حياة أدبية ممتدة عاشها الروائي والقاص الكبير سمير الفيل، الذي بدأ الكتابة منذ ستينيات القرن العشرين، فقد ولد في يناير عام 1951 بمدينة دمياط، وبدأ كتابة شعر العامية لقرابة ثلاثين عامًا، قبل أن يتجه بدءًا من عام 2001 إلى السرد الروائي والقصصي فبرع فيه، وخاصة في أدب المقاومة، وتميز بغزارة إنتاجه الأدبي، حيث صدر له الكثير من الأعمال الأدبية
حصل سمير الفيل على العديد من الجوائز ومنها: جائزة الدولة التشجيعية للتفوق في الآداب في فرع القصة القصيرة عن مجموعته القصصية «جبل النرجس»، و حصل على جائزة يوسف أبو رية من اتحاد كتّاب مصر عام 2017 عن مجموعته القصصية «حمام يطير»، وجائزة ساويرس الثقافية لأفضل مجموعة قصصية عام 2020 في فرع كبار الأدباء عن مجموعته القصصية «أتوبيس خط 77».
وكان هذا الحوار مع الكاتب سمير الفيل محاولة للاقتراب أكثر من عالمه، و إيضاح رؤيته حول الواقع الثقافي خلال الوقت الراهن.
- من هم الكتاب الذين تأثرت بهم في حياتك؟
في بداية حياتي بدأت قراءة الشعر، وتأثرت بشعراء كثيرين مثل صلاح عبد الصبور، وفوزي العنتيل، ومحمود حسن إسماعيل، وعليّ محمود طه فهم من الشعراء الكلاسيكين، لكني بعد ذلك اتجهت، لكتابة القصة القصيرة، فقرأت لنجيب محفوظ، وصبري موسى، ولطيفة الزيات، وقرأت لعبدالحكيم قاسم سعيد الكفراوي، فقد تحدثوا عن حياتهم داخل القرية المصرية. و تأثرت أيضًا بالكتاب الروس، مثل ديستويفسكي بوشكين، و تأثرت أيضًا بالكاتب الإنجليزي العظيم وليام شكسبير ومسرحياته التي كتبها، وهناك كاتب آخر وهو نيكوس كازانتزاكيس، وهناك رواية جعلتنى أقف أمامها كثيرًا وهي رواية “الغريب” للكاتب ألبير كامو وهناك رواية الكاتب الجزائري التي كتبها بالفرنسية وهي "ليس على رصيف الأزهار من يجيب" و هى أخر ما كتبه مالك حداد.
وهناك أيضًا عملين مهمين جدًا في حياتي لسيد حجاب "الصياد والجنيه" وعمل آخر لعبد الرحمن الأبنودي وهو: "في الأرض والعيال".
وما هي أعمالك الروائية والقصصية خلال الفترة المقبلة؟
أنهيت مجموعتين قصصيتين معًا، وأبحث حاليًا عن دار نشر، المجموعة الأولى هي “أرصفة قديمة”، وتضم ٢١ قصة، وهناك المجموعة الأخرى، بعنوان "شارع التبليطة"، وهي مستوحاه من ذاك الشارع الموازي لكورنيش دمياط، لأني دائمًا أكتب وعيني على الواقع، فأكتب أحداث مررت بها، وأكتب عن شخصيات قابلتها فعلًا خاصةً أنني خلال النصف الأول من اليوم أجلس على إحدى المقاهي الشعبية في مدينة دمياط، وأقابل أصدقائي من الكتاب ونستعرض أعمالنا.
-أيًا من الكتاب الجدد أعجبتك كتاباتهم؟
أعجبت بدعاء البطراوي، وهبة عادل السويسي وشاب صغير اسمه يوسف عدلي، وقد حصل على جائزة من الجامعة وهو في عامه الأول، وهناك شاعر عامية ممتع اسمه يوسف عزب وكاتب صحفي قدم مجموعة قصصية اسمه محمد إبراهيم دردر، فهؤلاء يمدوني بثقة كبيرة في أن الأجيال القادمة لديها أعمال مبهرة ومشاريع خاصة وإمكانيات كبيرة.
لكن الذي أتعجب منه هو أن بعض الكتاب يقدمون أعمال كبيرة ومهمة، لكنهم ينسحبون بعدها، مثل الكاتبة منى قطب والناقدة مها الخواجة ورشا عبادة، والتي تكتب في الأدب الساخر، فهذا النوع من الكتابة مهم جدًا.
