نشر البنك الدولي أمس الخميس، تقريرًا حذر فيه من أن الاقتصاد العالمي سوف يواجه ركودًا ضخمًا العام المقبل وذلك بسبب تشديد السياسات النقدية التي تتبعها العديد من دول العالم والتي وصلت أعلى مستوى لها منذ أوائل التسعينات.
وكشف التقرير، الذي أبرزته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن العديد من دول العالم تتراجع عن سياسات الدعم النقدي والمالي بشكل متزايد وهو ما سوف يؤدي إلى تأثيرات أكبر من المتصور وذلك من حيث تعميق تباطؤ النمو العالمي وتدهور الأوضاع المالية.
ونقل التقرير عن مستثمرين توقعاتهم بأن البنوك المركزية سترفع أسعار الفائدة العالمية لنحو 4% العام المقبل، أي ضعف متوسط عام 2021، وذلك من أجل إبقاء التضخم الأساسي عند مستوى 5%. إلا أن المعدلات قد ترتفع إلى 6% إذا سعت البنوك المركزية إلى تعديل التضخم ضمن نطاقاتها المستهدفة.
التضخم لم ينحسر
في سياق متصل، حثثت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، مسؤولي البنوك المركزية في العالم على أن يواصلوا محاربة التضخم المرتفع، مشيرةً إلى أن الكثير من المحللين والخبراء أخطؤوا حينما توقعوا العام الماضي بأن التضخم سينحسر، مضيفة أن "التضخم أكبر مما كنا نظن، الأمر الذي يعني أن مسؤولي البنوك المركزية بحاجة لأن يستمروا في محاربته".
وقالت إنه في حالة أظهرت سياسات المالية العامة والسياسة النقدية أداءً جيدًا، فإن العام المقبل قد يكون أقل وطأة من الآن، لكنها ألمحت في الوقت نفسه، إلى أنه إذا كانت السياسات المالية العامة غير محددة الأهداف بدرجة كافية فإنها قد تصبح "عدو السياسة النقدية" وأنها "تغذي التضخم".
النمو العالمي
قدرت دراسة البنك الدولي أن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي سوف يتراجع في عام 2023 إلى 0.5%، وينكمش بنسبة 0.4% من حيث نصيب الفرد، بما يلبي التعريف الفني للركود العالمي، مشيرةً إلى أنه وبعد التوسع القياسي في عام 2021، فإن هذا من شأنه أن يقطع فترة الانتعاش قبل فترة طويلة من عودة النشاط الاقتصادي إلى اتجاهه السابق للوباء.
ونقلت "بلومبرج" عن رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس قوله: "يمكن لواضعي السياسات تحويل تركيزهم من خفض الاستهلاك إلى زيادة الإنتاج.. يجب أن تهدف السياسات إلى توليد استثمارات إضافية وتحسين الإنتاجية وتخصيص رأس المال، وهما أمران حاسمان للنمو والحد من الفقر".
ارتفاع تكاليف المعيشة
وجاءت دراسة البنك بعد يوم من إعلان الولايات المتحخة عن زيادة أكبر من المتوقع بأسعار المستهلكين في أغسطس الماضي، مع استمرار ارتفاع تكاليف الغذاء والإيجارات، وهو الأمر الذي وصفته جورجيفا بالمفاجئة كونها جزءًا صغيرًا من الضبابية التي يتسم بها الاقتصاد العالمي.
وفي تدوينة منفصلة، حذر صندوق النقد من أن ارتفاع أسعار النفط يدفع كل أسعار المستهلكين للصعود، وهو ما قد ينتج عنه دورة حلزونية لزيادات في الأجور والأسعار، وقال إنه ينبغي أن يكون رد مسؤولي البنوك المركزية حازما.