقراطيون مع الرئيس السابق دونالد ترامب العام الماضي.
ومن الواضح أن الهدف الرئيسي للجمهوريين هو إقالة مايوركاس، الذي سخروا منه بسبب تراخيه في مواجهة تدفق المهاجرين عبر الحدود الأمريكية المكسيكية، لكن تظل إقالة بايدن هدفا محتملا بدورها، كما قال جيم بانكز رئيس لجنة الدراسات الجمهورية المحافظة، والذي عرض مقترحاته لسياسات الحزب أمس الخميس.
ومن المتوقع أن يحول الواقع السياسي بين الجمهوريين وحلفائهم وبين تحقيق أهدافهم، فعلى الرغم من أن أزمة التضخم وضعف مواجهة بايدن لها، منحتهم الزخم لاستعادة أغلبية مجلس النواب، إلا أن فرصهم في كسب أغلبية مجلس الشيوخ تظل ضئيلة، وحتى في حالة فوزهم بها فلن يصلوا على الأرجح إلى أغلبية الثلثين، التي تمكنهم من إدانة بايدن ومايوركاس وأي مسئول آخر يعتزمون إقالته، ولن يفوزوا أيضا بعدد المقاعد الذي يمكنهم من التغلب على مماطلة الديمقراطيين في تمرير أي تشريع جمهوري.
وشكك مات جروزمان، مدير معهد السياسة العامة والدراسات الاجتماعية بجامعة ميشيجان، في نوايا الحزب الجمهوري التشريعية، وكان مكارثي قد أوضح أن خطط الحزب تتلخص في الالتزام بتحقيق مصالح الولايات المتحدة، لكنها خطط تبدو أضعف من مثيلاتها التي طرحت عامي 1994 و2010، حين استعاد الجمهوريون أغلبية مجلس النواب من الديمقراطيين، وأضاف أن التنسيق لطالما كان منعدما بين الحزبين، وأن أداء الجمهوريين يبدو جيدا دون الحاجة إلى خطة سياسات، فهم يكتفون بالدفاع عن إدارة ترامب ومهاجمة بايدن، وهذا لا يحتاج لسياسات.
هل يستعيد الجمهوريون الأغلبية في الكونجرس؟
وهناك مؤشرات على انقسام داخل الحزب الجمهوري حول كيفية استغلال الأغلبية حال فوزه بها، ففي حديثه لموقع بانشبول قال مكارثي إنه يعارض الإقالة لأسباب سياسية، ويركز بدلا من ذلك على مكافحة الجريمة وتأمين الحدود والقضايا الاقتصادية، وهي الموضيع الرئيسية على أجندة مرشحي الحزب في الانتخابات المقبلة.
وبدا الانقسام في أوضح صوره في ما يتعلق بمساعدات أوكرانيا، وقد ألقى مايك بنس نائب الرئيس السابق ترامب خطابا له الأربعاء الماضي، أمام تجمع من الأعضاء المؤثرين في حركة المحافظين في مؤسسة "هريتدج" للدراسات، مطالبا الجمهوريين بمواصلة دعم أوكرانيا، قائلا إنه لا يمكن لمعسكر المحافظين التماس العذر للمتعاطفين مع للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي اليوم التالي أصدر كيفن روبرتس رئيس مؤسسة "هريتدج" بيانا للتأكيد على معارضتها تقديم حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا دون خضوعها للنقاش ولاستراتيجية تمويل واضحة وتعويضات لهذا المعدل من الإنفاق.
ويضمن الديمقراطيون سيطرتهم على الأغلبية في الكونجرس حتى نهاية العام الجاري، وهم يتنبهون إلى الأصوات المنادية بخفض الدعم لكييف، وأورد تقرير لقناة "إن بي سي" الأمريكية أنهم قد يحاولون الضغط من أجل تقديم مساعدات عسكرية إضافية كبيرة لأوكرانيا في موازنة نهاية العام، للحفاظ على تفوقها التسليحي لشهور قادمة.
وأضحى واضحًا أن الجمهوريين سيتحدون في مواجهة إدارة بايدن لعدة أسباب، لكن جروزمان يتوقع أن يؤدي ذلك إلى إغلاق حكومي على غرار ماحدث عام 2013، عندما رفض الرئيس الأسبق باراك أوباما والديمقراطيون إلغاء قانون الرعاية الصحية الذي أصدره.