وسط تخبط شديد بين إخوان تونس، أبدى راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، استعداده للتخلي عن رئاسة الحركة، للخروج من الأزمة الراهنة.
وبينما تعتبر أوساط تونسية أن خطوة الغنوشي واعترافه بمسؤوليته عن الأزمة خطوة متأخرة، يرى آخرون أن التسوية المطروحة ما هي إلا محاولة لإعادة تنظيم الإخوان إلى المشهد السياسي في البلاد من جديد.
مناورة للخروج الآمن من المشهد
اعتبر خبراء سياسيون أن اقتراح الغنوشي التسوية مع الدولة، مقابل تخليه عن رئاسة حركة النهضة، محاولة يائسة لإنقاذ ما تبقى من صفوف الجماعة في تونس، بعد انهيار شعبيتها، وتوقعات باستبعادها من المشاركة في العملية الانتخابية.
وفي حوار مع وكالة "الأناضول" التركية، أعرب الغنوشي استعداده للتنحي عن رئاسة النهضة "حال التقدم بتسوية للأزمة التونسية"، لكنه قال إن حركته "لن تبادر بالتنازل عن موقعها".
وكان زعيم النهضة قال في وقت سابق، إنه لا يستبعد حل حركة النهضة، أو حتى إقصاؤها من الانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر لها في ديسمبر المقبل.
واستبعد المحللون أن يستجيب الرئيس قيس سعيد لطرح الغنوشي، موضحين أن زعيم النهضة يعلم جيدا أن المشروع الإخواني فشل في تونس.
كما حذر الخبراء من ان الخطوة، تهدف لعودة حركة النهضة للمشهد السياسي، عبر عناصر ينتمون لها في الخفاء، حتى إذا تم حل الحركة.
ويواجه الغنوشي تهما في قضايا عدة، بينها جرائم غسيل أموال وتمويل الإرهاب، فضلا عن دوره فيما يعرف بـ"الجهاز السري للنهضة" المسؤول عن الاغتيالات السياسية في تونس.
وفي أغسطس الجاري، مثل الغنوشي أمام وحدة أمنية للاستماع له على خلفية شكوى قدمتها ضده إحدى النقابات الأمنية.
والشهر الماضي، أصدر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، قرارا بمنع سفر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بعد استجوابه في قضية "نماء تونس"، المتهم فيها مع رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي وأفراد من عائلتيهما بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقالت "النهضة" إن الغنوشي خضع لتحقيق بعد وصفه رجال الأمن في تونس بـ"الطواغيت"، وذلك خلال احتفالية لتأبين قيادي بالحزب في فبراير الماضي.
ودخلت تونس مرحلة حاسمة، عقب إعلان الرئيس قيس سعيد في يوليو 2021، حل البرلمان الذي تهيمن عليه الجماعة الإخواني، وبدأ خطة للإصلاح السياسي لتصحيح مسار الثورة شملت السلك القضائي وكافة مؤسسات الدولة.
وفي يوليو الماضي، أقرت تونس الدستور الجديد، في ضربة جديدة لحركة النهضة التي كانت تحشد لمقاطعته ورفضه، ومن المقرر أن تشهد البلاد انتخابات برلمانية مبكرة في 17 ديسمبر المقبل.
ومع إقرار الدستور الجديد، وجد الغنوشي حركته لا مجال لها في الساحة السياسية التونسية، مع اتجاه البلاد لتأسيس الجمهورية الجديدة، لتنهي حقبة هيمنة تيار الإسلام السياسي على صناعة القرار في البلاد.