حذر المحلل الاقتصادي العالمي محمد العريان من أزمة اقتصادية كبيرة سوف يشهدها العالم قريبا، وذلك بسبب ارتفاع معدلات التضخم سواء على صعيد الولايات المتحدة أو على الصعيد الدولي، واصفًا المشهد الاقتصادي الراهن الدولي بأنه يعيد للذاكرة أزمة السبعينات الاقتصادية، الذي شهد ركودًا تضخميًا مرتفعًا وزيادة في معدلات البطالة وركود في نمو الوظائف.
ونقلت شبكة "ياهو نيوز" عن العريان قوله إن محاولات البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للسيطرة على التضخم ليست كافية، مؤكدًا أن رفع أسعار الفائدة المستمر سوف يعرقل عمليات التنمية ويقلص عدد الوظائف وهو ما يعني زيادة مستمرة في أسعار السلع والمنتجات وارتفاع معدلات البطالة وتباطؤ نمو الناتج المحلي، وأخيرًا تضخم كبير مصحوب بركود اقتصادي أكبر.
وأمس الأربعاء، أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي لتصل إلى ما بين 3% و3.25%، وذلك في خطوة كانت متوقعة منذ فترة طويلة من البنك المركزي الأمريكي الذي يمارس سياسات تشددية لمواجهة معدلات التضخم المرتفعة.
وبحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية، فإن مسؤولي الفيدرالي الأمريكي يتوقعون أن يرتفع معدل الفائدة إلى 4.4% بنهاية العام الجاري و 4.6% خلال عام 2023، وفقًا لمتوسط التقديرات في التوقعات ربع السنوية المحدثة التي أعلن الفيدرالي عنها أمس وهو ما يشير إلى أن الارتفاع الرابع على التوالي بمقدار 75 نقطة أساس قد يكون مطروحًا على طاولة الاجتماع المقبل في نوفمبر، أي قبل أسبوع تقريبًا من انتخابات التجديد النصفي.
وكشفت التوقعات عن أن معدل الفائدة قد ينخفض إلى 3.9% في 2024 و 2.9% في 2025، فيما أظهرت مسار معدل أكثر حدة مما أعلنه المسؤولون في يونيو، تؤكد عزم بنك الاحتياطي الفيدرالي على تهدئة التضخم على الرغم من المخاطرة بأن ارتفاع تكاليف الاقتراض يمكن أن يدفع الولايات المتحدة إلى الركود.
صدمة اقتصادية تنتظر بريطانيا
في سياق متصل، أكد العريان أنه وبعد انتهاء فترة الحداد على ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية، سيعاود البريطانيون التركيز على الاقتصاد في بلادهم وخطة رئيسة الوزراء ليز تراس التي قال عنها العريان إنها ليست مضمونة النجاح بسبب 4 مخاطر اقتصادية ومالية.
ووفقًا للعريان، فإنه في ظل تصاعد حدة أزمة أسعار المستهلك، تحركت ليز تراس بسرعة منذ أسبوعين وأعلنت عن عزمها حماية الأسر من الزيادة الحادة المنتظرة في فواتير الطاقةـ، فيما ستحصل الشركات البريطانية على دعم لمدة 6 أشهر لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، رغم أنه لم يتم وضع الهيكل المحدد لهذه الخطة.
كما ستقدم الحكومة دعما ماليًا إضافيًا من خلال إلغاء الزيادة في ضريبة الشركات التي أعلنتها حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، وربما تتراجع عن الزيادة في رسوم التأمين القومي. وهناك أيضا محادثات لخفض الضرائب والرسوم العامة. في الوقت نفسه وعلى جانب العرض، تحرص الحكومة على تسريع وتيرة تنمية المصادر المحلية للطاقة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، مع قيام بنك إنجلترا المركزي بتوفير سيولة نقدية قيمتها 40 مليار جنيه استرليني لدعم موردي وموزعي الطاقة في البلاد.
ويقول العريان إن هذا التوجه ينطوي على خطورة كبيرة لأن التوسع في الاقتراض الحكومي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع قيمة العملة وكلاهما يغذي مخاطر الركود التضخمي، إضافة إلى الفشل في ضمان تحقيق نمو اقتصادي كاف بسرعة؛ ذلك أن هناك شكوك بالفعل في قدرة التخفيضات الضريبية الحالية على زيادة الطلب الاستهلاكي للأسر والإنفاق الاستثماري المستدام للشركات.
وبحسب العريان، يحدث ذلك حينما لا تتزامن إجراءات التحفيز المالي مع إصلاحات هيكلية أكثر شمولا تستهدف تعزيز النمو وزيادة إنتاجية الاقتصاد. هذا ناهيك عن أن تؤدي جهود الحكومة لاحتواء أزمة ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري على المدى القصير إلى تعقيد جهود محاربة التغير المناخي التي لم تكتسب الزخم المطلوب حتى الآن.
يتمثل الخطر الرابع في أن جهود الحكومة البريطانية الجديدة لتحقيق النمو الاقتصادي، تأتي في الوقت الذي يتباطأ فيه الاقتصاد العالمي بوتيرة أسرع مما يتوقع الكثيرون.