تؤثر ظاهرة الاحتباس الحراري على طبيعة كوكب الأرض، فمن موجات الجفاف وارتفاع منسوب مياة البحار إلى فقدان التنوع البيولوجي، تعيد الظاهرة تشكيل سلوك البشر وما يشعرون به.
يشير العلماء إلى انعكاس التغيرات المناخية على صحة البشر النفسية وسلامتهم العقلية، ولفت بحث علمي الأنظار إلى تصاعد خطاب الكراهية خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة، كما أشار إلى ارتباط الطقس الحار بانفلات الأعصاب والعنف بين الجنسين، وتزيد ظواهر كالأعاصير واشتعال الحرائق والفيضانات، من أعراض القلق والاكتئاب خاصة في أوساط الشباب.
وبدأ الأطباء النفسيون في استخدام مصطلحات ك "القلق البيئي" و"الحزن بسبب المناخ"، كذلك يستخدم علماء الاجتماع مصطلحًا جديدًا لوصف صدمة فقدان شخص ما لمنزله مع بقائه في نفس المكان وهو "solastalgia"، والذي يمكن ترجمته بـ "الحنين إلى المأوى"
وأدرج التقييم الشامل الذي قامت به الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في فبراير الماضي، القلق والضغط العصبي المرتبط بالتغير المناخي على قائمة الموضوعات الجديرة بالاهتمام، وخلص فريق من الباحثين بجامعة ستانفورد الأمريكية إلى أن عدد المنتحرين مرشح للارتفاع من 9 آلاف إلى 40 ألف شخص بحلول عام 2050، في حال استمر ارتفاع درجات حرارة الكوكب بالمعدل الحالي، وبرغم صعوبة تحديد وجه الارتباط بين الأمرين، إلا أن الباحثين يتوقعون بشدة أن تكون الرطوبة عامل إضافي يؤدي لنفس النتيجة.
وحسب ما أورد تقرير أصدرته صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، فإن هناك تفسيرًا سابقًا لهذه التغيرات، فالحرارة تجعل الناس سريعي الانفعال، كما يؤدي الحزن بسبب الفقد إلى الاكتئاب، ويحاول الباحثون إيجاد تفسير بيولوجي محتمل، فقد أوضحت دراسة نشرت عام 2017 في مجلة "نيتشر" أن الحرارة ترتبط بالدورة الكيميائية لهرمون السيروتونين بالجسم، وهو المسئول عن تنظيم الشعور بالقلق والسيطرة على المزاج العام.
وربط الباحثون أيضا بين ارتفاع معدلات الانتحار وبين تلوث الهواء كسبب بيولوجي، حيث تدخل الشوائب العالقة في الهواء إلى الجسم، وتسبب التهاب الرئتين والقلب والمخ، وتتزايد الحاجة إلى إيجاد موارد علاجية للاضطرابات النفسية بسبب المناخ، ويكافح المتخصصون لتحقيق هذا الهدف، ففي حين يتلقى المعالجون تدريبا تقليديا على كيفية التعامل مع قلق المناخ، تبدأ الجامعات في إطلاق برامج مشورة بشأن الضغوط بسبب المناخ.
ووضع تحالف علم نفس المناخ، مؤشرا استرشاديا إلكترونيا للمتخصصين الذين يعالجون حالات قلق المناخ، ويتم حاليا تصميم برامج احترافية لعلم نفس المناخ.
وأصدرت المكسيك أحد أكثر قوانين المناخ طموحا في تاريخها عام2019، وهو ينص على التخلص من الفحم وتشجيع الاعتماد على الطاقة النظيفة، ودعم عمال الفحم الذين يفقدون وظائفهم، وبعد ثلاث سنوات من هذه الخطوة أظهرت الدولة إلى أي مدى يمكن التوسع في التحول بين مصادر الطاقة، حيث انخفضت انبعاثات الغاز الناتجة عن الاحتباس الحراري، وتزايد الاعتماد على طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لكن يظل التحديان الأهم هما تأمين مستقبل العمال والتكلفة المرتفعة لعملية التحول.
يتمنى منتجو اللحوم المصنعة أن يحد محرك البحث العملاق جوجل من النتائج التي تظهر التلوث المصاحب لعملية التصنيع، خلال عملية بحث مستخدميه عن الوصفات، وتقول الجمعية الوطنية لرعاة البقر إن أدوات قياس الانبعاثات لا تأخذ في الاعتبار فوائد لحوم البقر للبيئة، لكن خبراء الزراعة يرون أن مزاعم الجمعية غير صحيحة، نظرا لما تخلفه صناعة اللحوم من عوادم كربونية بكميات كبيرة.
وتحتاج الولايات المتحدة إلى مزيد من التعدين لتفعيل التحول عن الوقود الأحفوري، حيث تتطلب صناعة السيارات الكهربائية والألواح الشمسية والمحركات التي تعمل بطاقة الرياح إلى عدد كبير من أنواع المعادن كالجرافيت والتيليريوم، اللذان يتواجدان في مناطق محدودة من العالم، لكن الاحتياج الأكثر أهمية هو تحديد عدد المناجم التي يمكن أن تكون مدمرة وأي نوع من المعادن يكمن فيها، وهي عملية معقدة.
ويتهم بعض الأوكرانيون شركة "توتال إنرجيز" وهي إحدى شركات الطاقة الفرنسية العملاقة بالتواطؤ في جرائم الحرب الروسية على بلادهم، من خلال مساعدة الكرملين بتوفير الوقود للقواعد العسكرية الروسية والوسائل الضرورية للروس لاستمرارهم في الحرب.
وتظهر صور ملتقطة لولاية فلوريدا التي يجتاحها إعصار إيان، أن مياهها أصبحت آسنة وتنبعث منها روائح كريهة، ويتزايد اهتمام المواطنين في الغرب بقضية تغير المناخ، ويكافحون بشتى الوسائل لإيصال أصواتهم للمسئولين عن مواجهته.