تثير "التعبئة الجزئية" لدعم المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا التساؤلات بشأن إمكانية تعامل الجيش مع هذه الأعداد الكبيرة من المجندين الجدد واستخدامهم بفعالية في الحرب.
يقول محللون عسكريون غربيون إن موسكو تواجه معضلة في هذا الشأن، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وتتمثل المعضلة في أنه يمكن الزج سريعا بالقوات غير المستعدة إلى الخطوط الأمامية لمحاولة وقف الخسائر - مع تأثير ضئيل على الأرجح على زخم الحرب.
وقد تنتظر روسيا حتى العام المقبل وترسل قوات مدربة ومجهزة بشكل أفضل يمكن أن تحدث فرقا في ساحة المعركة. ولكن بحلول ذلك الوقت، من الممكن أن تكون القوات الأوكرانية قد حصلت على مكاسب إضافية كبيرة.
وقال وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، في الأسبوع الماضي إن 200 ألف رجل دخلوا الجيش ضمن إطار حملة للتعبئة بدأت الشهر الماضي مع التقدم السريع للقوات الأوكرانية في الأراضي التي تحتلها موسكو.
وقال الأستاذ الفخري لدراسات الحرب في كينغز كوليدج لندن، لورانس فريدمان، "لن يساعد ذلك الروس على الأقل ليس هذا الشتاء، وقد يخسرون الأرض قبل ذلك".
وفي تعليقات أصدرتها وزارة الدفاع الروسية، قال شويجو إن المجندين الجدد سيتم تدريبهم في 80 ساحة وستة مراكز تدريب.
وقال سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني، أوليكسي دانيلوف، في مقابلة إن روسيا حشدت 200 ألف شخص حتى الآن.
وتابع: "بعضهم موجود على الجبهة والبعض الآخر تم القبض عليه والبعض قتل بالفعل"، مضيفا: "يتم إرسال الأشخاص المجندين إلى الجبهة قبل تجهيزهم".
"وصلت إلى نهايتها"
قال الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، هنري بويد، إن اندفاع القوات غير المدربة والمجهزة بشكل جيد إلى القتال "هو أسوأ شيء ممكن".
ويمكن لـ 300 ألف جندي جديد إحداث فرق كبير في الحرب. وأرسلت روسيا 150 ألف جندي إلى أوكرانيا في بداية الغزو وعشرات الآلاف من القوات كتعزيزات منذ ذلك الحين، وفقا لتقديرات غربية.
وتشير تقديرات الولايات المتحدة إلى أن ما يصل إلى 80 ألفا من القوات الغازية قد قتلت أو أصيبت أو أُسرت - على الرغم من أن هذا يشمل على الأرجح مجموعات الجيش غير الروسية مثل الميليشيات التي تعمل بالوكالة في شرق أوكرانيا والشركات العسكرية الخاصة.
وقال شويغو الشهر الماضي إن ما يقرب من 6 آلاف جندي روسي قتلوا في الحرب منذ بداية الغزو 24 فبراير الماضي.
والاثنين، قالت مخابرات وزارة الدفاع البريطانية إن "اعتراف بوتين السريع غير المعتاد بالمشاكل يسلط الضوء على الخلل في التعبئة خلال أسبوعها الأول".
وأضافت أن المسؤولين المحليين من المحتمل أن يكونوا غير واضحين بشأن النطاق والأساس القانوني لحملة التعبئة.
في الأسبوع الماضي، أقر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بوجود أخطاء في التعبئة الجزئية لجنود الاحتياط التي أعلن عنها منذ أيام. ودعا إلى "تصحيح الأخطاء" وسط تزايد الاستياء من الاستدعاءات الفوضوية للقتال في أوكرانيا.
قال محللون إن التدريب الأساسي في الجيش الروسي سيستغرق عادة من ثلاثة إلى أربعة أشهر، وهو ما يكفي فقط لاكتساب مهارات بدائية.
لكن العديد من العسكريين الذي من المفترض أن يدربوا المجندين إما قتلوا أو أصيبوا في أوكرانيا أو ما زالوا يقاتلون هناك.
وقالت الباحثة البارزة في شركة "راند كورب"، دارا ماسيكوت، إن هناك "سلسلة من الأشخاص المفقودين في هذه العملية؛ لأنهم يقاتلون في أوكرانيا. لقد قُتلوا في بعض الحالات. ومن المحتمل أن يكون تدريب المجندين في الميدان".
ولفتت إلى أن التعبئة الجزئية - التي قاومها بوتين لفترة طويلة - تشير إلى أن الجهود المخصصة لتوسيع القوات المقاتلة والبحث عن المتطوعين والتجنيد في السجون "وصلت إلى نهايتها".
وأضافت أن أحد الاستخدامات المحتملة قصيرة المدى للمجندين هو إحضارهم إلى مهام غير قتالية مثل حراسة نقاط التفتيش للسماح لمزيد من القوات المخضرمة بالتحرك نحو الجبهة.