الوضع الحالي في إيران … حالة من الغضب العارم تسود الشارع الإيراني عقب مقتل مهسا أميني، وهي امرأة إيرانية كردية، في أحد مراكز ما تسمى بـ“شرطة الأخلاق“ (الآداب) بسبب مزاعم انتهاكها لقواعد اللباس شديدة التحفظ في البلاد، أيامًا من المظاهرات المناهضة للنظام.
وبعد أن أسفرت حملة القمع العنيفة عن مقتل وإصابة أكثر من 30 شخصًا، أصبحت الاحتجاجات تشمل مجموعة من القضايا، بما في ذلك المظالم الاقتصادية والرقابة وإفلات الحكومة من العقاب. وتعد الاحتجاجات هي الأخطر في إيران منذ اضطرابات نوفمبر 2019 بشأن ارتفاع أسعار الوقود.
وذكرت صحيفة ”الجارديان“ البريطانية أن النظام الإيراني استجاب بشكل تقليدي إلى الاحتجاجات، وقام بحجب وصول العاصمة إلى الإنترنت، كما أنه قطع منصات التواصل الاجتماعي المختلفة – خاصة ”واتساب“ و“إنستجرام“ – في مناطق من طهران وكردستان، حيث نشرت المعارضة مقاطع فيديو توثق حملات القمع.
وقالت الصحيفة إن الاحتجاجات – التي اندلعت في 16 سبتمبر بعد وفاة أميني (22 عاما) – لا تُظهر أي علامة على التراجع، حيث أضرم محتجون النيران أمس في أقسام ومركبات للشرطة في عدة مدن.
الحرس الثوري الإيراني سيكثف رده
في المقابل، بدا أن الحرس الثوري الإيراني يشير إلى أنه سيكثف رده، داعيًا القضاء إلى محاكمة المتظاهرين، وذلك بعدما استهدف بعض المتظاهرين مراكز الشرطة وقوات الحرس الثوري الإيراني.
وأضافت الصحيفة أن ذلك يأتي في الوقت الذي امتدّت فيه المظاهرات المناهضة للنظام إلى الفضاء الإلكتروني، وانتشرت مقاطع فيديو لنساء يحرقن حجابهن، بينما قامت نساء أخريات بنشر مقاطع فيديو قامن فيها بقص شعرهن، وذلك تعاطفا مع هاشتاج ”#Mahsa_Amini“.
وتابعت الصحيفة في تقرير لها أنه في جنوب إيران، أظهرت لقطات فيديو متظاهرين يشعلون النار في صورة عملاقة على جانب مبنى للجنرال قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري السابق، الذي قُتل في غارة أمريكية في العراق قبل عامين.
ونقلت الصحيفة عن وسائل إعلام إيرانية رسمية زعمها أن ثلاثة أفراد من ميليشيا الحرس الثوري تم نشرهم ”للتعامل مع مثيري الشغب“ قد تعرضوا للطعن أو للرصاص الحي في مدينة تبريز شمال غرب البلاد، ومدينة قزوين ومشهد في وسط وشمال شرق البلاد.
في غضون ذلك، نقلت ”الجارديان“ عن أزاده أكبري، وهي باحثة مراقبة الإنترنت في ”جامعة توينتي“ بهولندا، قولها: ”يجب أن يُفهم إغلاق الإنترنت على أنه امتداد للعنف والقمع. وسائل التواصل الاجتماعي ضرورية لتعبئة المتظاهرين، ليس فقط لتنسيق التجمعات ولكن أيضًا لتضخيم أعمال المقاومة“.
واعتبرت صحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية أن اتساع رقعة الاحتجاجات ومطالب المتظاهرين في إيران، يعكس غضب المواطنين الإيرانيين العاديين على ظروفهم المعيشية بعد سنوات من العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة والتي أعاقت الاقتصاد، فضلاً عن انتشار الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية.
وقالت الصحيفة إنه تزامنا مع المشاهد غير العادية للمعارضة، أصبحت الاحتجاجات واحدة من أكثر التحديات وضوحًا للنظام الإيراني منذ الموجة الأخيرة من الاضطرابات في العام 2019، والتي قوبلت برد قاتل.
وعن سبب تأجيج الاحتجاجات، أشارت الصحيفة إلى أن الكثيرين قد دعوا مرارا إلى إلغاء القيود الدينية المتطرفة التي تحكم طريقة لبس الناس، وكيف يتواصلون اجتماعيًا في منازلهم وما يشربونه ويأكلونه.
ونقلت عن محللين قولهم أيضًا إن سنوات التدهور الاقتصادي قد نفدت صبر العديد من الإيرانيين، الذين خرجوا بشكل دوري إلى الشوارع للاحتجاج في السنوات الأخيرة، مشيرين إلى أن الإيرانيين لطالما عانوا من ارتفاع معدلات التضخم ونقص الغذاء واضطراب الإمدادات وندرة الوظائف.