منذ اليوم الأول للأزمة ومع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا يوم 24 فبراير الماضي، تسعي الولايات المتحدة لتكوين تحالفات بقيادتها داخل أوروبا وخارجها، وهذا ما حذرت منه روسيا مرارًا، بل تكاد أن تنجح موسكو في إفشال حلم واشنطن الساعي لعزلتها ونبذها.
في البداية، حاولت الولايات المتحدة إقناع حلفاء المجموعة الرباعية مثل الهند وحتى حلفاء الناتو مثل تركيا للانضمام إلى جهودها لعزل موسكو.
سلاح العقوبات
ثم جاءت العقوبات علي موسكو.وقتها،أوروبا دعمت نظام العقوبات ولكن نجحت الواردات الروسية إلي الرجوع تقريبًا إلى مستويات ما قبل الحرب بحلول أبريل.رغم أن الولايات المتحدة وأوروبا على وجه الخصوص كانت قد توعدت موسكو في وقت سابق بـ"عقوبات قاسية من جبهة غربية موحدة ضدها"، إلا أن ذلك لم يتحقق بشكل واقعي. وتساءل تقرير نشرته مؤخرا وكالة الأنباء الفرنسية عن نجاح جهود واشنطن في عزل روسيا دوليا
وقال التقرير إن "ادعاء الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن موسكو أصبحت أكثر عزلة من أي وقت مضى يشبه تفكير الأمنيات"، إذ واجهت الجهود المبذولة لنبذ موسكو مقاومة من جانب متردد في المجتمع الدولي. وقالت سيلفي ماتيلي، نائبة مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية، إن "هناك عدد من الدول شديدة الحذر وترفض الانصياع للضغوط الغربية".
ومثلت أولى الصدمات للولايات المتحدة عملية التصويت التي جرت بالجمعية العامة للأمم المتحدة في 2 مارس الماضي. حينها، رفضت 35 دولة إرضاء الولايات المتحدة، وامتنعت عن التصويت، من بينها العراق، وفي ضوء الاعتماد العسكري والاقتصادي الواسع النطاق لبغداد على الولايات المتحدة، كان يعتقد أن تصويت العراق سيكون مؤيداً للقرار.
وهناك مفاجأة كبيرة أخرى تتمثل في مجموعة الدول الأفريقية الكبيرة التي امتنعت عن التصويت، وبينها لاعب اقتصادي وسياسي مهم في القارة، جنوب أفريقيا.
الهند تنأى بنفسها عن الأزمة
كما رفضت الهند، الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، التصويت لصالح القرار عبر الامتناع عن التصويت، وعلى خطاها حذت فيتنام التي كان موقفها محبطاً، حيث ترعى واشنطن هانوي منذ سنوات اقتصادياً وأمنياً.
وفي سبتمبر، أي بعد حوالي ستة أشهر من بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، قال رئيس الوزراء الهندي، نيريندرا مودي، في تصريحات بعد قمة منظمة شنجهاي للتعاون ، إن "العلاقات بين روسيا والهند قد تحسنت بشكل ملحوظ". وأضاف مودي إن البلدين "صديقان، وقد وقفنا دائمًا على مدار عقود جنبًا إلى جنب. ويعرف العالم أيضًا الصداقة العميقة".
ورغم كل الشواهد علي فشل واشنطن في عزل موسكو، تنشر يوميا عشرات التقارير والأخبار في الصحف الأمريكية والأوروبية علي نجاح جهود عزل روسيا دبلوماسيا.
ويعد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم 4 مناطق أوكرانية الأسبوع الماضي شاهداً جديداً علي إفشال المخطط الغربي في عزل الدب الروسي.
وحتي اللحظة، يمسك بوتين بمفتاح خزان الغاز المنقذ لأوروبا التي تخشي التجمد من البرد القارس في شتاء يبعد عنا أيام قليلة قبل أن يطرق الأبواب. رغم ذلك، حاولت أوروبا وأمريكا إيجاد بديل عن الغاز الروسي، وناشوا ندولًا عدة بينها قطر لإمداد أوروبا بالغاز اللازم للاستغناء عن موسكو. في هذا السياق، كشف تقرير لوكالة "بلومبرج" أن بايدن سعي جاهداً لإقناع الدوحة بشكل شخصي بتوفير الغاز للدول الأوروبية حتى تتمكن أوروبا من إنهاء عقود الغاز وقطع علاقاتها التجارية والاقتصادية مع روسيا. لكن،قطر من جانبها، أكدت مع دول عديدة من منتجي الغاز في الشرق الأوسط أنهم لن يتمكنوا من تعويض أوروبا عن الغاز الروسي.