نشرت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية مقالًا للجنرال الأمريكي المتقاعد جيمس دوبيك، حذر فيه أوكرانيا والغرب من الانتشاء بانسحابات القوات الروسية من جبهة خاركيف واعتبارها بداية لهزيمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا.
بوتين لم يستسلم بعد
وقال دوبيك إن الأوكرانيين يحق لهم الاحتفال بالانتصارات التي حققوها في هجومهم المضاد على جبهة خاركيف بعد أشهر من الجمود وثبات القوات الروسية في مواقعها، لكن الحرب لم تنته بعد، فبوتين لم يعترف بالهزيمة بعد ولم يعلن تخليه عن تحقيق أهدافه.
وأضاف دوبيك أن تحرير إقليم خاركيف ليس سوى خطوة جزئية نحو تحقيق أهداف إدارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المتمثلة في تقرير المصير وسلامة الأراضي والسيادة السياسية، فالشمال الشرقي المحرر وحده لا يجعل أوكرانيا في موقف قوي بما يكفي للتفاوض. لا يزال يتعين على أوكرانيا إنجاز ثلاث مهام رئيسية على الأقل.
شروط انتصار أوكرانيا
فأولًا، يجب أن يتم تعزيزنجاح هجوم خاركيف المضاد، وهذا يعني مهاجمة الشرق بشكل أبطأ لتهديد خطوط الاتصال الروسية، وتطهير جيوب القوات الروسية المتبقية، الدفاع عن المناطق المحررة حديثًا ضد هجوم مضاد روسي محتمل يشمل الضربات بالطائرات والصواريخ، ويجب على القوات الأوكرانية كذلك تجديد الأفراد والمعدات المفقودة في الهجوم وإعادة عمل الحكومة الأوكرانية.
وثانيًا، يجب الاستمرار في احتواء العمليات العسكرية في منطقة دونيتسك، فمن غير المحتمل أن يتمكن الروس من الخروج من خطوطهم الدفاعية، لكن القوات الأوكرانية يجب أن تضغط وتخلق نقاط ضعف في المواقع الروسية استعدادًا لهجمات مستقبلية.
ثالثًا، يجب على حكومة زيلينسكي إيجاد طريقة للقيام في الجنوب بما فعلته في الشمال الشرقي. فهجوم القوات الأوكرانية على خيرسون في الجنوب لم يكن خدعة وحقق مكاسب مهمة، والقوات الروسية في الجنوب وكذلك في شبه جزيرة القرم نفسها قلقة. ويجب على زيلينسكي أن يهيئ الظروف للاستفادة من هذا القلق، ومن ثم هناك حاجة لأشهر من القتال بالإضافة إلى العقوبات المستمرة على روسيا والدعم اللوجستي المستمر والاستباقي من الحلفاء للنجاح في هذه المهام الثلاث.
إن النجاح في كل من هذه الأمور يزيد من احتمالية إجبار بوتين على فعل ما لن يفعله لولا ذلك؛ أي إدراك أنه هُزم في أوكرانيا. هناك بعض الدلائل على أن مزيج الفشل في "الضربة الخاطفة" وطرد قواته من شمال أوكرانيا، وكذلك التهديد بالطرد في الجنوب، يخلق ديناميكيات جديدة في روسيا، وربما حتى في عقل بوتين شخصيًا.
آخرها النووي.. خيارات بوتين لتفادي الهزيمة
إن الضغط في حرب أوكرانيا يعني المزيد من المخاطر؛ فبوتين محبط للغاية، لكنه لم يستسلم بعد، وخياراته محدودة أكثر مما كانت عليه في بداية الحرب، لكن لا تزال لديه طرق للرد، وفي مسرح العمليات يمكنه زيادة الهجمات الجوية والصاروخية، ويمكنه استغلال الشتاء كسلاح في محاولة لتقويض العزيمة الأوكرانية وتماسك الحلفاء.
ويمكن لبوتين الضغط على بيلاروسيا للمشاركة بشكل أكبر بطرق قد تهدد بولندا، ويمكنه المناورة خارج المنطقة لاستمالة إيران وكوريا الشمالية إلى صفه. وقد يكون قادرًا حتى على إقناع الصين بفعل شيء، وهذا غير مرجح ولكنه وارد. وأخيرًا يظل خيار بوتين النووي ممكنًا، وإن كان أيضًا غير مرجح.
كل هذه المخاطر تتطلب الانتباه الكامل. يجب أن يكون الحلفاء يقظين، لكن الاهتمام بالمخاطرة لا ينبغي أن يمنع الحلفاء من دعم أوكرانيا بالكامل في الضغط على بوتين. وفقط من خلال استخدام القوة العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية يجد بوتين نفسه في وضع يضطره لإنهاء الحرب.
إن كسب الحروب يعني تحقيق أهداف استراتيجية. بالنسبة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والحلفاء الآخرين، يعني النجاح فرض العقوبات العالمية ضد روسيا، والحفاظ على التحالف موحدًا وقويًا، ومساعدة أوكرانيا على هزيمة الغزو الروسي. وكما قال الأستاذ بجامعة ييل تيموثي سنايدر في مجلة فورين أفيرز الأمريكية، فإن حرب أوكرانيا "تدور حول إرساء مبادئ للقرن الحادي والعشرين". بالنسبة للأوكرانيين، يعني النجاح استعادة حكومة زيلينسكي السيطرة على مستقبل أوكرانيا؛ أي تقرير المصير والسيادة السياسية وسلامة الأراضي. وهنا تكمن مشكلة محتملة.
لقد تحدث زيلينسكي علنًا عن إعادة دونباس وشبه جزيرة القرم المحتلة إلى السيطرة الأوكرانية. وهذه أهداف معقولة، لكن هناك فارق كبير بين ما يجب عمله لإعادة الوضع إلى ما قبل الاجتياح الروسي في 24 فبراير الماضي، وما يجب عمله لإخراج روسيا من شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014.