مخاوف كبيرة باتت تسيطر على كثير من القوى الدولية خاصة الغربية الداعمة لأوكرانيا ضد روسيا في الحرب المندلعة قبل 7 شهور بين البلدين من شبح حرب نووية تلوح في الأفق، هدد بها علنا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
شبح الحرب النووية يخيم على العالم
وسبق وحذر بوتين القوى الغربية من التدخل في الحرب الدائرة بين بلاده وأوكرانيا، وقال الرئيس بوتين وقت اندلاع عمليات القتال: "لكل من يفكر في التدخل من الخارج، إذا فعلتَ، فلسوف تواجَه بعواقب أكبر من كل ما واجهت في تاريخك، لقد وضعنا القوات النووية في حالة تأهب خاصة".
ومع احتدام المعارك في أوكرانيا، تتزايد المخاوف من إمكانية لجوء روسيا لخيار السلاح النووي في الحرب التي اندلعت في فبراير الماضي وعلى وقع الحرب الأوكرانية، عاد شبح الحرب النووية ليطل برأسه من جديد هناك، وسط تحذيرات غربية لروسيا لمنع الإقدام على مثل هذه الخطوة.
وقال تقرير لصحيفة "تايمز" البريطانية، إن الخيارات أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بعد الهجوم الأوكراني المضاد الأخير، إما قبول هزيمة مذلة أو مضاعفة سعيه لتحقيق النصر العسكري، حيث أشارت الصحيفة إلى أنه مع "وجود وحدات احتياطية روسية محدودة، يمكن للنزاع أن يشهد استخدام السلاح النووي".
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد أصدر تحذيراً واضحا إلى نظيره الروسي، عندما سئل عما إذا كان الرئيس بوتين سيلجأ إلى السلاح النووي، قائلا:" لا تفعل لا تفعل لا تفعل"، مؤكدا بأن "الولايات المتحدة سترد بنفس قوة الأفعال الروسية".
وجاء حديث الرئيس الأمريكي ردا على سؤال بشأن احتمال لجوء بوتين إلى أسلحة كيميائية أو أخرى تكتيكية نووية، حيث أفاد بايدن: "ستغيّر وجه الحرب بشكل لا مثيل له منذ الحرب العالمية الثانية"، مشيرا: "سيصبحون (الروس) منبوذين في العالم أكثر من أي وقت مضى".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن الرئيس الروسي، بوتن، قد يستخدم أسلحة نووية تكتيكية، ربما في تفجير استعراضي فوق البحر الأسود أو بالمحيط المتجمد الشمالي أو داخل الأراضي الأوكرانية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول استخباراتي كبير أن هناك نقاشا جاريا داخل وكالات الاستخبارات الأميركية إذا ما كان بوتن يعتقد بأن مثل هذه الخطوة (استخدام السلاح النووي) ستخاطر بعزل بلاده عن البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها -خاصة الصين-، أو إذا ما كان يحتفظ بهذا الخيار على سبيل الاحتياط.
وبحسب التايمز فإن بوتين لا يستطيع حتى مع سلطاته الرئاسية أن "يأمر بشن هجوم نووي بمفرده".
ويعتقد أن هناك 3 حقائب نووية تشكل "نظام القفل الثلاثي"، الذي يستغرق تفعيله نحو 20 دقيقة.
ولدى بوتين واحدة منها تحتوي على نظام من الرموز، وليس بها مفتاح نووي، وعند تشغيلها يُرسل الرمز إلى وزير الدفاع الروسي.
ويُرسل بوتين الرمزان إلى رئيس الأركان العامة (حاليا الجنرال فاليري جيراسيموف) الذي يمكنه بدوره تنفيذ الأوامر عندما تتجمع لديه مجموعات الرموز الثلاث.
بوتين واستخدام سلاح الردع النووي
من جانبه قال الدكتور نور ندى الخبير بالشئون الروسية، أستاذ زائر بجامعة موسكو، إن بوتين لا يرغب في اللجوء لاستخدام السلاح النووي، لأنه يتميز بالعقل والحكمة في إدارة الأمور، ولكن إذا تصاعدت الأحداث أكثر من ذلك سيضطر إلى هذا الخيار ، مضيفاً سيتحول الرئيس الروسي من مهاجم إلى "مدافع عن أمنه القومي وسيادة الأراضي الروسية - حسب ما ينص عليه الدستور الروسي".
