تحاول حكومة اسرائيل تطوير حقول الغاز التي تسيطر عليها، في ظل نقص الطاقة في أوروبا، وتخطط لبيع الغاز الطبيعي من منصات شرق البحر المتوسط إلى الدول الأوروبية المنفصلة عن إمدادات الغاز الروسي.
وتواجه تل ابيب نزاعين دوليين حول تطوير حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط.
الخلاف الأول: مع لبنان يدور حول ترسيم المياه الاقتصادية للدولتين، ومن المتوقع أن يقدم المبعوث الأمريكي الخاص “عاموس هوشتاين”، الذي كان يتوسط بين الجانبين، مسودة اتفاق للحكومتين قبل التوقيع المأمول في غضون أسابيع، وتشير التقارير إلى إحراز تقدم على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
الخلاف الثاني هو حول تطوير حقل أفروديت – يشاي المشترك، والذي يقع معظمه في المياه الاقتصادية لقبرص وجزء صغير منه قرابة سواحل فلسطين المحتلة والذي تسيطر عليها “إسرائيل”.
وبعد التعثر لما يقرب من عقد من الزمان، تم إحراز تقدم كبير مؤخراً في حل هذا الجدل، بعد مناقشات 19 سبتمبر في قبرص بين وزيرة طاقة اسرائيل “كارين إلهارار” ونظيرتها القبرصية “ناتاشا بيليدس”، حيث أعلن الجانبان أنهما اتفقا على معظم القضايا العالقة.
وبموجب هذا الترتيب، ستوافق حكومة اسرائيل على مطالبة شركات الجانب القبرصي بالحصول على جميع الحقوق في الحقل، وكانت الشركات في تل ابيب قد طالبت بالتطوير المشترك للحقل لكنها قوبلت بالرفض.
ولتسوية مسألة التعويضات، اتفق الوزيران وفرقهما على تعيين خبير دولي لتحديد التفاصيل الدقيقة للترتيب بين أصحاب الامتياز من كلا الجانبين، ومن المفترض أن يحدد هذا المحكم ما إذا كانت تل ابيب ستتلقى تعويضاً مالياً (لمرة واحدة) وتتنازل تماماً عن حقوقها في الحقل، أو ستكسب (بانتظام) الإتاوات والضرائب من الإنتاج بمجرد بدئه.
يُقدر أن حقل الغاز الذي يُعرف الجزء القبرصي منه باسم أفروديت و”الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل” المعروف منه باسم يشاي، ويحتوي على 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، تم اكتشافه في عام 2010، ويقع معظمه داخل المياه الإقليمية لقبرص وهو مرخص لشيفرون وشل بريطانيا و”شركاء إسرائيليين”، حيث أن حوالي 7 ٪ إلى 9 ٪ تقع داخل المياه الإقليمية لفلسطين المحتلة، وتملكها شراكة ثلاث “شركات إسرائيلية”: “شركة إسرائيل أبرتشناتي” و “عدن إنيرجي” و”ناماكس”.
وبين عامي 2012 و2019، عقدت مفاوضات غير مثمرة بين اسرائيل وقبرص لحل الخلاف بين رغبة قبرص في شراء حقوق “الشركات الإسرائيلية” ورغبة الأخيرة في البقاء شريكاً في هذا المجال، حتى لو كان صغيراً.
وبعد فشل أصحاب الامتياز في التوصل إلى اتفاق، أبلغت “أصحاب الامتياز الإسرائيليين” والقبارصة في فبراير 2022 أنها كانت تمنحهم شهراً لحل خلافاتهم والاتفاق على دفع تعويض “للجانب الإسرائيلي” من الخزان مقابل مبلغ كامل، والتنازل عن حقوقها وأصولها، حيث حذرت من أنه ما لم تحل الشركتان نزاعهما، فإن الحكومتين ستستعيدان زمام التفاوض.
في غضون ذلك أعلنت شركة “نيو ميد إنيرجي” القبرصية صاحبة الامتياز عن خطط لبدء تطوير الحقل في أوائل عام 2023 وحتى حددت مبالغ الاستثمار: 200 مليون دولار، حتى أثارت هذه التصريحات القلق لدى “الجانب الإسرائيلي”، كما أعلنت شركة “نيو ميد إنيرجي” أنها تعتزم نقل منصة حفر من حقل غاز ليفياثان التي تسيطر عليها اسرائيل إلى حقل أفروديت، ويبدو أن هذه الخطوة أحادية الجانب، إلى جانب النقص المتزايد للغاز في أوروبا، قد عجلت من المفاوضات بين الحكومتين، ما أدى إلى رحلة الحرار إلى قبرص.
قالت وزيرة طاقة اسرائيل في مؤتمر صحفي مشترك في 19 سبتمبر: “في ضوء أزمة الطاقة العالمية والحاجة المتزايدة للغاز الطبيعي في أوروبا، أعتقد أنه من مصلحتنا أن يقوم كلا الطرفين بتسريع تسوية سريعة وشفافة وعادلة، في نيقوسيا مع نظيرها القبرصي، وأن الثقة بيننا واستمرار التعاون المثمر في مختلف المجالات مهمان للغاية لكلا الطرفين”.
وافق بيليدس، وقال: “تشترك قبرص وإسرائيل في رؤية مشتركة للاستغلال الكامل لإمكانات احتياطيات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، وبالتالي تنويع مصادر ومسارات الطاقة إلى أوروبا”.
وفي هذا السياق، تم إحراز تقدم كبير في المناقشات بين وزارتي الطاقة نحو حل مفيد لقضية أفروديت-يشاي، سواء فيما يتعلق بالاتفاقية ذات الصلة أو فيما يتعلق بالخبير المعين من قبل الكيان وقبرص، وأنه من المتوقع أن تستمر هذه المناقشات باستمرار في الأسابيع المقبلة.
في يونيو وقع الاتحاد الأوروبي واسرائيل اتفاقية مع مصر لتعزيز صادرات الغاز من شرق البحر المتوسط إلى أوروبا، وتم التوقيع على الاتفاقية في القاهرة بمشاركة وزير طاقة اسرائيل والوزير المصري وكذلك رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي “أورسولا فون دير لاين”، وينص الاتفاق على أن تطبيقه سيخضع للحفاظ على أمن الطاقة في إسرائيل – أي ستعطى الأسبقية لتزويد الاقتصاد المحلي بالغاز.
تسمح حقول الغاز الحالية لليفياثان وتمار وكاريش تانين بالتصدير بما يصل إلى 10 مليارات متر مكعب سنوياً، لكن حكومة إسرائيل تسعى إلى تسريع تطوير حقول إضافية من أجل زيادة الصادرات والإتاوات والضرائب.
هناك معارضة لزيادة الصادرات في اسرائيل، ولكن وفقاً للعمل الذي أعدته خبيرة الغاز “جينا كوهين” للاتحاد الأوروبي وإسرائيل، يمكن “لإسرائيل” وقبرص معاً توفير 15 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى أوروبا، بعد فتح الحقول الحالية والجديدة، وبالتالي أيضاً توفير احتياجاتهم واحتياجات المنطقة لمدة 25 عاماً، فالاتفاق الوشيك على تطوير أفروديت يجعل هذا الاحتمال أقرب.