سبّب قرار دول مجموعة أوبك+ أمس الأربعاء خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا صدمة كبيرة في أسواق النفط العالمية، ومع أن قرار خفض الإنتاج كان متوقعًا بشكل ما، فإن مقدار الخفض هو ما كان بمثابة مفاجأة، إذ دارت أغلب التوقعات حول خفض الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميًا على الأكثر.
لماذا قررت أوبك+ خفض إنتاج النفط
وبررت أوبك+ قرار خفض إنتاج النفط برغبتها في استقرار الأسعار التي تراجت مؤخرًا بفعل انخفاض الطلب العالمي على النفط، والذي يُعزى إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بسبب التضخم وما يصاحبه من سياسات مالية انكماشية متشددة للسيطرة عليه.
وقبل إعلان قرار أوبك+، كانت التوقعات بأن دول المجموعة تخطط لإنتاج كميات أقل قد دفعت بالفعل أسعار النفط إلى الارتفاع هذا الأسبوع. وقفز سعر برميل خام برنت بنحو 2٪ إلى أكثر من 93 دولاراً للبرميل أمس الأربعاء.
وبطبيعة الحال، يثير كل ارتفاع في أسعار النفط مخاوف حقيقية ومبررة لدى المستهلكين من ارتفاع أسعار الوقود، والذي يرفع معه أسعار السلع الأساسية بالتبعية.
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، كان ارتفاع أسعار النفط دافعا رئيسيا لارتفاع أسعار المستهلكين الذي ضرب البلدان في جميع أنحاء العالم في وقت سابق من هذا العام، مما دفع معدلات التضخم إلى مستويات لم نشهدها منذ عقود وزيادة التوترات السياسية.
وقدم الانخفاض الأخير بفعل تراجع الطلب العالمي بعض الراحة للمستهلكين، وتم تداول برميل نفط خام برنت عند 84.06 دولارًا في أواخر سبتمبر، انخفاضًا من أعلى مستوياته عند حوالي 130 دولارًا هذا الربيع.
توقعات بارتفاعات جنونية في أسعار النفط
واليوم، غداة إعلان أوبك+ خفض إنتاج النفط، بدأت أسعار النفط عالميا مسارًا تصاعديًا مع مخاوف من شح المعروض وسط توقعات بنقص الإمدادات، وارتفع سعر خام برنت 1.57 دولار بنسبة 1.7% إلى 93.37 دولار للبرميل عند تسوية جلسة الأربعاء، فيما ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنحو 1.24 دولار، أو 1.4%، إلى 87.76 دولار للبرميل.
ورفعت بنوك الاستثمار العالمية توقعاتها لأسعار النفط عقب قرار تحالف "أوبك+" بخفض الإنتاج بمليوني برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر المُقبل.
ورفع محللو النفط لدى بنك "غولدمان ساكس" توقعاتهم لأسعار "خام برنت" خلال الربع الرابع من العام الحالي بمقدار 10 دولارات إلى 110 دولارات للبرميل، وذلك بعد قرار "أوبك+" خفض الإنتاج.
وقال رئيس قسم أبحاث الطاقة في بنك "جولدمان ساكس" دامين كورفالين، إن "كل التطورات التي شهدناها على جانب العرض في هذه المرحلة تمهد الطريق لما نعتقد أنه سيكون أسعاراً أعلى في نهاية هذا العام".
وتوقع محللو بنك "يو بي إس" أن تشهد سوق النفط مزيداً من التشديد، وأن "خام برنت" قد يرتفع إلى أعلى من 100 دولار خلال الأرباع السنوية المقبلة.
وأشار "يو بي إس" إلى العوامل التي تضغط على السوق وتشمل خفض "أوبك+" للإنتاج، مع الحظر الأوروبي على واردات الخام الروسية والنهاية المحتملة لإصدارات "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" من احتياطات النفط الاستراتيجية، وزيادة الطلب مع التحول من الغاز إلى النفط هذا الشتاء.
وقالت كبيرة محللي الطاقة في شركة "سي آي بي سي" لإدارة الثروات ريبيكا بابين، إنه "كان من المفترض أن يسهم قرار أوبك+ هذا في تقليل التقلبات وأن يدعم السوق"، مضيفة "مع ذلك أعتقد أن النتيجة النهائية قد تكون مزيداً من التقلبات وعدم اليقين في السوق".
وقالت مؤسسة "سيتي" للأبحاث في مذكرة إن التأثير النهائي في السوق لقرار أوبك+ خفض إنتاج النفط سيعتمد على مدة الاتفاق، وتوقعت أن يتفاعل كبار المستهلكين مع الاتفاق باستياء.
وأضافت "سيتي" أيضاً أن احتمال حدوث مزيد من اضطرابات الإمدادات وتعديل محتمل في التدفقات التجارية مع تطبيق سقف لأسعار النفط الروسي في ديسمبر المقبل والحظر الأوروبي وتدهور بيئة الاقتصاد الكلي، ستواصل دفع التقلبات خلال الشتاء وعام 2023.
بايدن يشعر بالإحباط بسبب قرار أوبك+
انتقد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قرار أوبك + خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا، أكثر مما كان متوقعًا، ووصفه بأنه "قصير النظر". وشدد بايدن على أهمية إمدادات الطاقة العالمية وسط الحرب في أوكرانيا.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ومدير المجلس الاقتصادي الوطني بريان ديس، في بيان عقب القرار: "يشعر الرئيس بخيبة أمل بسبب القرار قصير النظر الذي اتخذته أوبك+ لخفض حصص الإنتاج بينما يتعامل الاقتصاد العالمي مع التأثير السلبي المستمر لغزو بوتين لأوكرانيا".
وأضاف البيان أن "الحفاظ على إمدادات الطاقة العالمية أمر بالغ الأهمية، سيكون لهذا القرار التأثير الأكثر سلبية على البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تعاني بالفعل من ارتفاع أسعار الطاقة".
وأشار ديس وسوليفان إلى جهود الإدارة لخفض أسعار الغاز في الأشهر التي تلت الغزو الروسي لأوكرانيا، بما في ذلك الإصدارات المستمرة من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي.
وقالا إن بايدن "يوجه وزير الطاقة لاستكشاف أي إجراءات مسؤولة إضافية لمواصلة زيادة الإنتاج المحلي في المدى القريب". بالإضافة إلى ذلك، فإن الإدارة الأمريكية "ستتشاور أيضًا مع الكونجرس بشأن أدوات وسلطات إضافية لتقليل سيطرة أوبك على أسعار الطاقة".