وأشار ندى إلى أن السلاح النووي عبارة عن مستويين، مستوى تكتيكي، ومستوى استراتيجي، والمستوى الاستراتيجي هنا المعنى بأسلحة الدمار الشامل، موضحاً إنه في حالة لجوء روسيا لاستخدام السلاح النووي سيتم استخدام المستوى التكتيكي، حتى لا يتسبب في أضرار جسيمة لروسيا، معقبا: "حال وقوع حرب نووية من قبل روسيا سوف يؤثر ذلك على سلاسل الإمداد الخاصة بالغذاء والوقود، وسوف تنعكس أثارها على دول العالم الثالث والأسواق الناشئة".
من جانبه يرى بسام البني الباحث والخبير في الشأن الروسي، أن روسيا لا ترغب فى استخدام الأسلحة النووية الاستراتجية سوى في حالة واحدة، وهي حالة اختراق ما يسمى بالعقيدة العسكرية الروسية، موضحاً إنه فى حالة الاعتداء على الأراضي الروسية بالأسلحة النووية سيكون الرد حينها، معقبا: "الغرب ضرب بكل ما تقدمت به روسيا من حلول للأزمة عرض الحائط وأتحدت هنا عن الولايات المتحدة والدول الغربية الداعمة لأوكرانيا".
وأشار إلى أن لذلك تداعيات على الأزمة الاقتصادية العالمية وسوف يعاني العالم من أزمة غذاء، بجانب الوقود، لافتا أن الرئيس بوتين كشف منذ عدة أسابيع عن أكبر عملية نصب فيما يخص شاحنات الحبوب القمح، حيث تم إرسال أغلب شاحنات القمح الأوكراني إلى دول أوروبا ولم يتم إرسال سوى شاحنتين فقط للدول الفقيرة، في خطوة تدل على استعدادات الاتحاد الأوروبي وأمريكا للتصعيد ضد روسيا.
وفي سياق متصل أكد المستشار الاقتصادي أحمد خزيم، رئيس المنتدى الاقتصادى للتنمية والقيمة المضافة، أنه في حالة لجوء روسيا لاستخدام السلاح النووي ستكون هناك كارثة اقتصادية يواجهها العالم، مؤكدا: "منذ اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية في مطلع فبراير الماضي وأصبح العالم يواجه أزمة اقتصادية شديدة الصعوبة".
ولفت: ما زالت دول العالم ومنها الدول الكبرى تبحث عن حلول للتخفيف من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتي سبقتها تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد كوفيد -19، مشيرا "اضطرار البنك الفيدرالي الأمريكي إلى رفع سعر الفائدة 5 مرات في أقل من ثمانية أشهر ومنتظر رفعها للمرة السادسة مطلع الشهر القادم لمواجهة أكبر أزمة اقتصادية تعانى منها أمريكا، حيث ارتفع معدل التضخم لأعلى مستوى منذ 40 عاما".
وأوضح المستشار الاقتصادي، أن تأثيرات استمرار الصراع الروسي الغربي وارتفاع حدة التصعيد بين المعسكرين سوف تنعكس بشكل سلبي على الدول العربية سواء في صورة أزمات اقتصادية أو نقص في مواد الغذاء أو الوقود.
كما أكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، أن هناك تطورات هامة سوف تحكم المشهد في أوكرانيا، وأن الرئيس بوتين سيمضى فى العملية العسكرية، موضحاُ أنه من الوارد أن إعلان التعبئة الجزئية يستهدف من خلاله تطوير الحرب وتدمير المدن الأوكرانية تباعا، والبدء في إجراءات الاستفتاء والمراجعة للمناطق الانفصالية كمقدمة لتكرار نموذج الفصل النهائي.
مساعي بوتين من قراراته الأخيرة
وتابع: يهدف الرئيس الروسي من قراراته الأخيرة إلى فرض الترتيبات الأمنية بالقوة، وسيقبل الغرب كما قبل من قبل بوضع جزيرة القرم، مؤكداً أن "العالم خلال عدة أشهر مقبل على أزمات فرعية أتية في الأساس من جمهوريات أسيا الوسطى، والبلطيق".
ولفت فهمي: ما جرى فى أرمينيا وأذربيجان مقدمة لما هو قادم، مشيرا إلى "حدوث مواجهات عسكرية جديدة ستعلن عن نفسها قريبا، وأن العالم سيعود إلى دوائر الاستقطاب والنفوذ".
يذكر أن التوقعات الأولية تشير إلى أنه في حال نشوب حرب نووية أو استخدام السلاح النووي في القتال الدائر داخل أوكرانيا فمن المرجح مقتل نصف مليار مواطن خلال ساعات من القربين من دول الصراع.