وقوف وحيد أمام كاميرات السينما، جسدت خلاله 4 مشاهد في فيلم سلامة في خير، أودت بحياتها، إلا أنها تسببت في تغيير مجرى حياة نجيب الريحاني، هي ستونة أو أمينة ذهني، تلك العجوز التي استعان بها الريحاني في فيلمه الشهير، لتجسد شخصية أم ستوتة، لتدفع ثمن نجاحها عمرها كله.
عجوز عفيفة النفس
كان نجيب الريحاني يسكن في أحد شوارع باب الشعرية، وكانت “أمينة ذهني” تسكن في غرفة صغيرة مع ابنتها بعد أن رحل زوجها تاركا لها طفلة صغيرة، وكانت أمينة أو ستونة بائعة خضار.
كان الريحاني كلما مر بها يداعبها، خاصة أنها كانت خفيفة الظل رغم عمرها الكبير، وكلما حاول منحها بعض المال؛ ترفض وتبكي وأخبره أنها ليست متسولة، وتحب أن تكسب مالها من عملها، وكانت فقط توصيه برعاية ابنتها في حال وفاتها.
حيلة الريحاني لمساعدة ستونة
ذات يوم في عام 1937، وأثناء التحضير لفيلم"سلامة في خير" تأليف بديع خيري، خطرت فكرة للريحاني يساعد بها ستونة، حيث طلب من بديع خيري كتابة دور صغير لستونة، تظهر فيه بدور والدة فردوس محمد، وحماة نجيب الريحاني، وقرر أن تظهر بنفس الاسم المعروفة به في حي باب الشعرية.
رغم اعتراض بديع خيري في البداية، إلا أنه وافق بعدما شاهد ستونة في الحقيقة، ولمس فيها خفة الظل، وبالفعل كتب لها ٤ مشاهد.
كوميدية من طراز فريد
عرض الريحاني على ستونة التمثيل معه في فيلم «سلامة في خير»، فوافقت على الفور، وأعطى لها دور الحماة، الذي لم يكن بالسيناريو من الأساس.
بدأت ستونة تصوير مشاهدها، وملأت الكواليس كوميديا، وكانت تنظر كثيرا للكاميرا وتشرب سجائر، وكانت المشاهد تصور كما هي دون إعادة، بناء على طلب الريحاني، وكان لدورها تأثيرا على مجرى أحداث الفيلم ولاقت نجاحا كبيرا.
اختفاء ستونة بعد الحصول على أجر ممثل ثان
عقب انتهاء مشاهد ستونة، منحها الريحاني 50 جنيها، وكان وقتها يمنح للممثل الثاني في الفيلم، ولم تصدق أمينة ذهني نفسها في هذا الوقت.
ولأن الريحاني كان لديه تصوير في الاستوديو، أوقف لها تاكسي وطلب من السائق توصيلها للمنزل.
في اليوم التالي، فوجئ نجيب الريحاني بابنة ستونة تسأله عنها، خاصة أنها لم تعد للمنزل، واختفت تماما، وكان اختفاؤها أحد الألغاز التي فشل البوليس وقتها في حله.
الريحاني ينفذ وصية بائعة الخضار
عمل نجيب الريحاني على تنفيذ وصية أمينة، وتكفل بابنتها حتى تزوجت وسافرت إلى ألمانيا.
ظل نجيب الريحاني يحلم بأمينة كل ليلة وهي تبكي في المنام، إلى أن ظهرت الحقيقة، وظهرت له مرة أخرى في المنام وكانت ترتدي ملابس بيضاء ثم طارت في السماء، ومنذ هذه اللحظة لم يحلم بها مرة ثانية، وقام نجيب الريحاني بكتابة قصته معها في مذكراته وفقًا لما رواه لمجلة الكواكب.
حكم بالإعدام يكشف سر اختفاء ستونة
بعد مرور 27 عاما على اختفاء ستونة، حُكم على أحد البلطجية بالإعدام بتهمة قتل صديق له، وفي أثناء التحقيقات اعترف بقتل سيدة عجوز وذلك أثناء ركوبها معه التاكسي من أمام استديو في وسط البلد.
وقال إنه شاهدها في مرآة السيارة وهي تقوم بعد مبلغ مالي كبير، وقرر الانحراف بالسيارة إلى الصحراء، وتوقف فجأة وأخبرها أن السيارة تعطلت، وعليها أن تجد وسيلة مواصلات أخرى، وبادرها بضربة على رأسها وخنقها وألقاها من فوق الجبل.
وتابع السائق، أنه بعد الحادث بـ10 أيام، قرر الذهاب إلى مكان الحادث فلم يجد سوى ملابسها فقط، حيث أكلتها الذئاب والكلاب بالصحراء.