سمير الفيل: الجوائز ليست معيارا للقيمة
-هل تهتم بالجوائز الأدبية بشكل عام؟
التكريم و الجوائز شئ جميل ومهم، ولكنه في الحقيقة يخضع للجنة التحكيم، وكل لجنة تحكيم لها ذوق خاص بها واتجاهاتها الفكرية ورؤيتها الجمالية، لكني أستطيع القول أن رواية شخض ما أفضل من شخص آخر. لكن بشكل عام أحب تجربة محمد المنسي قنديل في الرواية والقصة القصيرة، وهناك جيل جديد بدأ يقدم أعمال جديدة أخرى مثل مي التلمساني وريم بسيوني، وصفاء النجار فهذا الجيل بدأ في احتلال المواقع الأولية، ولكن بحكم خبرتي أستطيع القول أنني منحاز للأدب الجميل الجاد، مهما كان كاتبه فالجوائز إشارة إلى أن شخص معين قد أقام جهد يستحق التهنئة عليه، وهي ليست معيارا للقيمة تمامًا، فليس من المفترض أن الشخص الذي حصل على جوائز، يكون عمله هو الأفضل.
سمير الفيل: أغلفة ديوان لم تلفت نظري
-لننتقل إلى سؤال آخر.. كيف تقيم أغلفة نجيب محفوظ الأخيرة والتي صدرت عن دار ديوان للنشر؟
أحب أغلفة مكتبة مصر بشكل عام، وبعدها أغلفة دار الشروق. أما أعمال دار ديوان فهي لم تلفت نظري، وقد شعرت بالحزن جدًا خاصةً عندما قدم الفنان الذي رسم أغلفة نجيب محفوظ وقال أنه قرأ أعمال نجيب بالإنجليزية، فهذا ما يتماشى مع جيل الشباب وهو بالمناسبة عنده حق، ولكنى يحق لي أن أقول أنني لم أتقبل هذه التغيرات ولم تعجبني، ولم أرتح لها مطلقًا، فقد كان نجيب محفوظ نفسه يتأمل الحياة وينظر للحياة باحترام شديد؛ لذلك كان لابد من رسم أغلفة نجيب محفوظ بمثل هذا التأمل.
-وماذا تقرأ خلال الفترة الحالية؟
أقوم حاليًأ بإعادة قراءة، "فساد الأمكنة" للكاتب صبري موسى، لأني من وقت لآخر أقوم بمراجعة أعمال قمت بقراءتها، من قبل، وصبري موسي كاتب هام وهناك كتاب آخر أقرأه حاليًا بعنوان "دفاعًا عن تاريخ المسرح المصري" وهو كتاب للكاتب لأحمد عبد الرازق أبو العلا، والكتاب يتناول مجهودات عدد من كتاب المسرح المصري ويتناول أيضًا أعمال الرقصات الأولى للمسرح الشعبي.
أما عن أفضل الكتب التي قرأتها خلال هذا العام فهو مسرحية “ابن دانيال والأمير وصال" و"جهاد الفواحش" لمحمد أبو العلا، لأنه يقدم كوميديا شعبية، كما أرشح رواية طارق إمام “ماكيت القاهرة”، ومحمد إبراهيم طه الذي له أكثر من مجموعة قصصية مهمة.
-كيف استقبلت نبأ طعن الكاتب سلمان رشدي؟
أرى أن هذه الطعنة التي سددت لـ سلمان رشدي هي نفس الطعنة، التي وجهت لنجيب محفوظ من قبل شخصين متشددين دينًيا ورأيي أن اختلاف وجهات النظر الثقافية والمعرفية، أو حتى في مجال الرواية لا يجب أن تقابل بالعنف، لكن يجب أن تواجه بالرأي الاخر، فالرواية بها جزء خيالي قائم على افتراضات و ليست جزء من الحقيقة وهذا نوع من أنواع التشدد الغير مقبول وقد يكون سلمان رشدي أساء التعبير ولكن هذه كتابة في نهاي الأمر، والكتابة لابد أن تقابل بكتابة أخرى موازية، فقد مررنا بأزمات كثيرة ومختلفة، بدءًا بمحاولة محاكمة طه حسين في كتاب "الشعر الجاهلي" مرورًا بنص حامد أبو زيد، وسعيد العشماوي فكل هؤلاء حاولوا أن يجتهدوا و قدموا أطروحات خاصة بهم وصولًا إلى الدكتور خالد منتص، فهناك رؤية للواقع والحياة، وهي رؤية معاصرة تختلف رؤى البعض، فاجتهاد الشاعر والكاتب أو الروائي، هو اجتهاد مقبول، أتذكر أنهم في إحدى المرات حاكموا حلمي سالم على جزء من قصيدة “على شرفة ليلي مراد” فالأدب والفن لا يجب أن يواجهوا بعنف، وكذلك الفن التشكيلي، لا يقابل بعنف بل يواجه برأي والحجة، فرواية سلمان رشدي مضت سنوات طويلة والناس نسوا الرواية أصلًا؛ لذلك سيتم إعادة قراءة الرواية مرة أخرى بسبب حادث الطعن الذي تعرض له مؤخرًا وسيتم طباعة ملايين النسخ من تلك الرواية.