في خطوة غير متوقعة من الجانب الإسرائيلي، بعد مرور أربعة أشهر على اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، أعلن أفخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الاثنين، عن "وجود احتمال كبير أن يكون مقاتل في الجيش الإسرائيلي، هو من أطلق النار على الصحفية شيرين أبو عاقلة".
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن "المحكمة العسكرية رفضت فتح دعوى لعدم وجود أدلة جنائية كافية"، كاشفا أن "7 رصاصات أطلقت من أسلحة الجيش الإسرائيلي بعد سقوط شيرين على الأرض".
إسرائيل تعترف بقتل شيرين أبو عاقلة
وكشف أن "هناك احتمالا كبيرا أن تكون القوات الإسرائيلية المتواجدة في المنطقة قد أطلقت الرصاصة القاتلة ولكن ان حدث ذلك فهو بالخطأ"، مبينا أن "الجنود لم يشخصوا شيرين كصحفية".
وأضاف: "المنطقة التي كانت تتواجد بها الصحفية شيرين لم تكن مكشوفة تماما أمام القوات المتواجدة في المركبات العسكرية التي أغلقت الشارع من المنتصف"، مشيرا إلى "أننا تسلمنا الرصاصة وبتحقيق مشترك مع الجانب الأمريكي الذي أحضرها من رام الله لم نستطع مطابقتها أو التعرف على مصدرها لأنها كانت متضررة".
أفادت مصادر إعلامية مختلفة بأن إسرائيل تنوي نشر نتائج التحقيقات المتعلقة بمقتل الصحفية الفلسطينية مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة خلال الأيام المقبلة.
وبحسب المصادر فإن ذلك يأتي بعد ضغوطات مارستها الإدارة الأمريكية وأيضا بعد زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف إلى إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخير.
ومن المتوقع أن ينهي الجيش الإسرائيلي "تحقيقه العملياتي" بمقتل شيرين أبو عاقلة وأن يقوم بنشر النتائج النهائية للتحقيق.
وفي شهر يوليو الماضي قالت الولايات المتحدة إن الجيش الإسرائيلي مسؤول على الأرجح عن مقتل شيرين، لكنها لم تقتل إن ذلك جرى عمدا، في حين أعلن الجانب الفلسطيني نهاية مايو أن تحقيقه يظهر بأن الصحافية أطلق النار عليها من قبل جندي إسرائيلي "بصورة متعمدة".
بلطجة دولية وجريمة بشعة
وتعقيباً على ما كشف عنه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ، قال المحلل السياسي والمؤرخ الفلسطيني، الدكتور عبد القادر ياسين أبو جميل، إن الجريمة البشعة لاغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، في مايو الماضي في مخيم جنين، تشكل جريمة جديدة لقوات الاحتلال مكتملة الأركان، حيث تم استهدافها وزملائها على الهواء مباشر وهم يعلمون إنهم صحفيون.
وأضاف أبو جميل في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن قيام أفخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بالكشف عن قيام قوات الاحتلال باستهداف شيرين أبو عاقلة، جاء في إطار الضغوط الأمريكية ، بعد زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف إلى إسرائيل حيث أن شيرين تحمل الجنسية الأمريكية.
وأوضح أن ما يحدث يعتبر بلطجة دولية واستعراض العضلات ورسالة تهديد لكل صحفي حر يسعى لكشف الوجه القبيح للاحتلال ، مشيرا إلى إلى أنه تم إطلاق النار من الجانب الإسرائيلي، وهى جريمة تضاف إلي سلسلة الجرائم والانتهاكات التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني بما فيها الصحفيين، وذلك بهدف إسكات صوت الحقيقة التي تنقل جرائم الاحتلال.
ولفت إلى أن إسرائيل ظلت تخدع العالم وتستجدى عطفهم تحت زعم الهولوكوست، ونحن كل يوم نعيش في هولوكوست، دون أن يحرك العالم ساكناً.
وأشار المحلل السياسي والمؤرخ الفلسطيني، أن الارتباك الذي أصاب إسرائيل وقت وقوع الجريمة يوضح حجم الجريمة المرتكبة، و محاولات التشكيك حينها والتي ظلت حتى أمس الأول تهدف لتبرئة الاحتلال من هذه الجريمة، خصوصاً انها ستشكل إحراجاً مع الإدارة الأمريكية حيث تحمل هذه الصحفية الجنسية الأمريكية، حتى جاء المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ليثبت للعالم أن القاتل ينتمى لجيش الاحتلال.
إدانة شديدة من الجامعة العربية
وكانت قد أدانت العديد من الدول العربية، بأشد العبارات الجريمة البشعة باغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، في شهر مايو الماضي، في مخيم جنين، فيما دعت السفارة الأمريكية في القدس إلى إجراء تحقيق جدي.
وحملت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في بيان لها، حكومة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة التي تستدعي المساءلة الدولية وملاحقة مرتكبيها أمام جهات العدالة الدولية المختصة بكل ما تمثله من أركان كجريمة حرب وانتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي.
وأعلنت النيابة العامة الفلسطينية، حينها أنها باشرت إجراءات التحقيق في قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وإصابة الصحفي علي السمودي في مخيم جنين.
وأوضحت النيابة العامة في بيان أنها ستتابع القضية من خلال نيابة الجرائم الدولية المختصة بتوثيق الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، تمهيداً لإحالتها لمكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية.
وكان قد أصدر بيان في الضفة الغربية المحتلة أن شيرين أبو عاقلة قد قُتلت برصاص الجيش الإسرائيلي، لكن مصادر إسرائيلية تقول إن المراسلة قتلت نتيجة إطلاق نار عشوائي من قبل مسلحين فلسطينيين في مخيم جنين.
وتوفيت شيرين متأثرة بإصابات خطيرة تعرضت لها في منطقة الرأس خلال تغطيتها اقتحام قوات إسرائيلية لمخيم جنين صباح الأربعاء 16 مايو الماضي ، حسب وزارة الصحة الفلسطينية، كما أصيب الصحافي علي السمودي الذي يعمل أيضاً في القناة القطرية.
كشف ملابسات الجريمة
وكان قد كشف الصحفي الفلسطيني علي السمودي الذي رافق شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها مداهمة عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، الأربعاء، ملابسات الجريمة الصادمة ، الذي كان يعمل منتجا لشيرين، لـ "الأسوشيتدبرس"، إنهما كانا ضمن مجموعة من 7 صحفيين توجهوا لتغطية المداهمة يوم الحادث ، مشيرا إلى أنهم كانوا جميعاً يرتدون ملابس واقية تشير بوضوح إلى أنهم صحفيون، ومروا بجوار القوات الإسرائيلية حتى يراهم الجنود ويعرفون أنهم هناك.
وأضاف أن الطلقة الأولى أخطأتهم، ثم أصابته الثانية وقتلت الثالثة شيرين، مؤكدا أنه لم يكن هناك مسلحون أو مدنيون آخرون في المنطقة، إذ لم يتواجد سوى المراسلون والجيش.
وقال إن تلميح الجيش بإطلاق المسلحين الرصاص عليهم: "كذب بواح".