في الوقت الذي ينتظر فيه الاتحاد الأوروبي رد إيران الرسمي على الولايات المتحدة الأمريكية حول المسودة الأخيرة للاتفاقية النووية التي طرحتها أوروبا، تواصل إسرائيل ممارسة ضغوطًا شديدة على إدارة الرئيس جو بايدن لإفشال الاتفاق الذي وقعته إيران مع الدول الأوروبية وروسيا والولايات المتحدة عام 2015.
ومنذ أيام يقيم مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولتا في العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث التقى مسؤولين عدة هناك، قبل أن تقدم واشنطن ردها على المطالب الإيرانية بناء على مسودة الاتفاق النووي الذي قدمه الاتحاد الأوروبي، قبل أن يلحق به وزير الدفاع الأمريكي بيني جانتس، الذي وصل واشنطن للقاء مسؤولين بارزين.
وقال وزير دفاع إسرائيل قبيل مغادرته إن "الهدف من الزيارة هو إيصال رسالة واضحة بخصوص المفاوضات بين القوى وإيران وأن أي اتفاق لا يعيد إيران إلى ما كانت عليه في السابق، ولا يقيدها لسنوات عديدة قادمة سيضر بالأمن العالمي والإقليمي".
كما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن محاولة لإجراء مكالمة بين رئيس وزراء إسرائيل يائير لابيد، والرئيس الأمريكي جو بايدن، إلا أنه تم تأجيلها، وربطت تقارير إسرائيلية عدة هذا الاتصال بأنه للحدث حول التطورات في الاتفاق النووي.
ألمانيا تعرقل إسرائيل
في الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الألمانية أنها لا تشارك تل أبيب في تقييمها للاتفاق النووي الذي بدأ يتبلور، مؤكدةً أن المسودة الحالية ليست أسوأ من اتفاق 2015.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الألمانية في تصريحات لصحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، إن "الاتفاق النووي ضروري للغاية من أجل تعزيز الاستقرار الدولي، لذلك نشدد على أهمية أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق، وموقف برلين من هذا الأمر لم يتغير. نحن نعرف موقف إسرائيل ونتحاور مع الإسرائليين بشأن موقفنا الذي يرى أن الاتفاق النووي سيكون مكافأة للشرق الأوسط والإقليم كله".
وتحت عنوان "ألمانيا تعارض موقف إسرائيل: الاتفاق النووي مع إيران سيكون مساهمة في الأمن العالمي"، أشارت الصحيفة العبرية إلى أن الحكومة الألمانية أوضحت في الأيام الماضية أنها تأخذ على محمل الجد الانتقادات الإسرائيلية للاتفاق النووي الناشئة، وأن ألمانيا تشارك إسرائيل مخاوفها من التهديد النووي الإيراني.
وحسب الصحيفة، أوضح المتحدثون باسم الحكومة الألمانية أن "من الضرورة ضمان منع امتلاك إيران لسلاح نووي، والاتفاق النووي هو أفضل بديل لذلك بين جميع البدائل المقترحة".
تلميحات إيجابية
على الرغم من ذلك، كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي أن إسرائيل حصلت على "تلميحات إيجابية" من الولايات المتحدة بشأن تطوير خيار عسكري ضد إيران ونقل الموقع عن مسؤول دفاعي إسرائيلي كبير القول في بيان إن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس تلقى هذه التلميحات والإشارات من مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان حول هذه الموضوع.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن جانتس أبلغ سوليفان خلال لقائهما الجمعة في البيت الأبيض أن إسرائيل تعارض الصيغة الحالية للاتفاق النووي وأكد على الحاجة لتهديد عسكري أمريكي جدي ضد إيران.
وقال المسؤول الإسرائيلي "نشعر أن هناك مسارا لتعميق وتعزيز القدرات ضد إيران"، لافتًا إلى أن الأمريكيين يتفهمون أن هذا المسار سيقوي موقفهم وسيعطي الإيرانيين حافزا ليكونوا أكثر براغماتية بشأن الاتفاق النووي".
وأضاف المسؤول الدفاعي الإسرائيلي أنه حتى لو تم التوقيع على اتفاق نووي، فلا يزال من المهم إيجاد تهديد عسكري أميركي جدي ضد إيران لردعها عن مواصلة عدوانها في المنطقة، مشددًا على أن إسرائيل ستحتفظ بحرية التحرك ضد إيران حتى لو تم التوصل إلى اتفاق.
وقال المسؤول الإسرائيلي إن انطباع جانتس بعد لقائه مع سوليفان هو أن الصفقة لم تتم لغاية الآن وإن إسرائيل لا تزال ترى مجالا واسعا لإحداث فرق، بل ومحاولة جعل الصفقة أطول وأقوى".
وبين المسؤول أن جانتس رحب بسلسلة الضربات الجوية التي شنها الجيش الأمريكي ضد الميليشيات الموالية لإيران في سوريا مؤخرا، وقال لسوليفان إن من المهم أن تواصل الولايات المتحدة استخدام القوة ضد انشطة إيران الخبيثة في المنطقة، حتى مع استمرار المحادثات النووية.
مسألة الاحتفاظ بحرية التحرك ضد إيران أكده تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" نقلت فيه عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق عاموس يدلين قوله إنه "يمكن لإسرائيل أن تحتفظ بالحق في التصرف لأنها ليست من الموقعين على الاتفاقية، ولكي تهاجم إسرائيل إيران عليها أن تحدد لنفسها أن هذه هي اللحظة الأخيرة وأن هناك ضرورة وأن جميع استراتيجيات إيقاف إيران فشلت".
وأضاف أنه "لا بد من القدرة على التنفيذ، والمطلوب الشرعية من قبل العالم وواشنطن"، مشيرًا إلى أن احدى المعضلات التي تواجهها إسرائيل في حال إنجاز الاتفاق هو أنه قد يبعد الإيرانيين عن القنبلة، وبالتالي تنتفي شرعية العمل العسكري الإسرائيلي ضدها.
وشدد المسؤول الإسرائيلي إلى أن المهم بالنسبة لإسرائيل هو أن تتفق مع الأمريكيين حول كيفية ضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية، لافتًا إلى ضرورة اتفاقية بين واشنطن وتل أبيب، لبحث خيارات عدم عودة إيران للاتفاق، وكيفية إطالة عمر الاتفاق، وما هو الخط الأحمر الذي يجب ألا تتخطاه إيران، وكيفية مواجهة التخريب والإرهاب الإيراني في المنطقة.
عمليات في الظل
وبحسب تقارير عبرية، فإن من بين الخيارات التي قد تجد إسرائيل أنها أنسب في التعامل مع التهديد الذي تراه في إيران هو أن تنفذ إسرائيل عمليات تستهدف منشآت وأشخاص على صلة بالبرنامج النووي الإيراني، دون الإعلان بشكل مباشر عن مسؤولية إسرائيل عن مثل هذه العملية، حيث سبق أن تم اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة في طهران، وتفجير استهدف منشأة نطنز النووية الإيرانية.
ورغم محدودية تأثير مثل هذه العمليات وما تكلفه من جهد استخباري وميداني كبير، إلا أنها لا تضع التزاماً أمام إيران للرد بشكل مباشر على إسرائيل.